قيادات شيعية تعطل صيانة سد الموصل واستمرار المفاوضات بشأن قوات الحماية الإيطالية

رفضت استقدام 450 إيطاليًا لحماية الشركة المنفذة

أحد أفراد البيشمركة يتولى الحراسة بالقرب من سد الموصل (رويترز)
أحد أفراد البيشمركة يتولى الحراسة بالقرب من سد الموصل (رويترز)
TT

قيادات شيعية تعطل صيانة سد الموصل واستمرار المفاوضات بشأن قوات الحماية الإيطالية

أحد أفراد البيشمركة يتولى الحراسة بالقرب من سد الموصل (رويترز)
أحد أفراد البيشمركة يتولى الحراسة بالقرب من سد الموصل (رويترز)

قال مصدر عراقي مطلع إن قيادات شيعية رفضت استعانة الشركة الإيطالية المنفذة لصيانة وترميم سد الموصل من الاستعانة بقوات حماية من نفس الجنسية قوامها 450 جنديًا. وتحجج القياديون حسب حديث المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن ذلك سيفتح الباب أمام شركات أخرى لطلب استضافة جنود من دولهم.
وفي تفاصيل مرتبطة قال في حديثه إن من بين الشروط التي وضعها البنك الدولي أثناء المفاوضات الخاصة بمنح العراق قرضًا قدره مليار وثلاثمائة مليون دولار أميركي للعراق هو جعل مبلغ الثلاثمائة مليون دولار خاصة لحماية سد الموصل من الانهيار في وقت لم يعد فيه ممكنًا نصب جسور عائمة حاليا لنقل القوات بسبب زيادة الإطلاقات المائية مع بدء موسم الفيضان.
وقال المصدر إن معركة الموصل سوف تتأخر بعض الوقت حتى في حال اكتمال التحضيرات العسكرية واللوجيستية لها وذلك بسبب زيادة الإطلاقات في نهر دجلة إلى نحو 3 أمتار عن المعدل الطبيعي وإن هذه الزيادة سوف تستمر بالصعود إلى نحو 6 أمتار حتى شهر أبريل (نيسان) القادم بحيث ينخفض مستوى الماء من 316 مترًا إلى 299 مترًا وهو الحد الأدنى الممكن من أجل أن يكون السد تحت السيطرة وكذلك تمكين الشركة الإيطالية التي رست عليها عملية حماية السد وتحصينه مباشرة عملها.
وردًا على سؤال بشأن علاقة زيادة الإطلاقات المائية الإضافية مع معركة الموصل قال: «القوات العسكرية لا تستطيع نصب جسور عائمة لنقل المعدات إلى الضفة الثانية من نهر دجلة بسبب زيادة الإطلاقات المائية الاستثنائية وهي معدات ضرورية لمعركة نينوى الكبرى لأن المخطط هو ليس فقط مدينة الموصل بل إخراج تنظيم داعش من كل محافظة نينوى». وبشأن ملابسات العقد مع الشركة الإيطالية التي رست عليها عملية صيانة وتأهيل سد الموصل قال المصدر المطلع إن «الاهتمام الدولي بسد الموصل تعدى المخاوف العراقية حيث كان للجانب الأميركي دور كبير في هذا المجال وكذلك في مجال منح البنك الدولي قرضًا للعراق بمبلغ قدره مليار وثلاثمائة مليون دولار أميركي اشترط البنك أن يكون مبلغ الثلاثمائة مليون دولار من أجل حماية السد الذي أحيل العقد الخاص به إلى شركة تريفي الإيطالية» موضحًا أن الضجة الخاصة بالسد قد خفتت بعد إحالة العقد من قبل الحكومة العراقية إلى هذه الشركة التي لم تباشر عملها بعد بسبب بروز مشكلة سياسية تتعلق بقوات الحماية الخاصة بها.
وأضاف مسهبًا بقوله: «الحكومة الإيطالية تريد إناطة مهمة حماية السد إلى الجيش الإيطالي حيث قررت إرسال قوات حماية عددها نحو 450 جنديا وهو ما أعلنت رفضها له قوى شيعية نافذة أكدت لرئيس الوزراء حيدر العبادي أن وصول قوات إيطالية وهي تنتمي إلى حلف الناتو لحماية السد هو خط أحمر، لأن من شأن ذلك قد يفتح الباب أمام أية شركة أجنبية تتولى تنفيذ عقد في العراق أن تطلب حماية من قوات بلدانها وهو ما يعني تعريض سيادة العراق إلى الخطر». وبشأن الطريقة التي سوف يتم بموجبها حل هذه الإشكالية في وقت يجري الحديث فيه عن المخاطر التي تواجه سد الموصل قال المصدر المطلع إن «الاتجاه هو أن تتولى شركة حماية أمنية هذه المهمة علمًا أن أفراد هذه الحماية هم من الجنود الإيطاليين ولكنهم لن يأتوا بصيغة جنود».
من جهته، أكد المستشار السابق في وزارة الموارد المائية والخبير العراقي المعروف في مجال المياه عوني ذياب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «عملية الإطلاقات الماسية من السد في هذه الفترة وبالذات بدأ من الأول من شهر مارس (آذار) المقبل طبيعية من أجل مواجهة موسم الفيضانات بحيث أن المعدل الطبيعي يجب أن لا يقل عن 305 أمتار ليكون تحت السيطرة بالإضافة إلى زيادة كمية المياه في الأهوار وكذلك شط العرب لمعالجة مشكلة الملوحة». وبشأن العقد الذي أبرم مع الشركة الإيطالية وما إذا كان تعبيرًا عن مخاطر حقيقية قال ذياب إن «من غير الممكن التهوين من المخاطر المحيطة بالسد لكن في الوقت نفسه فإن هناك مبالغة في الأمر لأن المشكلة تتعلق بالتأسيس منذ البداية حيث كانت التوصية من قبل الاستشاري السويدي أن تستمر عمليات الحقن بالإسمنت وهي عملية لم تتوقف حتى اللحظة» مبينًا أن «الشركة الإيطالية التي لم تبدأ عملها بعد سوف تعمل على إدخال التقنيات الجديدة في عالم السدود وهو ما سوف يساعد على توفير أقصى ما يمكن من حماية له».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».