تونس تفتح تحقيقًا في قضية قتلى الغارة الأميركية على صبراتة

تفكيك خلية إرهابية كانت تعتزم الالتحاق بجماعة متطرفين بجبال جندوبة

آثار الدمار التي اعقبت الغارة الأميركية على موقع خاص لإحدى الميليشيات المتطرفة بالقرب من صبراتة حيث قتل العشرات من عناصرها (أ.ف.ب)
آثار الدمار التي اعقبت الغارة الأميركية على موقع خاص لإحدى الميليشيات المتطرفة بالقرب من صبراتة حيث قتل العشرات من عناصرها (أ.ف.ب)
TT

تونس تفتح تحقيقًا في قضية قتلى الغارة الأميركية على صبراتة

آثار الدمار التي اعقبت الغارة الأميركية على موقع خاص لإحدى الميليشيات المتطرفة بالقرب من صبراتة حيث قتل العشرات من عناصرها (أ.ف.ب)
آثار الدمار التي اعقبت الغارة الأميركية على موقع خاص لإحدى الميليشيات المتطرفة بالقرب من صبراتة حيث قتل العشرات من عناصرها (أ.ف.ب)

أعلن كمال بربوش، المتحدث باسم المحكمة الابتدائية المختصة في قضايا الإرهاب، أن قاضي التحقيق في القطب القضائي لمكافحة الإرهاب (وهو هيكل قضائي مستقل) قد أذن بفتح تحقيق رسمي بشأن القتلى والجرحى التونسيين، الذين استهدفتهم الغارة الجوية الأميركية على مدينة صبراتة الليبية.
وأشار في تصريح إعلامي إلى إمكانية الحصول على إنابة عدلية دولية للمشاركة في التحقيقات المتعلقة بالعمل العسكري الذي عرفته ليبيا مؤخرا. ومن شأن هذا التحقيق أن يفتح الأبواب أمام تونس لمتابعة الملف عن كثب، والتأكد من هوية القتلى والجرحى، والتعرف على طريقة تنقلهم إلى ليبيا والانتماء إلى تنظيمات متهمة بالإرهاب.
وفيما يتعلق بمساهمة تونس في التحقيق القضائي بشأن التونسيين القتلى والجرحى في الهجوم الأخير على ليبيا، قال بربوش إنه سبق لأحد قضاة التحقيق التونسيين أن ذهب خلال السنة الماضية إلى شرق ليبيا للاطلاع على ملف اختفاء الإعلاميين التونسيين، سفيان الشورابي ونذير القطاري، والمشاركة في تحقيقات قضائية متعلقة بعملية الاختطاف.
في السياق ذاته، أكد ياسر مصباح، رئيس المكتب المكلف بالإعلام والاتصال في وزارة الداخلية التونسية، أن فرقة مكافحة الإرهاب لم تتسلم أية جثة من جثث الإرهابيين التونسيين الذين قضوا في الغارة الجوية الأميركية على مدينة صبراتة الليبية. ونفى في تصريح إعلامي ما يروج حول وصول جثامين إرهابيين إلى المعبر الحدودي الرابط بين تونس وليبيا، وقال إن تونس لم تحدد إلى حد الآن أعداد القتلى التونسيين في الغارة بدقة.
كما أوضح أنه من الناحية الرسمية، لم يتحدد بعد العدد الإجمالي للقتلى، واعتبر أن المسألة تتطلب التأكد من الهويات وإجراء تحاليل جينية وعلمية لمعرفة الهويات الحقيقية لمن قضوا في تلك الغارة.
وتناقلت وسائل إعلام تونسية خبر اعتزام تسلم فرقة مكافحة الإرهاب بمنطقة الحرس الوطني ببن قردان (جنوب شرقي تونس) جثث الإرهابيين والجرحى بمعبر رأس الجدير الحدودي، من السلطات الليبية، دون أن تحدد موعدا نهائيا لهذه العملية. وتشير تقارير أمنية تونسية إلى أن عملية التعرف على الجثث في حال عدم وجود أية أوراق أو وثائق ثبوتية للعناصر التي تعرضت للهجوم، ستكون صعبة للغاية، وهي لن تتم إلا عبر تحاليل بيولوجية تجريها الشرطة الفنية المختصة على الجثث التي تناثرت بعد الهجوم.
وتحسبًا لأي طارئ بعد الإعلان عن القضاء عن مجموعة من العناصر الإرهابية التونسية في ليبيا، قال مصباح إن تونس اتخذت كل الاحتياطات الأمنية الضرورية في مثل هذه المناسبات مثل التدقيق في هويات المقبلين على تونس وتشديد المراقبة على الحدود المشتركة بين تونس وليبيا.
يذكر أن الغارة الجوية الأميركية استهدفت منزلا في أحد أحياء مدينة صبراتة الليبية، وأوقعت عددا من القتلى في صفوف الإرهابيين. وأكدت مصادر ليبية أن الضربة الأميركية أودت بنحو 50 عنصرا «داعشيًا» أغلبهم من تونس، وقد استهدفت هذه الضربة معسكرا من أخطر معسكرات «داعش».
على صعيد آخر، تمكنت أمس أجهزة الأمن التونسية من القبض على مجموعة مكونة من سبعة عناصر يشتبه في انتمائهم إلى جماعات إرهابية، وذلك بمنطقة الجوامع من ولاية (محافظة) جندوبة، شمال غربي تونس. وكشف مصدر أمني تونسي في تصريح للإذاعة الوطنية (الحكومية)، أن المجموعة تنقلت إلى المنطقة من تونس العاصمة عبر القطار، وتحصنت بأحد الجوامع بالمنطقة وكانت تنوي الالتحاق بمجموعة إرهابية في أحد جبال المنطقة. ووفق نفس المصدر، فقد تم القبض على هذه المجموعة بناء على معلومات قدمها أحد المواطنين التونسيين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.