سماحة: نقلت المتفجرات بسيارتي من سوريا إلى لبنان.. للحفاظ على سرّية العملية

أصيب بوعكة صحية داخل المحكمة استدعت نقله إلى المستشفى

سماحة: نقلت المتفجرات بسيارتي من سوريا إلى لبنان.. للحفاظ على سرّية العملية
TT

سماحة: نقلت المتفجرات بسيارتي من سوريا إلى لبنان.. للحفاظ على سرّية العملية

سماحة: نقلت المتفجرات بسيارتي من سوريا إلى لبنان.. للحفاظ على سرّية العملية

كثيرة هي الأسئلة التي وجهتها محكمة التمييز العسكرية وممثل النيابة العامة إلى الوزير اللبناني الأسبق ميشال سماحة عن أسباب وخلفيات وأهداف نقله المتفجرات من سوريا إلى لبنان، لكن أجوبة المتهم كانت قليلة ومتناقضة، غير أن أهميتها تكمن في جملة واحدة لفظها بعفوية، وفيها يؤكد أنه «نقل المتفجرات بسيارته الخاصة من أجل الحفاظ على سرية العملية». هذا الكلام الذي قاله أحرج فريق الدفاع الذي أظهر عدم رضاه، ما سبب له ارتباكًا تطور إلى وعكة صحية أدت إلى تعطيل الجلسة واستدعت نقله من قفص الاتهام إلى المستشفى لتلقي العلاج.
وفي الجلسة الثالثة لاستجوابه يوم أمس، مثل ميشال سماحة الذي يشغل منصب المستشار السياسي لرئيس النظام السوري بشار الأسد، أمام محكمة التمييز العسكرية برئاسة القاضي طاني لطوف، لاستكمال طرح الأسئلة حول التهمة المنسوبة إليه وهي «القيام بأعمال إرهابية من خلال نقله 25 عبوة ناسفة بسيارته الخاصة من دمشق إلى بيروت، والتخطيط لتفجيرها في شمال لبنان بتجمعات شعبية وموائد إفطارات رمضانية وقتل مواطنين ونواب ورجال دين ومعارضين سوريين»، إلا أن الجلسة لم تدم طويلاً بفعل إصابة المتهم بعارض صحي استدعى نقله إلى طوارئ مستشفى «أوتيل ديو» بإشراف طبيبه الخاص الدكتور كميل خوري.
الأسئلة والاستفسارات الكثيرة أوقعت سماحة في كثير من التناقض، ما دفعه للعودة إلى المحاضر والإفادات التي أدلى بها سابقًا تجنبًا لمزيد من الإخفاق والإرباك، وردًا على سؤال عمّا إذا كان يعلم بماهية المتفجرات التي أحضرها من سوريا، أجاب «عند تسليم هذه المتفجرات إلى ميلاد كفوري كنت أعرف بأنها مواد متفجرة، لكن حتى الآن لا أعرف نوعها وتركيبتها». وهنا سأله رئيس المحكمة: يعني أنت تعرف أنها متفجرات وهي تنفجر لتقتل؟ فصمت قليلاً وقال: «ما عندي جواب».
المتهم أفاد بأن «الغاية من إحضار المتفجرات كانت تنحصر بإحداث تفجيرات على المعابر غير الشرعية في الجرود على الحدود الشمالية لردع المسلحين الذين يتسللون من لبنان إلى سوريا وبالعكس»، وذهب إلى تبرير ذلك، بقوله إن «المرجع السوري الذي سلمني المتفجرات (مدير مكتب علي مملوك العقيد عدنان) أراد فقط وقف تدفق المسلحين عبر الحدود مع لبنان». مؤكدًا أن «هذا المرجع لا يعرف المخبر ميلاد كفوري الذي طلب هذه المتفجرات وجرى تسليمه إياها».
«أليس غريبًا أن يسلّم مسؤول سوري هذه المتفجرات لوزير سابق وينقلها الأخير بسيارته الخاصة من دمشق إلى بيروت ليعطيها إلى شخص مجهول بالنسبة للسوريين» سأل ممثل النيابة العامة سماحة، فكان ردّ المتهم أن «العملية تمت بهذه الطريقة للحفاظ على سريتها». وعمّا إذا كان يعتبر هكذا عملية تعدّ أمرًا عاديًا أجاب: «لا أعرف إذا كان الأمر عاديًا أو غير عادي، لكن ما أعرفه أنني وقعت في فخّ محبك تقنيًا ومهنيًا ومخابراتيًا ولم تكن غايته الإيقاع بي وحدي، إنما الإيقاع بسوريا، أنا لست مهمًا في هذا الموضوع، بل المهم إلى أين يصلون من خلالي».
وللدلالة على اطلاعه على كامل المخطط التفجيري، سأل المدعي عن الأهداف التي حددها مع كفوري خصوصًا ما يتعلّق بتفجير إفطارات وقتل نواب وسياسيين ورجال دين، فأوضح المتهم «لم نحدد أهدافا لتفجيرها لا أنا ولا كفوري، ولم نضع خططًا تفصيلية للتنفيذ ولا مواعيد، ولكن كفوري كان يتحدث عن تصور غير كامل، وأنا لست مقتنعًا بقدرته على تفجير إفطارات وقتل شخصيات، بل اقتنعت بقدرته على القيام بعمل أمني على الحدود يردع المسلحين».
وهنا رفع سماحة يده، وأبلغ رئيس المحكمة بأنه متعب وقال: «أشعر بدوخة وألم في معدتي وغثيان، وأنا غير قادر على متابعة الاستجواب». فأعلمه القاضي لطوف أنه سيرفع الجلسة للاستراحة لمدة ربع ساعة ليشرب الماء ويرتاح قليلاً ليستكمل بعدها الاستجواب، رافضًا طلبًا تقدم به وكلاء الدفاع لتأجيل الجلسة. وبعد رفع الجلسة للاستراحة اتصلت عائلة سماحة بطبيب الأخير الدكتور كميل خوري الذي حضر وعاينه في مكتب جانبي، وأشار إلى ضرورة نقله إلى طوارئ أحد المستشفيات لأنه يعاني من انخفاض في ضغط الدم وسرعة في دقات القلب. وبالفعل جرى الاتصال بالصليب الأحمر بحيث حضرت سيارة إسعاف نقلت المتهم إلى طوارئ مستشفى «أوتيل ديو».
بعدها استؤنفت الجلسة بحضور وكلاء سماحة، فأوضح ممثل النيابة العامة أنه كلف الطبيب خوري إيداع المحكمة تقريرًا مفصلاً عن وضع سماحة الصحي، وعندها قررت المحكمة إرجاء الجلسة إلى يوم الثلاثاء المقبل لاستكمال الاستجواب. وتقدم فريق الدفاع عن المتهم بمذكرة طلب فيها تعيين لجنة خبراء متفجرات من الجيش اللبناني للكشف على المتفجرات التي نقلها سماحة من سوريا إلى لبنان وتحديد نوعها ووجهة استخدامها وما إذا كانت معدّة لتفجير، فكان جواب رئيس المحكمة أن هذا الطلب يناقش بعد انتهاء الاستجواب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.