ارتفعت وتيرة المخاوف على الاقتصاد اللبناني من أن تؤثر أزمة المواقف الحكومية اللبنانية مع دول مجلس التعاون الخليجي، القطاعات الاقتصادية التي تحرك الاقتصاد المحلي، وأهمها تحويلات المغتربين اللبنانيين في دول مجلس التعاون، والاستثمارات الخليجية في لبنان، وسط مطالبة الحكومة اللبنانية بتصحيح موقفها الذي اتخذته في اجتماعي وزراء خارجية جامعة الدول العربية، في القاهرة في يناير (كانون الثاني) الماضي، ومنظمة التعاون الإسلامي في جدة في يناير الماضي أيضًا، المرتبط بعدم إدانة لبنان للاعتداءات السافرة على سفارة المملكة في طهران والقنصلية العامة في مشهد.
وفي ظل المخاوف من تأثير موقف الحكومة اللبنانية على الاستثمارات الخليجية في لبنان، لا يرى معنيون بأن يؤثر موقف الحكومة على القطاع المصرفي. وأكد رئيس جمعية مصارف لبنان جوزيف طربيه أن «القطاع المصرفي اللبناني محيّد عن كل السياسات»، مشددًا على أن هذا القطاع «يمثل مصالح كل اللبنانيين، وهو على تواصل عميق مع المؤسسات في دول الخليج العربي»، مشددًا على أن دول الخليج «هي دول صديقة للبنان ومدت أياديها البيضاء كثيرًا للبنان واللبنانيين».
وأشار طربيه، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «أننا كمصارف، نحن خارج التجاذب السياسي وخارج تعاطي الفرقاء السياسيين اللبنانيين داخل الحكومة وخارجها مع هذا الملف»، مؤكدًا أن «القطاع المصرفي في لبنان غير مستهدف، ولا ننتظر، لا نحن ولا الشعب اللبناني البريء من تصرفات السياسيين، أي استهداف مباشر لنا من دول الخليج الشقيقة».
وإذ لفت طربيه إلى أن هناك ودائع مالية تعود لأفراد ومؤسسات خليجية في المصارف اللبنانية، كما أن هناك استثمارات خليجية في الاقتصاد اللبناني، قال: «لا أتوقع بالفعل أي انعكاس للأزمة السياسية التي نعتبرها عابرة لأنها لا تمثل مصالح اللبنانيين، على الواقع المصرفي، كما يروج بعض الإعلام»، كما لفت إلى أنه لا يرى «أن هناك أخطارا مباشرة لما يتعلق بالأزمة على الاقتصاد اللبناني، التي تعبّر بجزء كبير عن التجاذب السياسي الداخلي في لبنان».
وخلافًا للقطاع المصرفي اللبناني الذي استطاع تجاوز أزمات كثيرة، عبر تحييد نفسه عن التجاذبات السياسية، يحذر اقتصاديون من انعكاسات الموقف اللبناني على التعامل الاقتصادي مع دول مجلس التعاون الخليجي التي تعتبر الرئة الحيوية للاقتصاد اللبناني.
وقال رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان محمد شقير بأن الاقتصاد اللبناني اليوم «مبني على العلاقة الجيدة مع دول مجلس التعاون الخليجي»، مؤكدًا في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الاستثمارات الخليجية في لبنان تشكل نسبة تتراوح بين 85 و89 في المائة من حجم الاستثمارات الأجنبية في الاقتصاد اللبناني»، مضيفًا: «عندما نتحدث عن الاستثمارات الأجنبية في لبنان، فإننا نتحدث تحديدًا عن الاستثمارات الخليجية».
وقال شقير بأن 65 في المائة من الإنتاج الزراعي اللبناني يتم تصديره إلى دول مجلس التعاون الخليجي، نصفها يتم تصديره إلى المملكة العربية السعودية، مشيرًا إلى أن «تحويلات المغتربين اللبنانيين إلى لبنان، تأتي منها 4 مليارات من المملكة العربية السعودية، بينما يأتي ملياران و750 مليون دولار من باقي دول مجلس التعاون الخليجي، وفي المقابل يتم تحويل مليار و400 مليون دولار من المغتربين اللبنانيين في باقي دول العالم». إضافة إلى ذلك، لفت شقير إلى أن «قيمة الاستثمارات اللبنانية في دول الخليج العربي تناهز الـ125 مليار دولار».
وقال شقير بأن «القوى السياسية التي تهاجم بلدانًا صديقة لها فضل على لبنان، تعرف تلك الأرقام، كما أن الحكومة اللبنانية تعرفها، لذلك عليها أن تتخذ قرارًا صارمًا بتأكيد الهوية العربية للبنان، والحفاظ على العلاقات العربية». وإذ أشار إلى «تأثير اقتصادي كبير سيترتب على الوضع الاقتصادي اللبناني في حال عدم الحفاظ على العلاقات الجيدة مع دول مجلس التعاون الخليجي»، أعرب عن مخاوفه من تأثير الأزمة السياسية على الاقتصاد اللبناني. وقال: «أطالب الحكومة اللبنانية أن تتخذ قرارًا بتصحيح الموقف الذي اتخذه وزير الخارجية المتعلق بالامتناع عن التصويت في اجتماعي وزراء خارجية جامعة الدول العربية (في القاهرة في يناير الماضي) ومنظمة التعاون الإسلامي، وتأكيد هوية لبنان العربية»، محذرًا: «من غير تصحيح الموقف، سيكون على اقتصادنا السلام».
لبنان: مخاوف من تأثير الموقف الحكومي من القضايا العربية على الاقتصاد
التحويلات المالية من السعودية تقارب نصف تحويلات المغتربين * الاستثمارات الخليجية في البلاد تفوق الـ85 %
لبنان: مخاوف من تأثير الموقف الحكومي من القضايا العربية على الاقتصاد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة