تأتي اتصالات بوتين هاتفيًا بقادة الدول الإقليمية الفاعلة في وقت تبدو فيه الدبلوماسية الروسية وكأنها في «حالة استنفار قصوى» في سياق الجهود الرامية إلى إنقاذ عملية تسوية الأزمة السورية. وقد بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، الأوضاع في سوريا وتسوية الأزمة هناك مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، وذلك خلال اتصال هاتفي بينهما يوم أمس الاثنين. وكانت فاتحة سلسلة اتصالات الرئيس الروسي باتصال بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في التاسع عشر من فبراير (شباط) الحالي، قال بيان الكرملين في تعليق على تلك المحادثات، إن بوتين استهل يومه باتصال بالعاهل السعودي، بحثا خلاله مجمل جوانب الأزمة السورية واتفقا في الرأي على ضرورة التسوية السريعة لتلك الأزمة.
في هذا السياق سجل مساء يوم أول من أمس، الأحد 21 فبراير، سابقة من نوعها حين واصل وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري، مشاوراتهما في اتصالين هاتفيين ركزا خلالهما على ما يبدو أنها تفاصيل قبل اللحظة الأخيرة من التوصل إلى اتفاق ربما يتجاوز مجرد تنفيذ وقف إطلاق النار، ويتطلب من موسكو وواشنطن بذل جهود أكبر لدفع نحو تنفيذ الأطراف لما تم الاتفاق عليه، وربما يشمل الاتفاق أيضًا إنجاز قائمة المجموعات الإرهابية في سوريا، نظرًا لأن محادثات لافروف - كيري الهاتفية جرت بينما كان الثاني في العاصمة الأردنية، حيث بحث دون شك مسألة قائمة المجموعات الإرهابية في سوريا.
وفي خلفية الاتصالات المكثفة بين لافروف وكيري نقلت وكالات الأنباء الروسية نبأ وصول وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في زيارة مفاجئة، لم يكن مخططا لها من قبل، إلى طهران يوم أول من أمس (الأحد)، حاملا رسالة من الرئيس الروسي إلى نظيره الإيراني تتعلق بتسوية الأزمة السورية. وإذ يبقى محتوى رسالته إلى روحاني سريًا حتى اللحظة، يرجح مراقبون أن بوتين ربما أرسل إلى القيادة الإيرانية طالبًا منها الاستعداد لأمور عدة في سياق التسوية السورية، أولها تقديم ضمانات بالتزام الميليشيات الطائفية، وفي مقدمتها حزب الله، وكذلك قوات الحرس الثوري التي تقاتل في سوريا، بوقف إطلاق النار. وثانيًا تهيئة هذه الميليشيات والحرس الثوري للانسحاب من سوريا، التزاما بما توافقت عليه القوى الكبرى وتنادي به روسيا حول ضرورة انسحاب كل الميليشيات غير السورية من سوريا.
ومن غير المستبعد أن يكون تعثر صفقة «إس - 300» لإيران مرتبطا بهذا الأمر. وهنا تجدر الإشارة إلى أن روسيا، الملتزمة خلال عمليتها الجوية في سوريا بأمن إسرائيل، وتبدي كل الحرص على العلاقة مع تل أبيب، تدرك تمامًا أن الحكومة الإسرائيلية لن تقبل ببقاء أي وجود إيراني مباشر أو غير مباشر في سوريا مستقبلا، وأن تسليم طهران أسلحة حديثة مثل «إس - 300» مع بقاء إيران في سوريا، قد يتسبب بطلاق بين روسيا وإسرائيل، ويزيد التوتر في المنطقة المشتعلة أساسًا، لذلك، ولأسباب أخرى تتعلق برؤية الأطراف السورية للحل ومستقبل البلاد، والموقف الأميركي كذلك، تبدو روسيا مهتمة ومعنية في آن واحد بخروج إيران والميليشيات التابعة لها من الأراضي السورية.
ويبدو أن المفاوضات بين موسكو وطهران حول هذه القضايا تسير أيضًا بوتيرة متسارعة. ففي الوقت الذي لم يتضح فيه ما إذا كان وزير الدفاع الروسي قد غادر طهران عائدًا إلى موسكو أم لا، جرت محادثات في اتصال هاتفي يوم أمس الاثنين بين ممثل الخارجية الإيرانية أمير حسن عبد اللهيان، ونائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، بحثا خلاله جهود تسوية الأزمة السورية، واتفقا على مواصلة الاتصالات المكثفة واستمرار تبادل الزيارات بغية متابعة الحوار المكثف بهذا الصدد. ولم تمض ساعات على هذا الاتصال الهاتفي، حتى سارعت إيران إلى إعلان موقف أولي من كل ما يجري، وذلك على لسان وزير خارجيتها جواد ظريف، الذي قال إنه لم يتم الاتفاق بعد على تفاصيل آليات تطبيق وقف إطلاق النار في الواقع العملي، علما بأنه تم اعتماد المبادئ الأساسية له»، داعيًا اللاعبين الإقليميين الآخرين إلى «اعتماد ذات النهج وعدم البحث (في سوريا) عن إمكانية لتمرير مصالحهم الخاصة». ويكشف كلام ظريف عن سعي إيران إلى تدقيق التفاصيل، ما يعني الحاجة بمزيد من الجهود والمشاورات للتوصل إلى توافق حول آليات وقف إطلاق النار.
غير أن الإعلان عن اتفاق أولي توصلت إليه روسيا والولايات المتحدة حول وقف إطلاق النار في سوريا، أعاد التفاؤل الحذر حيال إمكانية تطبيق اتفاقات ميونيخ واستئناف المفاوضات السورية - السورية قريبًا في جنيف. وكانت بداية التحول الحالي من التشاؤم إلى التفاؤل قد برزت عقب محادثات أميركية - روسية جرت في جنيف على مستوى الخبراء، الذين صبوا اهتمامهم على صياغة أطر ومعايير وقف إطلاق النار في سوريا فضلا عن الجدول الزمني.
مصادر مقربة من تلك المحادثات قالت لـ«لشرق الأوسط» إن خلافات بين الجانبين برزت بشأن موعد بدء تنفيذ وقف إطلاق النار، مرجحة أن الخبراء اكتفوا بتقديم اقتراحات «وسط» وأحالوا هذه المسألة إلى الوزيرين كيري ولافروف للاتفاق عليها.
تفاؤل روسي حذر حيال قرب دخول اتفاق ميونيخ للتسوية السورية حيز التنفيذ
اتصالات مكثفة والدبلوماسية الروسية أعلى درجات الاستنفار
تفاؤل روسي حذر حيال قرب دخول اتفاق ميونيخ للتسوية السورية حيز التنفيذ
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة