مجلس الأمن يصادق على الهدنة السورية.. وأوباما يناقش خيارات الخطة «ب»

الرئيس الأميركي أبدى شكوكه في تنفيذ وقف النار * مسؤول بـ«البيت الأبيض» لـ«الشرق الأوسط»: البديل زيادة القوات وحظر جوي

مقاتلان من مجموعة فيلق الرحمن الإسلامية يراقبان أمس تحركات عناصر النظام في مدينة عربين في الغوطة الشرقية بريف دمشق (أ.ف.ب)
مقاتلان من مجموعة فيلق الرحمن الإسلامية يراقبان أمس تحركات عناصر النظام في مدينة عربين في الغوطة الشرقية بريف دمشق (أ.ف.ب)
TT

مجلس الأمن يصادق على الهدنة السورية.. وأوباما يناقش خيارات الخطة «ب»

مقاتلان من مجموعة فيلق الرحمن الإسلامية يراقبان أمس تحركات عناصر النظام في مدينة عربين في الغوطة الشرقية بريف دمشق (أ.ف.ب)
مقاتلان من مجموعة فيلق الرحمن الإسلامية يراقبان أمس تحركات عناصر النظام في مدينة عربين في الغوطة الشرقية بريف دمشق (أ.ف.ب)

صادق مجلس الأمن الدولي بالإجماع مساء أمس على مشروع قرار يرحب بوقف الأعمال القتالية في سوريا، ويطالب كافة أطراف الاتفاق بالوفاء بتعهداتها من أجل وقف القتال.
وجاء في القرار: «مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.. يرحب بوقف الأعمال القتالية كخطوة نحو وقف إطلاق نار دائم، ويؤكد الربط الوثيق بين وقف إطلاق النار وعملية سياسية موازية».
أكدت الإدارة الأميركية أنها ستبذل أقصى ما في وسعها لضمان نجاح تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية في سوريا، وكررت مطالبتها لكافة الأطراف بإنهاء الهجمات والقصف الجوي والسماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى المناطق الواقعة تحت الحصار.
وفي الوقت نفسه كرر الرئيس الأميركي شكوكه في التزام الأطراف المعنية بوقف الأعمال العدائية واستبعد حدوث وقف للقتال، بل أكد يقينه أن القتال سيستمر رغم الاتفاق المبرم بين الولايات المتحدة وروسيا الأسبوع الماضي. وأشار الرئيس الأميركي إلى أن رحيل الأسد عن السلطة هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة السورية.
وأشار مسؤول أميركي بالبيت الأبيض لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الرئيس أوباما عقد عدة مناقشات داخلية بشأن الخيارات المتاحة في حال فشل اتفاق وقف إطلاق النار ووقف الأعمال العدائية، وأشار إلى أن الخيارات تنوعت ما بين إمكانية زيادة قوات الكوماندوز الأميركية «القوات الخاصة» على الأرض في سوريا، إلى خيارات لتدريب وزيادة المساعدات للقوات المحلية في سوريا، والاستعانة بالمساعدات من دول أخرى في تقديم الأسلحة والمساعدات اللوجستية إلى خيارات إقامة منطقة حظر جوي أو منطقة آمنة للاجئين لمنع النظام السوري والضربات الجوية السورية من استهداف المدنيين في سوريا.
وأشار المسؤول الأميركي إلى أن الخيارات ما زالت على الطاولة فيما سمي الخطة «ب»، وأن المسؤولين في الإدارة يناقشون الكثير من المسارات لكن لم يتم الاتفاق أو تقرير أحد تلك الخيارات بعد. وأوضح المسؤول أن المسؤولين بالإدارة ومسؤولي الأمن القومي يشعرون أن خيار إقامة منطقة حظر جوي سيكون مكلفا للغاية ويشمل خطوات عسكرية معقدة ومكلفة.
وفي أعقاب اجتماع عقده الرئيس أوباما مع مسؤولي الأمن القومي والبنتاغون مساء أول من أمس بمقر الخارجية الأميركية (شارك فيه وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ووزير الدفاع أشتون كارتر، وكبار مسؤولي البنتاغون والبيت الأبيض) أبدى أوباما مرة أخرى شكوكه في عدم الالتزام باتفاق وقف الأعمال العدائية في سوريا، وقال: «لا أحد منا تحت أي وهم، وندرك العراقيل المحتملة، وهناك الكثير من الأسباب التي تدفعنا للتشكك، لكن التاريخ سيحكم علينا بقسوة إذا لم نقم بدورنا في محاولة إنهاء هذا الصراع الرهيب دبلوماسيا».
وأضاف: «حتى في أفضل الظروف فإننا لا نتوقع أن يتم وقف فوري للعنف، وفي الواقع أعتقد أننا على يقين أن القتال سيستمر جزئيا ليس فقط بسبب داعش لكن بسبب تنظيمات مثل جبهة النصرة التي ليست جزءا من أي مفاوضات وتعد مجموعة معادية للولايات المتحدة وستستمر في القتال».
وشدد الرئيس الأميركي على أنه إذا تم تنفيذ الاتفاق ووقف العنف فإنه سيؤدي إلى توفير المساعدات للسوريين وإنقاذ حياة الكثيرين ويمكن أن يؤدي إلى مفاوضات على تسوية سياسية لإنهاء الحرب والتركيز على قتال وتدمير تنظيم داعش. وقال: «الجميع يدرك ما يجب القيام به، وكل الأطراف المشاركة في الاتفاق عليها وقف الهجمات، بما في ذلك القصف الجوي والسماح لدخول المساعدات الإنسانية، والكثير من الأمور ستعتمد على ما إذا كان النظام السوري وروسيا وحلفاؤها سيرقون إلى مستوى الامتثال لالتزاماتها، والأيام المقبلة ستكون حاسمة والعالم سوف يراقب الوضع».
وأشار أوباما إلى أن تنفيذ وقف الأعمال العدائية سيكون اختبارا لمدى التزام الأطراف بالمفاوضات والعملية التي تم التوصل إليها في اتفاقات فيينا والتحول نحو إقامة حكومة أكثر شمولية ووضع دستور جديد وإجراء انتخابات حرة، وقال أوباما «سأقولها مرة أخرى، أنا واثق أن مستقبل سوريا لا يمكن أن يتضمن بشار الأسد، وكان واضحا أنه بعد سنوات من الحرب البربرية ضد شعبه بما في ذلك التعذيب والبراميل المتفجرة والحصار والتجويع فإن السوريين لن يوقفوا القتال إلا إذا رحل الأسد عن السلطة ولا يوجد بديل لإقامة حكومة انتقالية بعيدا عن الأسد، وهي الطريقة الوحيدة لإنهاء الحرب الأهلية وتوحيد السوريين ضد الإرهابيين».
ولمح أوباما إلى خلافات بين بلاده وروسيا وقال: «لا يزال هناك خلاف كبير بيننا وبين الروس وبيننا وبين الإيرانيين وبيننا وبين لاعبين آخرين على الأرض، والسؤال سيكون ما إذا كان وقف الأعمال العدائية سيعطي الأطراف المعنية فرصة للتفكير وتقييم الواقع، وهناك حاجة ليتسنى لنا أن نرى نهاية للقتال في سوريا».
وقال أوباما «الحرب في سوريا ليست فقط حربا أهلية لكنها حرب بالوكالة بين القوى الإقليمية وتعكس خلافات طائفية وسياسية عميقة، وقد أدى التدخل الروسي وضرباته الجوية لمساندة نظام الأسد إلى جعل الكارثة الإنسانية أسوأ».
من جانبه، قال روب مالي كبير مستشاري الرئيس أوباما لمنطقة الشرق الأوسط في تصريحات تلفزيونية إن الولايات المتحدة تبذل كل ما في وسعها للمساعدة على إنهاء الصراع السوري المستمر منذ خمس سنوات. وقال مالي «أعتقد هناك مليون سبب تدعونا لعدم التفاؤل، وخلال خمس سنوات انهارت الآمال ولهذا لدينا دافع لبذل كل ما في وسعنا» وأضاف: «هناك الكثير من الأسباب التي تدفع إلى الاعتقاد أن الاتفاق لن يتم الالتزام به أكثر من الأسباب التي تدفع للاعتقاد أن الاتفاق سيتم احترامه، لكن علينا بذل كل ما في وسعنا، وإذا كان الآخرون ليسوا على استعداد للقيام بدورهم، فإن الهدنة ستنهار لكننا سنكون قد بذلنا كل جهدنا لتحقيق وقف القتال».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.