تصاعد القلق في المكسيك بعد هبوط البيزو

التوتر يصيب المستهلكين رغم طمأنة خبراء الاقتصاد

موقع تنقيب نفطي قرب فيراكروز المكسيكية (نيويورك تايمز)
موقع تنقيب نفطي قرب فيراكروز المكسيكية (نيويورك تايمز)
TT

تصاعد القلق في المكسيك بعد هبوط البيزو

موقع تنقيب نفطي قرب فيراكروز المكسيكية (نيويورك تايمز)
موقع تنقيب نفطي قرب فيراكروز المكسيكية (نيويورك تايمز)

كسرت المذيعة الحوارية ذات اللسان الطلق أندريا ليغاريتا روتينها المعتاد من استضافة المشاهير والثرثرة الفضفاضة حول النصائح المنزلية للمشاهدين لتقدم درسا ارتجاليا في الاقتصاد العالمي والبيزو المكسيكي.
قالت المذيعة ليغاريتا، مضيفة البرنامج الصباحي الشهير «هوي» (اليوم): «من الواضح أن الاقتصاد العالمي له علاقة وطيدة بما يجري حاليا في الاقتصاد الصيني»، مركزة في حديثها على بعض مقاطع الكلمات للتأكيد.. ومع التباطؤ المتزايد في الاقتصاد الصيني، أوضحت المذيعة التلفزيونية الشهيرة «فإن ذلك يثير الكثير من التوتر في مختلف أنحاء العالم».
ويوافقها راؤول أريزا المذيع المشارك في برنامجها قائلا إن «أحد التأثيرات التي تشهدها المكسيك بسبب ذلك هو أن الدولار أصبح أكثر تكلفة قليلا مما كان عليه الأمر من قبل». وأجابته السيدة ليغاريتا قائلة: «لا داعي للخوف. ليس بسبب أن الدولار يرتفع فعلا، فلا يعني ذلك أن أسعار كل شيء تشتريه سوف ترتفع تبعا له. أتريد أن تعرف لماذا؟».
ثم تابعت حديثها في تفسير أسعار صرف العملات والصادرات الرخيصة، وكل ذلك في محاولة منها للهروب من حالة الارتباك التي تنتابها بالفعل. ولكن في نهاية المطاف، اتفقت السيدة ليغاريتا والسيد أريزا على أنه لا ينبغي على الشعب المكسيكي القلق من تراجع سعر البيزو المكسيكي ما لم يتجه الاقتصاد إلى الواردات باهظة الثمن.
وكان طرحهم غير المنضبط لقضية المنافسة العالمية قد أثار عاصفة من السخرية عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي. وفي ردها على ذلك حاولت السيدة ليغاريتا الفرار من اللوم. ففي تغريدة نشرتها على «تويتر»، ثم أزيلت لاحقا، كتبت تقول إنها قالت في البرنامج بالضبط ما أراد المعلنون منها قوله. ولكن مناقشتها اللاهثة لعلم الاقتصاد لم تجدِ شيئا في تهدئة مخاوف المستهلكين في المكسيك: فلقد هبط البيزو لأكثر من 30 في المائة مقابل الدولار خلال العام الماضي، مع هبوط حاد أخير ومسجل خلال هذا الأسبوع.
وفي المكسيك، التي أدت انهيارات العملة إلى تضاعف التضخم ثلاث مرات وحدوث حالة من الركود العميق، فإن تراجع البيزو يخلق المزيد من القلق بكل تأكيد.
ويقول الونزو سيرفيرا، المدير التنفيذي لاقتصاديات أميركا اللاتينية لدى بنك كريدي سويس: «بالنسبة للكثير من الأجيال في المكسيك، كان البيزو الضعيف مرتبطا ارتباطا وثيقا بالأزمة. ولا يتفهم الجميع أن الأسباب في ذلك خارجية».
وأحد تلك الأسباب هي انخفاض أسعار النفط عالميا، والتي تستنزف ثقة السوق في الدول المصدرة للنفط مثل المكسيك. وتعتمد الحكومة هنا على عائدات النفط في تمويل جزء من ميزانية البلاد، وكان من شأن الانخفاض في أسعار النفط أن يسبب تخفيضات كبيرة في الميزانية. وشدد اوغستين كارستينز محافظ البنك المركزي المكسيكي الأسبوع الماضي على الحاجة الماسة إلى فرض المزيد من التخفيضات في الميزانية لتجنب «عملية التكيف ذات الوقت الطويل والأكثر إيلاما».
ومع ذلك، يقول المحللون إن الاقتصاد المحلي يتمتع بحماية أفضل الآن مما كان عليه الأمر في الماضي. فالدين العام يتحرك في محيط معقول ويستقر البنك المركزي للبلاد على احتياطي أجنبي صحي. وعلى العكس من الكثير من اقتصاديات الأسواق الناشئة التي شهدت عملاتها تناضل نضالا مريرا أمام الدولار، حقق الاقتصاد المكسيكي نموا متواضعا بنسبة 2.5 في المائة خلال العام الماضي، ومن المتوقع أن تزيد تلك النسبة خلال العام الحالي. ويقول غابريل لوزانو كبير خبراء الاقتصاد المكسيكي لدى بنك جيه بي مورغان، والذي يدفع بأن الاقتصاد المكسيكي يعكس الكثير من إشارات القوة والصحة: «هناك الكثير من القوى الفاعلة في الاقتصاد، ومن الصعوبة للغاية الفصل ما بينهم. كما أن هناك الكثير من الفواصل بينها». ولكن المخاوف العامة يمكنها أن تدفع المستهلكين في المكسيك إلى تأخير عمليات الشراء والاستثمارات، مما يضع قيودا كثيرة على الاقتصاد. ولتجنب حدوث ذلك، يعمل المسؤولون بجدية للوصول إلى اللغة السلمية لتهدئة المخاوف لدى الناس.
