تحول إضراب المعلمين الفلسطينيين في الضفة الغربية، إلى أزمة في وجه الحكومة الفلسطينية التي يرأسها الدكتور رامي الحمد الله، تهدد العام الدراسي الحالي، بعد رفض المعلمين العودة إلى مدارسهم، على الرغم من الاتفاق الذي توصل إليه اتحادهم «المستقيل» مع الحكومة الفلسطينية، التي جندت قوات الأمن، أمس، لمنع آلاف المعلمين من الوصول إلى اعتصام مركزي أمام مقر مجلس الوزراء في رام الله.
وبينما كان آلاف المعلمين في رام الله وقراها يهتفون أمام مقر الحكومة: «كرامة كرامة»، في إشارة إلى مطالبتهم بحفظ كرامة المعلم، وهو الشعار المركزي الذي انطلقت خلفه سلسلة فعاليات إضراب المعلمين قبل أسابيع، للمطالبة بحقوق مالية، خرج بيان للحكومة الفلسطينية يقول إنها ملتزمة «فقط» بما جرى الاتفاق عليه مع الاتحاد، في إشارة إلى رفض أي مطالب أخرى.
وكان الحمد الله وقع قبل أسبوع اتفاقا مع أحمد سحويل، أمين سر اتحاد المعلمين، الذي تقدم لاحقا باستقالته تحت ضغط المعلمين، لـ«مركزية» حركة فتح، يتضمن دفع ما تبقى من علاوة طبيعة العمل، ومن بينها دفع ما تبقى من قيمة بدل العمل (2.5 في المائة)، ضمن راتب الشهر الحالي، ودفع 2.5 في المائة من الديون المتبقية عن شهر 2016، والاتفاق على جدولة الديون المتبقية من علاوة طبيعة العمل عن 23 شهرا، بحيث تقوم الحكومة بدفعها في مدة لا تتجاوز نهاية هذا العام 2016، وفتح باب التدرج لحملة شهادة البكالوريوس، حيث سيحصل حامل شهادة البكالوريوس على درجة« D2»، «D1 » مع انتقال أقدميات الدرجة لها، ويحصل حامل شهادة الدبلوم على الدرجة الأولى مع أقدميات الدرجة، ودفع علاوة غلاء المعيشة وبأثر رجعي، حسب الإمكانات المتاحة، بحسب ما تعهد به رئيس الوزراء.
ورفض المعلمون الذين شكلوا تنسيقيات في المدن، بديلة للاتحاد، وهو أمر لم تنظر له السلطة بارتياح، الاتفاق. وأعلنت التنسيقيات 18 مطلبا؛ من أهمها، علاوة غلاء المعيشة 7.5 في المائة عن ثلاث سنوات خلت وما يتبعها من منافع للمعلمين، وتأمين تعليم جامعي لأبناء المعلمين، وانتخاب جسم للمعلمين، وعلاوة طبيعة عمل لا تقل عن 70، وفتح الدرجات أمام المعلمين أسوة بالوزارات الأخرى، حيث يكون هناك قانون واحد يشمل الجميع، ورفع الراتب الأساسي إلى 3 آلاف شيقل.
ومع التفاوت الكبير في مطالب المعلمين واستجابة الحكومة، لجأ المعلمون إلى التصعيد أمس، ودعوا إلى مسيرة كبيرة أمام مقر الحكومة مع تعطيل كامل للدراسة. ولجأت الحكومة لقوات الأمن التي نشرت عشرات الحواجز العسكرية على مداخل المدن، ومنعوا المعلمين من الوصول إلى رام الله.
وأثار هذا التصرف غضبا كبيرا بين المعلمين وعلى صفحات التواصل الاجتماعي. واتهم كثير من الناشطين الحكومة بالتقصير في معالجة الأمر، واتهم آخرون المعلمين بالمبالغة في مطالبهم وجر البلد إلى فوضى محتملة.
وتعتقد جهات في السلطة الفلسطينية أن حركة حماس تستثمر إضراب المعلمين، وتحاول الضغط على حكومة الحمد الله. وقال مصدر في السلطة لـ«الشرق الأوسط»، إن بعض المواقع التابعة للمعلمين وبعض مسؤوليهم، رفعوا سقف المطالب كثيرا، وطال ذلك، أيضا، المطالبة باستقالة الحمد الله نفسه.
وكان أحمد سحويل، أمين سر الاتحاد المستقيل، هو أول من اتهم حماس وأنصارها بقطاع المعلمين، بمحاولة تنفيذ انقلاب على الاتحاد والضغط على السلطة ووزارة التربية والتعليم.
وقد اعتقلت السلطة، الأسبوع الماضي، 25 معلما على هذه الخلفية.
ويخشى مسؤولون من تحول الإضراب إلى «ثورة» تقود إلى مواجهة، وتؤدي إلى استمرار تعطيل القطاع الأهم، بالنسبة للسلطة والأهالي، أي قطاع التعليم.
وثمة جدل داخل السلطة نفسها، حول الطريقة المثلى لحل الأمر وتجاوزه؛ إذ يدفع البعض للحسم، بينما يطالب آخرون باحتواء الموقف، ويتردد البعض في طريقة معالجة الأمر، ويعتقدون أن على الرئيس التدخل.
وبعد يوم شهد كثيرا من التوتر في الضفة، أهابت الحكومة الفلسطينية بالمعلمين والمعلمات، الحفاظ على الاتحاد المنتخب. وناشدت الحكومة المعلمين بالعودة الجادة والمسؤولة إلى العمل، وإكمال رسالتهم المقدسة لخدمة الطلبة. لكن لجنة منسقي المعلمين أعلنت إضرابا شاملا اليوم، يستمر في الأيام المقبلة في تحد مباشر.
ومع ازدياد الضغط في الضفة على حكومة رامي الحمد الله، أعلنت نقابة الموظفين في القطاع العام بغزة، عن سلسلة خطوات تحذيرية لأطراف المصالحة في قطر، تتمثل في الإضراب الشامل الخميس المقبل في المؤسسات والوزارات الحكومية والمديريات كافة، وجميع المدارس في الفترتين الصباحية والمسائية، وتعليق الدوام الثلاثاء المقبل منذ الساعة العاشرة صباحا، للمشاركة في المسيرة الحاشدة التي ستنطلق من ميدان السرايا وتنتهي بمؤتمر صحافي أمام مجلس الوزراء.
وقال محمد صيام نقيب الموظفين في غزة: «إذا لم نتسلم رواتبنا مثل باقي الموظفين، وإذا تم تجاوز مشكلتنا في حوارات قطر، فلن نقبل أن تتم المصالحة على حسابنا، وسنأخذ زمام المبادرة ولن نعاني لوحدنا، وسنعمل على انتزاع حقوقنا انتزاعا، ونحن كموظفين جاهزون لكل الاحتمالات، ومستعدون للموت من أجل أرزاقنا وقوت أبنائنا».
ويتلقى موظفو غزة التابعون لحكومة حماس السابقة، جزءا من رواتبهم فقط من خلال وزارة المالية، وترفض حكومة الحمد الله اعتمادهم جميعا في سلم الرواتب، وتقول إنه يجب تسوية أمور قانونية قبل ذلك.
ومن شأن الإضراب أن يشل مؤسسات الحكومة في غزة، بما فيها التربية والتعليم والمدارس، على غرار تربية ومدارس الضفة.
ويعني هذا أن نصف مؤسسات السلطة ستكون مشلولة إذا التقى الإضرابان في الضفة وغزة.
إضراب المعلمين في الضفة يتحول إلى «أزمة» كبيرة.. وغزة على الطريق
نصف مؤسسات السلطة الفلسطينية قد يصبح مشلولاً
إضراب المعلمين في الضفة يتحول إلى «أزمة» كبيرة.. وغزة على الطريق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة