لبنان: مخاوف من تأثير الموقف الحكومي من القضايا العربية على الاقتصاد

التحويلات المالية من السعودية تقارب نصف تحويلات المغتربين * الاستثمارات الخليجية في البلاد تفوق الـ85 %

لبنان: مخاوف من تأثير الموقف الحكومي من القضايا العربية على الاقتصاد
TT

لبنان: مخاوف من تأثير الموقف الحكومي من القضايا العربية على الاقتصاد

لبنان: مخاوف من تأثير الموقف الحكومي من القضايا العربية على الاقتصاد

ارتفعت وتيرة المخاوف على الاقتصاد اللبناني من أن تؤثر أزمة المواقف الحكومية اللبنانية مع دول مجلس التعاون الخليجي، القطاعات الاقتصادية التي تحرك الاقتصاد المحلي، وأهمها تحويلات المغتربين اللبنانيين في دول مجلس التعاون، والاستثمارات الخليجية في لبنان، وسط مطالبة الحكومة اللبنانية بتصحيح موقفها الذي اتخذته في اجتماعي وزراء خارجية جامعة الدول العربية، في القاهرة في يناير (كانون الثاني) الماضي، ومنظمة التعاون الإسلامي في جدة في يناير الماضي أيضًا، المرتبط بعدم إدانة لبنان للاعتداءات السافرة على سفارة المملكة في طهران والقنصلية العامة في مشهد.
وفي ظل المخاوف من تأثير موقف الحكومة اللبنانية على الاستثمارات الخليجية في لبنان، لا يرى معنيون بأن يؤثر موقف الحكومة على القطاع المصرفي. وأكد رئيس جمعية مصارف لبنان جوزيف طربيه أن «القطاع المصرفي اللبناني محيّد عن كل السياسات»، مشددًا على أن هذا القطاع «يمثل مصالح كل اللبنانيين، وهو على تواصل عميق مع المؤسسات في دول الخليج العربي»، مشددًا على أن دول الخليج «هي دول صديقة للبنان ومدت أياديها البيضاء كثيرًا للبنان واللبنانيين».
وأشار طربيه، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «أننا كمصارف، نحن خارج التجاذب السياسي وخارج تعاطي الفرقاء السياسيين اللبنانيين داخل الحكومة وخارجها مع هذا الملف»، مؤكدًا أن «القطاع المصرفي في لبنان غير مستهدف، ولا ننتظر، لا نحن ولا الشعب اللبناني البريء من تصرفات السياسيين، أي استهداف مباشر لنا من دول الخليج الشقيقة».
وإذ لفت طربيه إلى أن هناك ودائع مالية تعود لأفراد ومؤسسات خليجية في المصارف اللبنانية، كما أن هناك استثمارات خليجية في الاقتصاد اللبناني، قال: «لا أتوقع بالفعل أي انعكاس للأزمة السياسية التي نعتبرها عابرة لأنها لا تمثل مصالح اللبنانيين، على الواقع المصرفي، كما يروج بعض الإعلام»، كما لفت إلى أنه لا يرى «أن هناك أخطارا مباشرة لما يتعلق بالأزمة على الاقتصاد اللبناني، التي تعبّر بجزء كبير عن التجاذب السياسي الداخلي في لبنان».
وخلافًا للقطاع المصرفي اللبناني الذي استطاع تجاوز أزمات كثيرة، عبر تحييد نفسه عن التجاذبات السياسية، يحذر اقتصاديون من انعكاسات الموقف اللبناني على التعامل الاقتصادي مع دول مجلس التعاون الخليجي التي تعتبر الرئة الحيوية للاقتصاد اللبناني.
وقال رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان محمد شقير بأن الاقتصاد اللبناني اليوم «مبني على العلاقة الجيدة مع دول مجلس التعاون الخليجي»، مؤكدًا في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الاستثمارات الخليجية في لبنان تشكل نسبة تتراوح بين 85 و89 في المائة من حجم الاستثمارات الأجنبية في الاقتصاد اللبناني»، مضيفًا: «عندما نتحدث عن الاستثمارات الأجنبية في لبنان، فإننا نتحدث تحديدًا عن الاستثمارات الخليجية».
وقال شقير بأن 65 في المائة من الإنتاج الزراعي اللبناني يتم تصديره إلى دول مجلس التعاون الخليجي، نصفها يتم تصديره إلى المملكة العربية السعودية، مشيرًا إلى أن «تحويلات المغتربين اللبنانيين إلى لبنان، تأتي منها 4 مليارات من المملكة العربية السعودية، بينما يأتي ملياران و750 مليون دولار من باقي دول مجلس التعاون الخليجي، وفي المقابل يتم تحويل مليار و400 مليون دولار من المغتربين اللبنانيين في باقي دول العالم». إضافة إلى ذلك، لفت شقير إلى أن «قيمة الاستثمارات اللبنانية في دول الخليج العربي تناهز الـ125 مليار دولار».
وقال شقير بأن «القوى السياسية التي تهاجم بلدانًا صديقة لها فضل على لبنان، تعرف تلك الأرقام، كما أن الحكومة اللبنانية تعرفها، لذلك عليها أن تتخذ قرارًا صارمًا بتأكيد الهوية العربية للبنان، والحفاظ على العلاقات العربية». وإذ أشار إلى «تأثير اقتصادي كبير سيترتب على الوضع الاقتصادي اللبناني في حال عدم الحفاظ على العلاقات الجيدة مع دول مجلس التعاون الخليجي»، أعرب عن مخاوفه من تأثير الأزمة السياسية على الاقتصاد اللبناني. وقال: «أطالب الحكومة اللبنانية أن تتخذ قرارًا بتصحيح الموقف الذي اتخذه وزير الخارجية المتعلق بالامتناع عن التصويت في اجتماعي وزراء خارجية جامعة الدول العربية (في القاهرة في يناير الماضي) ومنظمة التعاون الإسلامي، وتأكيد هوية لبنان العربية»، محذرًا: «من غير تصحيح الموقف، سيكون على اقتصادنا السلام».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.