موسكو تؤكد مواصلة دعم الأسد.. وطائراتها تكثّف قصفها مناطق المعارضة

سلاحها الجوي قتل 9500 شخص بينهم 650 طفلاً وامرأة منذ تدخلها العسكري في سوريا

مقاتل في ميليشيات «قوات سوريا الديمقراطية» ذات الغالبية الكردية، والمدعومة من واشنطن، يتابع التطورات القتالية على جبهة الشدادي في محافظة الحسكة (رويترز)
مقاتل في ميليشيات «قوات سوريا الديمقراطية» ذات الغالبية الكردية، والمدعومة من واشنطن، يتابع التطورات القتالية على جبهة الشدادي في محافظة الحسكة (رويترز)
TT

موسكو تؤكد مواصلة دعم الأسد.. وطائراتها تكثّف قصفها مناطق المعارضة

مقاتل في ميليشيات «قوات سوريا الديمقراطية» ذات الغالبية الكردية، والمدعومة من واشنطن، يتابع التطورات القتالية على جبهة الشدادي في محافظة الحسكة (رويترز)
مقاتل في ميليشيات «قوات سوريا الديمقراطية» ذات الغالبية الكردية، والمدعومة من واشنطن، يتابع التطورات القتالية على جبهة الشدادي في محافظة الحسكة (رويترز)

واصلت الطائرات الحربية الروسية قصفها المكثّف لمناطق سيطرة المعارضة في وسط وشرق وشمال سوريا، مما أسفر عن سقوط عشرات المدنيين بحسب مواقع معارضة، في حين وثّق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مقتل 9500 شخص بينهم 1653 مدنيًا منهم نحو 650 طفلاً وامرأة، جرّاء الغارات الروسية منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي. كذلك شهدت محافظة حلب وريف محافظة اللاذقية وجبهات أخرى اشتباكات عنيفة بين جيش النظام وحلفائه ومقاتلي المعارضة أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين.
قوات النظام جددت أمس قصفها لحي جوبر في العاصمة دمشق، فيما نفذت حملة دهم لمنازل مواطنين في حي مساكن برزة في ضواحي دمشق، طالت عددا من الشبان واقتادتهم إلى جهة مجهولة. ولم تغب الطائرات الروسية عن الأجواء السورية، إذ نفذت أمس 4 غارات على مدينة عربين في الغوطة الشرقية، كما قصفت محيط تل فرزات وحوشي الأشعري والصالحية ومزارع الافتريس ومحيط بلدات حزرما واوتايا والفضائية والنشابية بمنطقة المرج في الغوطة الشرقية، بريف دمشق، وذلك بالتزامن مع اشتباكات بين الفصائل المعارضة و«جبهة النصرة» من جهة ومقاتلي تنظيم داعش من جهة أخرى في القلمون الشرقي، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الطرفين.
أما بالنسبة لمدينة حلب وريف محافظتها فكانت هدفًا لقصف جوي كثيف، حيث نفذت الطائرات الروسية بعد منتصف ليل الجمعة - السبت غارتين على حي بني زيد شمال حلب، وغارتين أخرتين على حي بستان الباشا داخل المدينة ومنطقة الليرمون بضواحيها. كما شنت عدة غارات أمس على بلدات عندان وحيان وبيانون ومارع بريف حلب الشمالي. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، من جانبه، أن الفصائل المعارضة والإسلامية «أطلقت عدة قذائف على منطقة الملعب البلدي الخاضعة لسيطرة قوات النظام داخل مدينة حلب، مما أدى إلى أضرار مادية». وأوضح أن «الطيران المروحي قصف بالبراميل المتفجرة منطقة السكن الشبابي وأطراف حي الأشرفية في حلب، في حين دارت اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل المعارضة من جهة أخرى في أطراف حي جمعية الزهراء غرب حلب».
كذلك أدت الغارات الروسية على بلدة سراقب في ريف محافظة إدلب الشرقي، بحسب «المرصد» إلى مقتل ثلاثة مدنيين بينهم طفل، كما نفذت طائرات غارات على أطراف سنجار.
وفي ريف محافظة حماه الشمالي الغربي، استهدفت فصائل المعارضة بصواريخ غراد تمركزات لقوات النظام في معسكر جورين، أوقعت خسائر بشرية في صفوف قوات النظام والمسلحين الموالين لها. وفي الوقت نفسه، شهد جبل الأكراد وجبل التركمان في ريف محافظة اللاذقية اشتباكات عنيفة بين قوات النظام وحلفائها وفصائل المعارضة، وأفاد ناشطون، أن «الاشتباكات اندلعت بين غرفة عمليات قوات النظام بقيادة ضباط روس ومشاركة جنود روس والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وعربية وآسيوية، وبين الفرقة الأولى الساحلية وحركة أحرار الشام الإسلامية وأنصار الشام والفرقة الثانية الساحلية والحزب الإسلامي التركستاني وجبهة النصرة، في محيط قريتي محشبا وعين القنطرة ومنطقة الحمرات وشير قبوع وعين الغزل وعدة محاور أخرى بجبلي الأكراد والتركمان بريف اللاذقية الشمالي. وأسفرت عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين، وسط تقدم لغرفة عمليات قوات النظام وسيطرتها على قريتي محشبا وعين القنطرة على الأطراف الشرقية لناحية كنسبا».
إلى ذلك، أعلن «مكتب أخبار سوريا» المعارض، أن «منظمات إغاثية وإنسانية عاملة في ريف اللاذقية، نقلت مكاتبها ومستودعاتها من مناطق ريف اللاذقية باتجاه قرى ريف إدلب الغربي». وأوضح أنه «مع بداية تقدم القوات النظامية وتكثيف الطيران الحربي الروسي غاراته على الريف، بدأت بعض المنظمات وعلى نطاق ضيق بنقل مستودعاتها ومكاتبها إلى مناطق أكثر أمنا لتزداد هذه الوتيرة مع التقدم الكبير لهذه القوات»، مشيرًا إلى أن «أكثر من 33 منظمة إنسانية وإغاثية قامت بنقل مكاتبها ومستودعاتها أبرزها، منظمتي فلوكا الحرية والكرفان السحري وجمعية الإغاثة الإنسانية التركية ومؤسسة التمنية والبناء والائتلاف الإغاثي في بلجيكا وهيئة علم».
وبالتزامن مع تكثيف الغارات الروسية على مناطق سيطرة المعارضة، وثق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» 49307 غارات نفذتها طائرات نظام بشار الأسد الحربية وهليكوبتراته العسكرية، خلال 16 شهرًا، على مئات المزارع والتجمعات والبلدات والقرى والمدن السورية، في معظم المحافظات السورية. وذكر «المرصد» أن «آلاف الضربات الجوية التي نفذتها الطائرات الحربية الروسية عن مقتل نحو 9500 شخص، وهم: 1653 مدنيًا سوريًا بينهم 402 طفلاً دون سن الـ18، و230 امرأة فوق سن الثامنة عشر، إضافة إلى 1089 عنصرًا من تنظيم داعش و1417 مقاتلاً من فصائل المعارضة وجبهة النصرة والحزب الإسلامي التركستاني ومقاتلين من جنسيات عربية وأجنبية». وتابع: «إن الإحصائيات المرعبة للخسائر البشرية، التي يكون فيها المدنيون السوريون هم الضحية الأساسية للعمليات العسكرية في سوريا، بالإضافة إلى توثيق جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكب بشكل مستمر في سوريا».
ورأى «المرصد» أن «هذه الأرقام هي عبارة عن رسالة إلى المجتمع الدولي، مليئة بصرخات وآلام أبناء الشعب السوري، لعل هذا الارتفاع المخيف في أعداد الخسائر البشرية، وصرخات وآلام الجرحى والمصابين وذويهم، تحرك ضمير هذا المجتمع، من أجل الوقف الفوري للقتل المستمر بحق المواطنين السوريين، وإحالة المجرمين إلى المحاكم الدولية المختصة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.