مصادر أوروبية: الاتفاق اختبار لمصداقية واشنطن وموسكو في التأثير على الأطراف السورية

قالت لـ«الشرق الأوسط» إن اللافت خفوت الصوت الإيراني رغم تشاور موسكو مع طهران

مصادر أوروبية: الاتفاق اختبار لمصداقية واشنطن وموسكو في التأثير على الأطراف السورية
TT

مصادر أوروبية: الاتفاق اختبار لمصداقية واشنطن وموسكو في التأثير على الأطراف السورية

مصادر أوروبية: الاتفاق اختبار لمصداقية واشنطن وموسكو في التأثير على الأطراف السورية

أربعة تحديات رئيسية تواجه الاتفاق الأميركي الروسي الداعي لوقف الأعمال العدائية في سوريا ابتداء من ليل السبت - الأحد المقبل، وفق مصادر أوروبية تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، أمس، في باريس بعد الإعلان من واشنطن وموسكو عن التوصل للاتفاق ونشر بنوده والملحق التفصيلي التابع له. وبالمقابل، فإنها ترى أن حظوظ الاتفاق الجديد في أن يرى النور «أعلى من الاتفاقات السابقة»، التي أخفقت جميعها، منذ أربعة أعوام، في وضع حد لدورة القتال بسبب غياب «الالتزام الحقيقي» من أطراف الداخل والأطراف الخارجية في الدفع لاحترامها.
تقول المصادر الغربية إن التحدي الأول للاتفاق المهم بنفسه أن «يفتح الباب للعودة إلى المفاوضات في جنيف» التي علقها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا بسبب غياب الشروط الضرورية لانطلاقتها. والحال، أن الأيام الخمسة التي سعى خلالها دي ميستورا لحمل الطرفين على بدء المفاوضات غير المباشرة اصطدمت بالشروط والشروط المضادة التي فشل في التوفيق بينها. وجاءت الحملة العسكرية الجوية والبرية على مدينة حلب ومنطقتها التي قامت بها قوات النظام والقوات الجوية الروسية لتجهض جهود المبعوث الدولي.
أما اليوم، فإن الكثير من شروط المعارضة المنصوص عليها في القرار الدولي رقم 2254 قد تحققت (إيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة)، أو يُفترض أن تتحقق (وقف القصف الجوي والمدفعي وخلافه)، قبل العودة إلى جنيف. ولذا، تعتبر المصادر الغربية أن أهمية الاتفاق، في حال تم الالتزام به، أنه، نظريًا، يفتح الباب للمسار السياسي الدبلوماسي. أما إذا اعترضته عوائق وبقي الباب المذكور موصدًا لأكثر من سبب، فإنه سيلحق بما سبقه من اتفاقات فاشلة عرفتها الحرب السورية في السنوات الأربع الماضية.
بيد أنه قبل الوصول إلى هذه المرحلة، ترى المصادر الأوروبية أن الاتفاق سيجتاز «امتحانًا صعبًا»، التحدي الثاني الذي يتمثل في الانتقال من وقف الأعمال العدائية أو القتالية إلى وقف لإطلاق النار، ومن ثم التوصل إلى هدنة بالمعنى الكامل للكلمة. وهذا الانتقال بذاته مربوط بمدى التزام الأطراف بتنفيذه بـ«حسن نية»، بحسب ما جاء على لسان وزيري خارجية بريطانيا فيليب هاموند، وفرنسا جان مارك أيرولت. وقال الأخير إن باريس ستكون «بالغة اليقظة» لجهة تنفيذ الاتفاق، مما يعني أن ثمة شكوكًا تساور العواصم الغربية إزاء الالتزام الأمين بالعمل جديا بموجب فقرات الاتفاق.
لكن المصادر الغربية تنظر بـ«إيجابية»، لكون الاتفاق ينص على قيام آليات مراقبة أميركية روسية تشمل كذلك الأطراف الممثلة في «مجموعة الدعم» لسوريا. فضلاً عن ذلك، فإنها تعتبر أن واشنطن وموسكو «تضعان مصداقيتهما على المحك»، وبالتالي لديهما مصلحة عليا في أن يحترم الاتفاق الذي ما كان ليرى النور من غير الاتصالات المتواصلة بين الطرفين المعنيين، بحيث تبين مرة أخرى أن تفاهمهما هو القادر على «تحريك الوضع وإيجاد دينامية سياسية حقيقية». وفي مرحلة أولى، يفترض أن يسري وقف الأعمال القتالية، بحسب رئيس الهيئة العليا للمعارضة السورية خالد خوجة، لمدة أسبوعين قابلين للتجديد في حال تم العمل بالاتفاق.
لا تتوقع المصادر الغربية أن يمر الاتفاق من غير صعوبات «عملية»، الأمر الذي يشكل التحدي الثالث. وتكمن الصعوبة الأولى في أن الاتفاق لا يشمل كل الجهات المقاتلة في سوريا وتحديدًا تنظيمي داعش والنصرة. والحال أن التداخل الميداني القائم بين وحدات النصرة والفصائل الأخرى المقاتلة في بعض الجبهات ربما سيستغل من قبل النظام أو القوى التي تدعمه والتذرع بقصف «داعش»، من أجل «إحراج» القوى السورية المعتدلة القابلة بالحل السياسي ودفعها إلى الرد وبالتالي تحميلها مسؤولية إفشال الاتفاق.
وإذا جاءت الردود المرحبة بدرجات مختلفة بالاتفاق، فإن اللافت خفوت الصوت الإيراني، رغم أن موسكو حرصت على التشاور مع طهران عبر الزيارة غير المنتظرة التي قام بها وزير الدفاع شويغو إلى موسكو ولقائه الرئيس حسن روحاني ونظيره الإيراني، التي تناولت بلا شك موضوع وقف النار. وتعتبر المصادر الغربية أن ثمة «تنسيقا تكتيكيا» بين موسكو وطهران. لكن العاصمتين «لهما رؤيتان مختلفتان» لصيغة الحل في سوريا ولمصالح كل منهما في هذا البلد، وخصوصًا لمستقبل النظام. لكن هذه الرؤية يقابلها اعتبار مقابل بالغ الأهمية، ومفاده أنه ليس لأي طرف «مصلحة سياسية» في أن يظهر بمظهر من يجهض الاتفاق وبالتالي يتسبب في إحراج الرعاة الأساسيين أو الرعاة الإقليميين.
الخلاصة التي تتوصل إليها المصادر الأوروبية أن الاتفاق «خطوة أساسية ومتقدمة». لكن سيكون من «السذاجة اعتبارها ناجزة بسبب تضارب المصالح والرهانات المتناقضة للأطراف المحلية والخارجية». لكنها، في مختلف الأحوال، تبقى «أفضل الممكن لأنها الوحيدة» في الفترة الراهنة.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.