ويقول لويس فيديغراي وزير المالية المكسيكي خلال مقابلة إذاعية مؤخرا: «إنها حقيقة أننا نمر في الوقت الراهن بحالة كبير من الشك وعدم اليقين والتقلب في أسواق رؤوس الأموال. ولكي نواجه ذلك، يتعين على الحكومة المكسيكية أن تتصرف بنفس الأسلوب الذي اعتمدته من قبل، مع كامل المسؤولية، مع اتخاذ التدابير المبكرة لحماية استقرار الاقتصاد، وبهذه الطريقة نوفر الحماية لأكثر الأشياء أهمية – ألا وهي حماية اقتصاد العائلات المكسيكية». ويكمن القلق الكبير هناك في أن البيزو الضعيف سوف يخلق التضخم الكبير مع انتقال ارتفاع أسعار الواردات إلى المستهلكين.
وتعتبر العلاقة التي تربط الاقتصاد المكسيكي بالاقتصاد الأميركي من أقوى العلاقات في العالم، حيث يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 1.5 مليار دولار عبر الحدود المشتركة يوميا. مما يعني أنه أينما تجول أحدنا بنظره هنا أو هناك فإن تأثير ارتفاع أسعار المنتجات الأميركية يشعر به المواطن المكسيكي على الفور. ويقول موي غريغوريو (33 عاما) وهو مدير أحد محال العصير في مكسيكو سيتي، وهو يمزج التفاح المستورد من ولاية واشنطن الأميركية مع مختلف الفواكه المكسيكية المحلية: «يرتفع سعر التفاح من يوم إلى آخر. وإذا ما استمر سعر الدولار على هذا النحو، فلن يكون أمامي من بديل سوى رفع أسعار العصير».
ويحاول التجار في الوقت الراهن العمل على ابتلاع زيادة التكاليف في المكسيك. حيث يقول ادغار هيرنانديز (35 عاما) ويعمل مديرا لأحد المتاجر التي تبيع الدواجن الطازجة «ظلت أسعار الدجاج في ارتفاع مستمر كل يوم منذ سبتمبر (أيلول) الماضي». ويعتقد السيد هيرنانديز أن الدواجن المحلية المكسيكية تتغذى على الأعلاف الحيوانية المستوردة، ولكنه أضاف يقول: «أيا كان السبب، فليس أمامي إلا رفع الأسعار على المستهلكين». «تعتبر أسعار الأقطان المستوردة من الولايات المتحدة إحدى المشاكل الكبيرة التي تواجه مختبرات لوروا»، كما يقول ارماندو لاغورين (48 عاما) ويعمل في المبيعات والتدريب لصالح الشركة المكسيكية العاملة في صناعة الضمادات وغيرها من اللوازم الطبية.
وأضاف السيد لاغورين أنه بدلا من تحميل زيادة الأسعار على المستهلك العادي، تسعى الشركة إلى تخفيض التكاليف وزيادة الإنتاجية، حتى لو كان ذلك يعني تسريح بعض العمال من وظائفهم.
حتى الآن، يعتبر معدل التضخم في المكسيك مستقرا، وهو أدنى بكثير من هدف البنك المركزي البالغ 3 نقاط مئوية. كما أن سعر العملة المحلية الرخيص يعد من الأنباء السارة لبعض قطاعات الاقتصاد، مثل قطاع السياحة. كما يؤدي لازدهار بعض الخدمات الأخرى كذلك. ويقول كارلوس لييرغو، وهو منتج لدى شركة آري لولو التي توفر خدمات الإنتاج لشركات تصوير الإعلانات في المكسيك: «كنت أعمل على ترتيب الميزانيات للكثير من الأجانب دون توقف. حتى مع ارتفاع سعر البيزو، كانوا يأتون إلى هنا لأجل مواقع التصوير الجيدة أو الفنيين المهرة. والآن مع انخفاض سعر البيزو كثيرا وأنهم يكسبون الكثير من الأموال، فهم في منتهى السعادة لذلك».
أما افيلينو رودريغيز، الشريك الإداري في شركة ليفت، إحدى شركات خدمات الإنتاج الأخرى في المكسيك، فيقول إن تكلفة تصوير إعلان جعة كورونا مؤخرا كان أدنى من الميزانية المقدرة بنسبة 10 في المائة نظرا لانخفاض سعر صرف البيزو. ولكن البيزو الرخيص في حد ذاته ليس كافيا لضمان استمرار الأعمال كما يقول السيد رودريغيز. فهناك منافسة محتدمة من إسبانيا، والبرتغال، وجنوب أفريقيا، والأرجنتين في نفس المجال – ولقد سجلت عملاتهم المحلية هبوطا كبيرا أيضا.
كما أن واحدة من أكثر الصناعات المكسيكية تواجه في الوقت الراهن تحديات مماثلة. ويوضح أوسكار البين، المدير التنفيذي لصناعة قطع غيار السيارات الوطنية «أجل، لدينا قدرات تنافسية عالية، كما هو الحال كذلك مع كافة الأسواق الناشئة التي تعمل في نفس المجال».
وحققت مصانع قطع غيار السيارات المكسيكية مبيعات بمقدار 85 مليار دولار خلال العام الماضي. ويقول السيد البين «إذا توفرت لدينا جميعا نفس الميزة، فلن تظل ميزة لأحد بعد ذلك». وعلاوة على ذلك، فإن الكثير من المكونات، مثل الصلب، والبلاستيك، وألياف المقاعد، يتم تسعيرها بالدولار الأميركي.
لم يكن التسعير فقط هو الذي منح المكسيك ميزتها الفريدة، كما يقول السيد البين: «إنها الإنتاجية التي تجعلنا قادرين على المنافسة».
* خدمة «نيويورك تايمز»



«ناسداك» يتجاوز 20 ألف نقطة للمرة الأولى مع استمرار صعود أسهم الذكاء الاصطناعي

شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
TT

«ناسداك» يتجاوز 20 ألف نقطة للمرة الأولى مع استمرار صعود أسهم الذكاء الاصطناعي

شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)

اخترق مؤشر ناسداك مستوى 20 ألف نقطة، يوم الأربعاء، حيث لم تظهر موجة صعود في أسهم التكنولوجيا أي علامات على التباطؤ، وسط آمال بتخفيف القيود التنظيمية في ظل رئاسة دونالد ترمب ومراهنات على نمو الأرباح المدعومة بالذكاء الاصطناعي في الأرباع المقبلة. ارتفع المؤشر الذي يهيمن عليه قطاع التكنولوجيا 1.6 في المائة إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 20001.42 نقطة. وقد قفز بأكثر من 33 في المائة هذا العام متفوقاً على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 القياسي، ومؤشر داو جونز الصناعي، حيث أضافت شركات التكنولوجيا العملاقة، بما في ذلك «إنفيديا» و«مايكروسوفت» و«أبل»، مزيداً من الثقل إلى المؤشر بارتفاعها المستمر. وتشكل الشركات الثلاث حالياً نادي الثلاثة تريليونات دولار، حيث تتقدم الشركة المصنعة للآيفون بفارق ضئيل. وسجّل المؤشر 19 ألف نقطة للمرة الأولى في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما حقّق دونالد ترمب النصر في الانتخابات الرئاسية الأميركية، واكتسح حزبه الجمهوري مجلسي الكونغرس.

ومنذ ذلك الحين، حظيت الأسهم الأميركية بدعم من الآمال في أن سياسات ترمب بشأن التخفيضات الضريبية والتنظيم الأكثر مرونة قد تدعم شركات التكنولوجيا الكبرى، وأن التيسير النقدي من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يبقي الاقتصاد الأميركي في حالة نشاط.