وزير العدل المغربي يكشف عن ارتفاع حالات الفساد في منظومة العدالة

الرميد قال إن الشكاوى ضد القضاة بلغت 729 خلال العام الماضي

مصطفى الرميد خلال اللقاء الصحافي الذي عقده أمس في الرباط لعرض حصيلة إصلاح منظومة العدالة (تصوير: مصطفى حبيس)
مصطفى الرميد خلال اللقاء الصحافي الذي عقده أمس في الرباط لعرض حصيلة إصلاح منظومة العدالة (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

وزير العدل المغربي يكشف عن ارتفاع حالات الفساد في منظومة العدالة

مصطفى الرميد خلال اللقاء الصحافي الذي عقده أمس في الرباط لعرض حصيلة إصلاح منظومة العدالة (تصوير: مصطفى حبيس)
مصطفى الرميد خلال اللقاء الصحافي الذي عقده أمس في الرباط لعرض حصيلة إصلاح منظومة العدالة (تصوير: مصطفى حبيس)

كشف مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات المغربي، أمس أن عدد شكاوى الفساد الموجهة ضد القضاة وموظفي كتابة الضبط بلغ 729 شكوى خلال العام الماضي، أحيلت منها 489 شكوى إلى الجهات المختصة، فيما جرى البت في 229 شكوى من قبل المفتشية العامة للوزارة.
وأكد الرميد الذي كان يتحدث في لقاء صحافي، عقده أمس في الرباط لعرض حصيلة إصلاح منظومة العدالة، أنه جرى عزل 29 قاضيا منذ بدء الإصلاح في 2012، وإقصاء 33 قاضيا عن العمل بشكل مؤقت، إلى جانب عقوبات التوبيخ والإنذار التي تلقاها قضاة آخرون.
وبشأن صلاحية تتبع ثروة القضاة وإلزامية تصريحهم بالممتلكات، التي أقرها القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والقانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، اللذين صادق عليهما البرلمان قبل أسبوع، قال الرميد المنتمي لحزب العدالة والتنمية، إنه «لا يوجد قاضٍ واحد لم يتم البحث في مصدر ثروته، وكل من عجز عن إثبات مداخله كان مصيره العزل والإحالة التلقائية إلى التقاعد»، مشيرا إلى أنه «بقدر ما يوجد قضاة نزهاء يوجد قضاة مرتشون». وسرد الرميد خلال الندوة، التي حضرها رئيس الحكومة، الإجراءات الكثيرة التي جرى اتخاذها لإصلاح العدالة في البلاد، والذي يعد أكبر مشروع إصلاح تنجزه الحكومة الحالية، بتوجيه مباشر من العاهل المغربي الملك محمد السادس. وقال في مجال تخليق الحياة العامة والحد من الفساد، إنه جرى تشديد العقوبة على الموظفين في المؤسسات العامة في جرائم الرشوة، وإقرار مسؤولية القاضي والموظف عن الإهمال الخطير الصادر عنهما، والذي يؤدي إلى ارتكاب جرائم اختلاس الأموال. كما جرى تجريم الإثراء غير المشروع الذي يعاقب عليه بالسجن من سنة إلى 5 سنوات.
وردًا على ما يشاع من تقاعس وزارة العدل في إحالة قضايا الفساد على النيابة العامة، شدد وزير العدل على أنه يحيل كل التقارير المتعلقة بالفساد التي ترد عليه من المجلس الأعلى للحسابات (محكمة مالية)، أو على اللجنة المركزية لمحاربة الرشوة، أو من الوزراء ونواب البرلمان، ومن الجمعيات والمواطنين، موضحا في هذا السياق أن عدد قضايا الرشوة عرف ارتفاعا خلال العشر سنوات الماضية، حيث سجل خلال عام 2014 ما مجموعه 13 ألفا و740 قضية، فيما بلغ عدد المتابعين 13 ألفا و747 شخصا.
بيد أن الرميد أقر بوجود صعوبات تعترض عمل الشرطة القضائية للبث في قضايا الجرائم المالية والاقتصادية، وأعلن بهذا الصدد أنه يجري البحث حول إمكانية إحالة المخالفات ذات الطابع الجنائي التي يكشفها قضاة المجلس الأعلى للحسابات مباشرة على النيابة العامة، بدل إحالتها إلى وزارة العدل وبحثها من قبل الشرطة القضائية، كما أنه من المقرر إحداث فرق جهوية للشرطة القضائية متخصصة في الجرائم المالية والاقتصادية.
ولخص وزير العدل «الإصلاح المطلوب من قبل المواطن، الذي يطمح إليه المستثمر وتسعى إليه الدولة، بأنه هو إصدار أحكام عادلة في أجل معقول وقابلة التنفيذ»، ووصف المصادقة على القانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة بأنه تطور ديمقراطي غير مسبوق، وهيكلة جديدة للدولة.
ومنذ تقلده هذا المنصب وضع الرميد إحدى أولوياته إصلاح بنايات المحاكم، وفي هذا الصدد كشف الوزير أنه يوجد في المغرب 88 محكمة جيدة، و70 متوسطة، و148 محكمة غير لائقة، ووعد بتشييد قصر عدالة في الرباط يليق بها، وفي مدن أخرى مثل فاس ووجدة، على أن تصبح كل المحاكم المغربية لائقة في أفق عام 2018. وخلافا لمعظم الوزراء الذين يشتكون من ضعف الموارد المالية المخصصة لوزاراتهم، قال الرميد إن وزارته تتوفر على موارد مالية كافية لاستكمال مشاريع الإصلاح.
من جانبه، أثنى ابن كيران كثيرا على الإصلاح الذي أنجزه الرميد في قطاع العدل، وقال إنه يطلب من الملك محمد السادس أن يستمر الرميد على رأس الوزارة لخمس سنوات أخرى حتى وإن لم يكن هو رئيس الحكومة المقبلة. كما نوه ابن كيران بدور القضاة ومكانتهم المؤثرة، واعتذر لهم عن حجم الرواتب التي يتقاضونها رغم الزيادات الأخيرة التي أقرتها حكومته، والتي كانت عير كافية بنظره بسبب ضعف الموارد المالية، وقال في هذا السياق إنه «لا يعقل أن يتقاضى قاضٍ راتبا أقل من نائب في البرلمان».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.