لم تهدأ العاصفة التي تضرب لبنان على خلفية قرار المملكة العربية السعودية ودول الخليج إعادة النظر بعلاقاتها معه على خلفية مواقفه الأخيرة التي قالت إنّها «خارجة عن الإجماع العربي»، إذ دخل أكثر من وسيط على الخط بمحاولة لوقف تدهور هذه العلاقات، فيما يستعد وفد حكومي لبناني برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام للقيام بجولة خليجية لتوضيح الموقف الرسمي للدولة اللبنانية بمسعى لرأب الصدع.
وأبلغ السفير الفرنسي في بيروت إيمانويل بون الرئيس سلام بأن باريس في «حوار مع السلطات السعودية من جهة ومع السلطات اللبنانية من جهة أخرى، للوصول إلى الهدف الذي نعمل عليه والذي يهم الجميع، ألا وهو حماية لبنان وتنفيذ برنامج تجهيز الجيش اللبناني». وقال بون للصحافيين بعد اجتماعه برئيس الحكومة اللبنانية إنّه أجرى معه «تقييما للوضع السياسي والوضع في المنطقة، وبشكل خاص ضرورة حماية لبنان وضمان أمنه واستقراره في ظل الظروف الصعبة»، لافتًا إلى أن البحث تناول «مسألة تأمين تجهيزات للجيش اللبناني، وأبلغت الرئيس سلام وقوف فرنسا المستمر إلى جانب لبنان لحمايته من نتائج الصراعات في المنطقة، وجميعنا لدينا فائدة استراتيجية من الاستقرار في لبنان». وأضاف: «كما ذكرته بأن برنامج تجهيز الجيش اللبناني الذي قررت فرنسا تنفيذه مع المملكة العربية السعودية لديه هدف محدد هو تجهيز الجيش اللبناني بهدف تأكيد تأمين أمن لبنان واستقراره بكل استقلالية».
وبالتزامن مع المسعى الفرنسي، قالت مصادر رئاسة الحكومة اللبنانية لـ«الشرق الأوسط» إن «الاستعدادات بدأت لإرسال وفد حكومي لبناني يرأسه الرئيس سلام يقوم بجولة على دول الخليج وأولها المملكة العربية السعودية لتوضيح وجهة النظر اللبنانية الرسمية ومحاولة رأب الصدع». وأضافت: «حاليا هناك قنوات تواصل مفتوحة مع هذه الدول لتحديد إمكانية القيام بالجولة وكيفية التعامل مع الموضوع ليتم بعدها تحديد أعضاء الوفد الحكومي». وأشارت المصادر إلى أن الحكومة «تخطت أزمة الاستقالة»، لافتة إلى أن «الظروف كانت مهيأة لهذا السيناريو في اليومين الماضيين إلا أن كل الفرقاء أظهروا حرصًا على استمرار العمل الحكومي من خلال بذلهم جهودًا حثيثة لإيجاد مخارج ملائمة للأزمة».
ولكن لا يبدو أن خيار الاستقالة من الحكومة، وخصوصا بما يتعلق بوزراء قوى 14 آذار ولّى إلى غير رجعة، إذ لفت ما كشفه بالأمس وزير الداخلية نهاد المشنوق عن أنّه طرح في اجتماع عقد في الرياض قبل عودة رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري إلى بيروت «الاستقالة من الحكومة والخروج من الحوار»، لافتًا إلى أن «توجيهات الرئيس الحريري كانت ألا نقوم بأي خطوة تحرج الرئيس بري ووليد جنبلاط، ولاحقًا طلب منا تأجيل الخطوات، أنا والصديق الوزير ريفي وهذا ما حدث».
وفي السياق عينه، اعتبر رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل أن «أفضل وأسرع طريقة للتخلص من الحكومة العاجزة انتخاب رئيس للجمهورية موزون ومتوازن ويدافع عن مصالح لبنان». وعلى الرغم من أنّه غير ممثل في هذه الحكومة، إلا أن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع حثّ على استقالتها، معتبرًا في مؤتمر صحافي أنّه «من الأفضل أن تستقيل الحكومة على أن تغطي هذا الوضع الحالي في حال عدم حل الأزمة». وفيما وصف جعجع بيان مجلس الوزراء الأخير الذي تناول أزمة العلاقة مع المملكة العربية السعودية بأنه «شعر بشعر»، أشار إلى أن «الأزمة في مكان والبيان في مكان آخر، وبالتالي يجب وضع الإصبع على الجرح وليس في أماكن أخرى، باعتبار أن جوهر مشكلتنا الخارجية في الوقت الحاضر مشكلة استراتيجية».
وإذ شدد على أن «الأزمة الحالية تكمن في أن أصدقاءنا في «حزب الله» يخوضون معارك عسكرية في سوريا، والعراق، والبحرين، واليمن، في مواجهة سياسة «طويلة عريضة» تعتمدها السعودية مما يؤثر على لبنان»، أكد أن «المشكلة لا تحل ببيان وزاري، والوضع الداخلي من سيئ إلى أسوأ ولا سيما أن هناك من يصادر قرار الدولة». ونبّه جعجع الحكومة إلى أنّه وفي حال عدم الطلب من حزب الله «الانسحاب من المواجهات العسكرية التي يخوضها في الدول العربية كافة، فإن الأزمة ستتفاقم». وأضاف: «يجب أن يذهب 15 وزيرا إلى السعودية لشرح وضع لبنان، فضلا عن ضرورة إعطاء الوقت اللازم لمجلس الوزراء للتوافق على الموقف الرسمي».
فرنسا على خط الوساطة.. وحكومة سلام تستطلع إمكانية القيام بـ«الجولة الخليجية» للتهدئة
مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط»: الحكومة تخطت أزمة الاستقالة
فرنسا على خط الوساطة.. وحكومة سلام تستطلع إمكانية القيام بـ«الجولة الخليجية» للتهدئة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة