فيما يبدو أنه استمرار للقلق الذي تسببه الصين للاقتصاد العالمي، تركت بكين العالم في ترقب لمدة 48 ساعة، منذ إعلان بكين عن إقالة رئيس هيئة ضبط البورصة الصيني من منصبه على خلفية قراراته التي تسببت في إرباك السوق خلال الأشهر الماضية.. وهو الأمر الذي يجعل الاقتصاد العالمي في حالة ترقب حذر لحين فتح الأسواق الصينية صباح الاثنين، ومعرفة رد فعل السوق على تبعات هذا القرار.
وأعلنت وكالة الأنباء الصينية أمس السبت أن السلطات الصينية أقالت رئيس هيئة ضبط البورصة، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى الحد من تقلب أسواقها المالية، مما يعيد إلى الأذهان التساؤلات حول سلامة المعاملات المالية في الصين في البنوك وأسواق المال على حد سواء. وقالت الوكالة إنه سيتم تعيين الرئيس الحالي للبنك الزراعي الصيني ليو شييو، وهو أحد أكبر أربعة مصارف صينية، محلا لتشياو غانغ.
وتولى تشياو منصب رئيسة هيئة ضبط أسواق المال في مارس (آذار) 2013، وكان المسؤول عن الإشراف على السوق في منتصف 2015، عندما انخفض مؤشر شنغهاي المجمع بمقدار الثلث، مما أدى إلى تبخر مليارات الدولارات وهز على إثر ذلك مجمل الأسواق المالية العالمية.
وقد أمضى تشياو البالغ من العمر57 عاما الجزء الأكبر من حياته المهنية في النظام المصرفي الصيني، بما في ذلك في البنك المركزي الصين، وبنك الصين أحد أكبر مصارف الصين أيضًا، وتملك الحكومة الصينية هذا المصرف الذي تولى تشياو إدارته عشر سنوات. وبدأ التراجع عندما بدلت الهيئة قواعد استخدام المال الذي يستدينه الوسطاء، فقد أدت هذه المبادرة إلى مضاربة كبيرة يغذيها خصوصًا الدين.
ومنذ انهيار بورصة شنغهاي، تضاعفت الدعوات إلى رحيل تشياو وتكررت في مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي، عندما فرضت اللجنة نظام توقف آلي للمبادلات في البورصة في حال حدوث تقلبات كبيرة في أسواق الأسهم، وكشف تشياو خلال مقابلة تلفزيونية في 2012 أنه كان خلال دراسته يفضل الفنون على الرياضيات وأنه «لم يختر دراسة المالية» في الجامعة.
ويلام تشاو على تنفيذ آلية لوقف تقلبات سوق المال، وفشله في توقع ذلك الانهيار، ومحاولة إيجاد حلول مضادة لنزيف الخسائر المتكرر.
وامضي خلفه ليو شيو أيضًا الجزء الأكبر من حياته المهنية في المصارف، وشغل منصب نائب رئيس البنك المركزي قبل أن يصبح رئيسا للمصرف الزراعي الصيني. وكان رئيس هذا المصرف استقال في ديسمبر (كانون الأول) «لأسباب شخصية»، بينما تحدثت معلومات نشرتها وسائل الإعلام عن استجوابه في إطار تحقيق في قضية فساد.
وتسعى الحكومة الشيوعية إلى زيادة عدد وزراء التكنوقراط في حكومتها، منهم تشو تشوان محافظ البنك المركزي الحالي، وشان غفون لين رئيس هيئة التنظيم المصرفي الحالي.. لكن تبعات إقالة المسؤول الصيني لن تظهر كاملة إلا مع فتح أسواق المال غدا الاثنين، حيث سيظهر وقتها إذا ما كان القرار سيتسبب في انتعاش البورصة نتيجة تصحيح المسار، أم تراجعها خوفا من التدخل الحكومي.
في الوقت ذاته، قالت محكمة في العاصمة الإسبانية مدريد ليلة أول من أمس إن الشرطة الإسبانية اعتقلت موظفا سادسا في فرع بنك الصين الصناعي والتجاري في مدريد، وذلك بعد اعتقال خمسة مديرين في مداهمة جرت يوم الأربعاء الماضي.
وتأتي هذه الاعتقالات في أعقاب تحقيق أجرته الشرطة ووكالة الضرائب الإسبانية واليوروبول في عملية غسيل أموال منسوبة عبر هذا الفرع، شملت أموالا يُشتبه بأن مجموعة إجرامية حولتها عن طريق بنك الصين، وأضافت المحكمة في بيانها أن البنك ما زال يعمل.
وقال مصدر قضائي إن المعتقلين يواجهون اتهامات بغسيل أموال والاحتيال وجرائم ضريبية، ومن بينهم المدير العام لفرع البنك في مدريد. وقالت السفارة الصينية في إسبانيا في بيان على موقعها على الإنترنت إن البنك كان يستخدم أحدث أنظمة مكافحة غسيل الأموال للسيطرة بشكل صارم على رأس المال.
وأضافت السفارة أن بنك الصين الصناعي والتجاري لعب دورا فعالا في دعم الاقتصاد المحلي الإسباني، بما في ذلك المساعدة في تمويل مشروعات استثمار محلية بأكثر من مليار يورو، أي 1.1 مليار دولار. وقالت إن فرع بنك الصين الصناعي والتجاري في مدريد يدفع بشكل فعال منذ تأسيسه التعاون التجاري بين الصين وإسبانيا.
من جانبها، قالت وزارة الخارجية الصينية في بيان لها إن بكين تولي أهمية كبيرة للقضية، وإنها طلبت أن تحمي إسبانيا حقوق ومصالح الشركات والمواطنين الصينيين هناك وتناول القضية وفقًا للقانون.
بكين تهدي الاقتصاد العالمي «48 ساعة» من القلق
إقالة رئيس البورصة بالتزامن مع تحقيق مدريد في قضية غسيل أموال
بكين تهدي الاقتصاد العالمي «48 ساعة» من القلق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة