غارة أميركية قرب العاصمة الليبية تخلف أكثر من 40 قتيلاً.. بينهم أحد قياديي «داعش»

سلطات طرابلس ومبعوث الأمم المتحدة يلتزمان الصمت حيال الضربة

غارة أميركية قرب العاصمة الليبية تخلف أكثر من 40 قتيلاً.. بينهم أحد قياديي «داعش»
TT

غارة أميركية قرب العاصمة الليبية تخلف أكثر من 40 قتيلاً.. بينهم أحد قياديي «داعش»

غارة أميركية قرب العاصمة الليبية تخلف أكثر من 40 قتيلاً.. بينهم أحد قياديي «داعش»

شنت طائرات حربية أميركية صباح أمس غارة جوية على مدينة صبراتة، الواقعة في غرب ليبيا بالقرب من الحدود التونسية، مما أسفر عن مقتل 41 شخصا وجرح 6 آخرين، معظمهم من تونس، بالإضافة إلى مواطن أردني مسيحي، وسيدتين.
وقال حسين الذوادي، عميد المدينة في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن الغارة وقعت نحو الساعة الثالثة والنصف فجر أمس، حيث قصفت الطائرات منزلا يقع بإحدى ضواحي صبراتة، موضحا أن «عدد القتلى وصل إلى 41 حتى الآن، وقد جرى نقلهم إلى مستشفى صبراتة، لكن ما زال هناك ضحايا تحت الأنقاض».
وتابع الذوادي موضحا أن عدد الجرحى الذين وصلوا إلى المستشفى بلغ ستة جرحى، «بينهم مواطنان تونسيان، ومواطن أردني مسيحي كان يعمل معهم، لكن لا وجود لجنسيات أخرى، وقد كانت هناك امرأتان، وقد رأيت إحداهما، ويبدو أنها في نهاية الثلاثينات من عمرها».
وبخصوص المنزل الذي تم استهدافه، أوضح الذوادي أنه مملوك لمواطن من المنطقة يدعى عبد المجيد المشوط، كان يؤجره لعدد من الأشخاص، وأنه ينتمي للجماعة الليبية الإسلامية المقاتلة، لكنه انعزل في فترة من الفترات عن الجماعة، وانشغل بالتجارة، ويبدو أنه كان يخدم في الخفاء، حسب رأي الذوادي، مشيرا إلى أنه ليس من الواضح أن القصف أميركي المصدر، لكنه لم يستبعد قيام جيوش أميركية أو قوات التحالف بالعملية، لأن الضربة كانت دقيقة جدا ومركزة للغاية، مضيفا أن التحقيقات الأولية أشارت إلى أن الضحايا دخلوا المنزل مؤخرا وكانوا قادمين للتو من تونس.
وبخصوص جنسيات القتلى أوضح الذوادي أنه «لا أسماء واضحة لأن الضحايا لا يحملون أوراقهم الثبوتية، لكن كانت هناك أسلحة بالمنزل الذي تحول إلى ركام نتيجة الضربة المحكمة والدقيقة».
وحول ماذا كانت الطائرات الأميركية قد حصلت على معلومات استخباراتية على الأرض قبل القصف، قال عميد صبراتة «لا نستبعد هذا الكلام، لكن وجود هذه المجموعة وتجمعها في مكان واحد يبدو أنه مستدرج ومتتبع، ويطرح تساؤلات حول الضربة».
من جانبها نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول أمني في ليبيا قوله إن «الغارة كانت دقيقة جدا وأصابت المنزل المستهدف وحده، كما أن آثار القصف لم تخرج ولو لمتر واحد عن هدفها»، مضيفا أن السلطات «أجرت تحقيقا مع أحد الجرحى الستة الذين أصيبوا في الغارة أيضا، وقال إنه جاء مع آخرين بهدف التدرب على القتال، وإن الجماعة التي أقلته إلى صبراتة عصبت عينيه طوال مدة الطريق».
من جهته، كشف الكولونيل مارك تشيدل، المتحدث باسم القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا، أن من بين أهداف الغارات الجوية ضرب المتشدد التونسي نور الدين شوشان، المشتبه بأنه وراء تنفيذ هجومين كبيرين في تونس. وقال بهذا الخصوص: «نحن نقيم نتائج العملية، وسنوفر معلومات إضافية حين يكون هذا ملائما وبالطريقة المناسبة».
وأكد هذه المعلومات نفسها مسؤول أميركي آخر لشبكة CNN الأميركية، حيث تحدث عن تنفيذ مقاتلات أميركية لضربة جوية على هدف تابع لتنظيم داعش في ليبيا، لافتا النظر إلى أن شوشان المستهدف يعتقد أنه مسؤول عن تنفيذ الهجومين اللذين شهدتهما تونس العام الماضي، واللذين استهدفا متحف باردو وشاطئ سياحي في منطقة سوسة. فيما قال مسؤول الإعلام بالمجلس المحلي لمدينة صبراتة، إن المجلس كان علم مسبق بالغارات الأميركية، وقال إن هناك تنسيقا بين الجانبين الأميركي والليبي بخصوص محاربة تنظيم داعش.
وجاءت الغارة الأميركية بعد ساعات فقط على تحذير المبعوث الأممي لدى ليبيا مارتن كوبلر من أن الوقت ربما لا يكون مناسبا للقيام بعمليات جوية دولية ضد أهداف تنظيم داعش في ليبيا، معتبرا أنها ربما ستعرقل جهود تشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على القيام بمهامها. وعد كوبلر في تصريحات أول من أمس أنه «من المهم عدم وضع العربة أمام الحصان» بشن غارات في هذه الفترة الدقيقة، لافتا النظر إلى أن هناك حاجة لوجود قوات على الأرض، وأن الغارات الجوية بمفردها لن تكون كافية.
لكنه في المقابل لفت النظر إلى أن محاربة مسلحي «داعش» على المدى الطويل ستتطلب أيضا جهدا بريا لاستعادة السيطرة على البلدات، والقرى الخاضعة حاليا لسيطرة التنظيم حول سرت، وعلى طول جزء من الساحل الليبي على البحر المتوسط.
أما بخصوص الغارة الأميركية، فقد التزم الدبلوماسي الألماني الصمت أمس ولم يدل بأي تعليق، وهو نفس الموقف الذي اتخذته السلطات غير المعترف بها دوليا، التي تسيطر على العاصمة الليبية طرابلس منذ نحو عامين.
وتقع صبراتة قرب الحدود التونسية، وهي واحدة من المناطق التي يقول مسؤولون غربيون إن متشددي تنظيم داعش يوجدون بها في إطار توسعهم داخل ليبيا، بينما تعتقد مصادر أمن تونسية أن متشددي التنظيم يتدربون في معسكرات قريبة من صبراتة، علما بأن مسلحين نفذوا هجمات على متحف تونسي وفندق ساحلي العام الماضي، أدت إلى مقتل عشرات الأشخاص، داخل معسكرات متشددين في ليبيا قبل العودة إلى وطنهم. وهذه أول غارة من نوعها تستهدف مدينة صبراتة، الواقعة على بعد 70 كيلومترا غرب العاصمة طرابلس، والخاضعة لسيطرة تحالف «فجر ليبيا» المسلح، الذي يخوض نزاعا على السلطة مع قوات السلطات المعترف بها دوليا، والتي تتخذ من شرق ليبيا مقرا لها.
إلى ذلك، يفترض أن يقدم اليوم فائز السراج، رئيس الحكومة المكلف برنامج حكومته، المؤلفة من 18 وزيرا، ويناقش السير الذاتية للوزراء اليوم السبت أمام البرلمان المعترف به دوليا في شرق البلاد، على أن يتم التصويت على الحكومة الثلاثاء المقبل.
لكن قبل جلسة اليوم مارست الدول الكبرى ضغطها الرسمي على البرلمان الليبي، ودعته إلى منح ثقته لحكومة السراج، حيث دعا بيان مشترك صادر عن حكومات فرنسا والولايات المتحدة، والإمارات وألمانيا، وإسبانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة، مجلس النواب إلى تحمل مسؤولياته باعتماد قائمة أعضاء الحكومة بالكامل. وأكد أن الاعتماد النهائي لهذه الحكومة يمثل مرحلة أساسية لتمكين الشعب الليبي من إعادة بناء بلاده، ومواجهة التهديد الذي يمثله «داعش»، معتبرا أن طريق المصالحة وتشكيل حكومة وفاق وطني يمثلان للشعب الليبي مخرجا إيجابيا ويسمح بالمضي قدما. كما شدد البيان على الدعم الكامل للشعب الليبي وحكومة الوفاق الوطني في مهمته الصعبة لاستعادة الوحدة والاستقرار، محذرا من أن استمرار الانقسامات سيستفيد منه «داعش» والمجموعات المتطرفة الأخرى التي تسعى لتقسيم ليبيا.
من جهة أخرى، ندد رئيس بلدية بنغازي في شرق ليبيا، ونائب رئيس بلدية طرابلس بالأوضاع الإنسانية الصعبة للغاية في المدينتين، على هامش مشاركتهما في روما كضيوف، وذلك في جلسة للجمعية البرلمانية للاتحاد المتوسطي، إذ قال عمر عبد الله محمد البرعصي، رئيس بلدية بنغازي، إن «الوضع أصبح كارثيا في بنغازي»، مضيفا أن «ميليشيات إرهابية تهاجم المدينة من الضواحي، وتم إغلاق المطار والميناء». وتابع البرعصي موضحا أن «الوضع الإنساني دقيق جدا، فهناك نقص في الغذاء والدواء، ونأمل أن يقدم الاتحاد الأوروبي دعما لجيشنا»، لكي يستطيع القضاء على الميليشيات.
من جهته، قال عبد الرحمن الجيلالي، نائب رئيس بلدية طرابلس، إن الكثير من المواطنين يفرون من المناطق الشرقية والغربية في المدينة بسبب تعرضها لهجمات تشنها جماعات مسلحة، موضحا أن الأزمة في ليبيا «أدت إلى رفع معدلات البطالة في طرابلس. كما أن الأطفال لا يذهبون إلى المدارس، في حين ارتفعت نسبة التضخم كثيرا، وأصبح الغلاء يشمل الإيجار والغذاء. وكل شيء أصبح أكثر تكلفة».
ومن جانبه، قال المبعوث الإيطالي الخاص لليبيا الدبلوماسي جورجيو ستاراتشي إن روما تعتمد كثيرا على التعاون مع رؤساء البلديات وغيرهم من المسؤولين المحليين لأن ذلك يسمح بحل المشاكل اليومية للسكان الذين تشكل البلدية في نهاية المطاف محاورهم الوحيد، في ظل عدم وجود حكومة وحدة وطنية.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.