دخلت السلطات المصرية في مواجهة مع أمناء الشرطة، في أعقاب تورط عدد منهم في سلسلة من الجرائم، كان أبرزها قتل سائق في القاهرة الخميس الماضي. وتعهدت السلطات الأمنية بسن قوانين لضبط أداء عناصرها، كما ألقت القبض على 6 من أمناء الشرطة قبل أن يحلوا ضيوفا على برنامج تلفزيوني، وتقرر أمس حبس 4 منهم على ذمة تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا، الأمر الذي أشعل ثورة غضب في أوساط زملائهم الذين لوحوا بالإضراب، لكن قيادات في وزارة الداخلية هددت بتطبيق قانون التظاهر على المحتجين من عناصرها.
وخلال عقود حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، أصبح أمناء الشرطة في مصر يمثلون مركز قوة مع اعتماد الدولة المتنامي على أجهزت الأمن لإدارة شؤون البلاد، بحسب مراقبين. ونجح أمناء الشرطة خلال الأعوام الخمسة التي أعقبت ثورة 25 يناير، في انتزاع مكاسب مادية ووظيفية عبر سلسلة من الإضرابات كان أبرزها إضراب لأمناء الشرطة في محافظة الشرقية منتصف العام الماضي.
وقالت مصادر شرطية إن «6 من قيادات أمناء الشرطة في محافظة الشرقية تم توقيفهم أمس (أول من أمس)، وهم في طريقهم إلى مدينة الإنتاج الإعلامي (غرب القاهرة) حيث كان مقررا أن يظهروا في برنامج تلفزيوني للحديث عن أزمة تجاوزات أمناء الشرطة».
فيما أشار مصدر أمني آخر إلى أن عشرات الضباط شاركوا في ضبط أمناء الشرطة قبل ظهورهم خلال برنامج يقدمه الإعلامي وائل الإبراشي على إحدى القنوات الفضائية الخاصة.
وقال الإبراشي خلال حلقة برنامجه «العاشرة مساء» المذاعة مساء السبت الماضي إنه كان مقررا استضافة مجموعة من أمناء الشرطة المنضمين لائتلاف أمناء الشرطة في الشرقية، لكنهم اختفوا تماما، مشيرا إلى تداول أنباء بشأن إلقاء القبض عليهم.
وقال الإبراشي إنه «إذا صحت أنباء القبض على ضيوفي من أمناء الشرطة، فذلك يعتبر وصمة عار كبيرة، ومصيبة جديدة»، حسب تعبيره.
وقالت مصادر قضائية إن نيابة أمن الدولة العليا قررت أمس حبس 4 من أمناء الشرطة، 15 يوما على ذمة التحقيقات لاتهامهم بـ«التحريض ضد جهة عملهم»، كما تقرر إخلاء سبيل اثنين آخرين كانا مرافقين لهم.
وفي أول رد فعل لأمناء الشرطة تجمهر العشرات بمختلف الأقسام والمراكز بمحافظة الشرقية أمس (الأحد) أمام مبنى مديرية أمن الشرقية، لتنظيم وقفة احتجاجية تضامنا مع زملائهم المقبوض عليهم. ولم تفصح وزارة الداخلية رسميا عن توقيف قادة أمناء الشرطة في محافظة الشرقية.
وأعلنت الصفحة الرسمية لائتلاف أمناء الشرطة عن «اعتصام مفتوح وتصعيد»، ودعت «جميع الأفراد التوجه إلى مديرية أمن الشرقية، والاعتصام داخلها، تضامنا مع زملائنا المقبوض عليهم من قبل أجهزة الأمن». كما شارك في الإضراب أمناء الشرطة بمدينة السادس من أكتوبر، والتي شهدت واقعة توقيف الأمناء.
ووصفت الصفحة التي تمثل أمناء الشرطة الإجراءات التي اتخذت ضدهم بأنها «آخر مسمار في نعش الدولة المصرية والأمن»، وتابعت: «حذرنا من المساس بأمناء الشرطة والأفراد، ولكن هناك من يريد دمار مصر وتدمير الشرطة».
وفي مسعى للسيطرة على الأوضاع، قال مصدر أمني بوزارة الداخلية، إنه سيتم مواجهة الخروج عن القانون من قبل بعض أمناء الشرطة بالقانون، لافتا إلى أن أي مظاهرات أو وقفات احتجاجية من دون تصريح تعد خرقا لقانون التظاهر.
وعقدت قيادات الشرطة في عدد من المحافظات أمس لقاءات موسعة مع ضباط وأمناء شرطة لحثهم على التزام القانون، وطالبوهم بتسليم أسلحتهم بعد انتهاء فترة عملهم. وبُثت مقاطع مصورة لجانب من تلك اللقاءات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وظلت وزارة الداخلية خلال الشهور الماضية تتحدث عن تضخيم التجاوزات الفردية من عناصرها، لكنها اعترفت للمرة الأولى بعمق الأزمة، وقال وزير الداخلية إنه لا بد من وضع قوانين لضبط أداء أفراد الشرطة في علاقتهم مع المواطنين.
وواجهت الحكومة المصرية أزمة على خلفية اعتداء أمناء شرطة على طبيب في القاهرة أواخر الشهر الماضي، ما دفع نقابة الأطباء للتصعيد عبر سلسلة من القرارات التي اتخذتها واحدة من أكبر الجمعيات العمومية في تاريخ النقابات المصرية.
لكن الأوضاع تفجرت بعد أن حاصر المئات مديرية أمن القاهرة على خلفية حادث مقتل سائق على يد أمين شرطة في حي الدرب الأحمر الخميس الماضي. وتلت هذه الواقعة سلسلة جرائم أخرى تورط فيها أمناء شرطة ما دفع الرئيس عبد الفتاح السيسي لعقد لقاء طارئ مع وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار في مدينة شرم الشيخ.
وقرر النائب العام المستشار نبيل صادق، أمس، التحفظ على أمين الشرطة محمد محمود عامر من قوة قسم الأميرية، لاتهامه باستعراض القوة أمام دار القضاء العالي.
وقال مصدر أمني إن أمين الشرطة ضبط بحوزته سلاح ناري يستعرض من خلاله القوة على عدد من المواطنين خارج المحكمة، وتم القبض عليه وعرض الأمر على النائب العام الذي كان موجودا بالمبنى وقرر التحفظ عليه.
ومن المقرر أن يجتمع شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، اليوم (الاثنين)، مع وزير الداخلية، وجميع مساعديه وكبار قيادات الوزارة، في إطار متابعة نتائج التحقيقات التي تتم بخصوص مقتل سائق الدرب الأحمر، بالإضافة إلى متابعة ما يتم من إجراءات ضد المتجاوزين عناصر الشرطة، ومناقشة تعديلات قانون هيئة الشرطة.
وفي غضون ذلك، قررت سلطات التحقيق المصرية إحالة رقيب الشرطة مصطفى محمود عبد الحكيم قاتل السائق محمد عادل إسماعيل بمنطقة الدرب الأحمر لمحكمة الجنايات بتهمة القتل العمد.
السلطات المصرية تدخل في مواجهة مفتوحة مع أمناء الشرطة.. وائتلافهم يلوح بالتصعيد
مصادر أكدت حبس 4 من قادتهم 15 يوما في اتهامات بـ«التحريض ضد الداخلية»
السلطات المصرية تدخل في مواجهة مفتوحة مع أمناء الشرطة.. وائتلافهم يلوح بالتصعيد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة