أعلنت الأمم المتحدة أمس في تقريرها السنوي أن عام 2015 كان الأكثر دموية بالنسبة للمدنيين في أفغانستان منذ أن بدأت المنظمة الدولية في 2009 تعداد القتلى والجرحى. ويتزامن هذا الارتفاع مع انتهاء المهمة الانتقالية للحلف الأطلسي. وأوقعت الحرب في الإجمال 11002 ضحية في 2015، أي أكثر بـ4 في المائة من عام 2014، بحسب الأمم المتحدة التي تشير إلى مقتل 3545 مدنيا العام الماضي. وتحدثت عن زيادة عدد الهجمات التي تشنها حركة طالبان في المدن.
وعلق الممثل الخاص للأمم المتحدة في أفغانستان نيكولاس هيسوم على هذه الحصيلة بقوله: «أن الأذى الذي لحق بالمدنيين غير مقبول إطلاقا». وأضاف: «ندعو أولئك الذين يتسببون بهذه المعاناة للشعب الأفغاني إلى العمل بشكل ملموس من أجل حماية المدنيين ووضع حد للمجازر». وتعتبر المعارك والاعتداءات في الأماكن المأهولة السبب الرئيسي للوفيات في صفوف المدنيين في 2015. وأشار التقرير في شكل خاص إلى عمليات تسلل طالبان إلى مراكز المدن وسيطرتهم لفترة وجيزة على مدينة قندوز في سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول).
والضعفاء هم الذين يدفعون الثمن. وبحسب التقرير فإن ربع الضحايا من الأطفال، أي بزيادة 14 في المائة على مدى سنة. وقال هيسوم في مؤتمر صحافي أمس إن إحصاءات التقرير «لا تعكس الرعب الحقيقي». وأضاف أن «الثمن الحقيقي يقاس بجثث الأطفال المشوهة، والمجموعات التي يتعين عليها العيش مع عمليات القتل هذه، وما يقاسيه الأقارب والعائلات التي تجد نفسها محرومة من الموارد والأهل المحزونون على أولادهم والأطفال المحزونون على أهاليهم». والمعارك والعبوات المتفجرة هما أبرز سببين لمقتل القاصرين، لكن عددا كبيرا من الأطفال قتلوا بعدما جمعوا أو لعبوا بقذائف غير منفجرة، ظنا منهم أنها ألعاب. وأدت تلك القذائف إلى مقتل 113 طفلا، أي بمعدل اثنين في الأسبوع. وأشار التقرير أيضًا إلى ارتفاع بنسبة 37 في المائة في عدد النساء اللاتي أصبن في النزاع. وهناك امرأة بين كل عشر ضحايا.
وأوضح أن عددا متزايدا من النساء بتن أهدافا بسبب إساءتهن المفترضة إلى القيم الأخلاقية، ووصف عمليات قتلهن ومعاقبتهن بأنها «اتجاه مثير للقلق»، معلنا عن نشر تقرير آخر للأمم المتحدة عن الموضوع، قريبا. وأضاف التقرير أن 62 في المائة من الضحايا سقطوا برصاص قوات معادية للحكومة ومنها طالبان. لكن التقرير أشار أيضًا إلى أن عدد الضحايا التي أوقعتها القوات الموالية للحكومة - الجيش الأفغاني والقوات الدولية - ارتفع 28 في المائة خلال سنة. فقد سقط 17 في المائة من إجمالي الضحايا في 2015 برصاص هذه القوات، كما قال التقرير، الذي أوضح أنه لم يكن ممكنا تحديد الجهة التي تسببت في مقتل الـ21 في المائة الباقية من الضحايا». وانتقدت الأمم المتحدة استخدام العبوات المتفجرة من قبل القوات الأفغانية في مناطق مأهولة.
وانتقلت قوات الحلف الأطلسي في الأول من يناير (كانون الثاني) 2015 من مهمة قتالية إلى مهمة تدريب ودعم للقوات الأفغانية التي تسلمت الخطوط الأمامية وبدأت التصدي للمسلحين. وتظهر إحصاءات مرعبة أن عدد المدنيين الذين قتلوا في إطار الهجمات التي استهدفت قضاة ومدعين ومؤسسات قضائية، قد تضاعف. ووقعت 188 إصابة منهم 46 قتيلا. وأعلنت حركة طالبان مسؤوليتها عن 95 في المائة من تلك الهجمات. وإذا كانت المعارك السبب الرئيسي للقتلى المدنيين، تحل العبوات المتفجرة في المرتبة الثانية، كما تقول الأمم المتحدة، وتضيف أن استخدام هذا النوع من السلاح مخالف للقانون الدولي ويمكن أن يشكل جريمة حرب. وقد زادت طالبان الاعتداءات والهجمات العسكرية باستمرار في الأشهر الأخيرة، وشكلت تحديا للجيش والشرطة الأفغانيين. ويسعى الصينيون والأميركيون والأفغان والباكستانيون إلى استئناف عملية السلام لإنهاء تمرد دام مستمر منذ أكثر من 14 عاما. وقالوا إنهم يتوقعون استئناف الحوار المباشر بين متمردي طالبان وكابل قبل نهاية الشهر الحالي.
إلى ذلك، قال مسؤول كبير إن مسلحين من حركة طالبان استخدما سيارتي «همفي» استوليا عليهما في شن هجومين انتحاريين في إقليم هلمند بجنوب البلاد أول من أمس مما أدى إلى مقتل عدد من عناصر قوات الأمن في سانجين.
وقع الحادث مع احتدام القتال في هلمند الذي يمثل معقلا تقليديا لطالبان، حيث اجتاح المسلحون كثيرا من المناطق مما جعل القوات الحكومية تواجه صعوبات شديدة للاحتفاظ بمناطق مهمة مثل سانجين ومرجة. وقال عبد الرحمن سارجانج مدير الشرطة بالإقليم إنه بعد قتال عنيف أول من أمس خسرت طالبان خلاله 40 مقاتلا فجر انتحاريان سيارتي «همفي» أفغانيتين في مقري الشرطة وحاكم الإقليم. وقال سارجانج: «طالبت الشرطة السيارة الهمفي الأولى بالتوقف لكنها تجاهلت التحذيرات فأطلقت الشرطة عليها قذيفة صاروخية». وفجر الانتحاري الثاني السيارة الأخرى قرب نقطة تفتيش تتولى حراسة المقرين. وقال سارجانج إن أربعة من رجال الشرطة قتلوا وأصيب سبعة بينما قال متحدث باسم الجيش إن جنديا قتل وأصيب آخر.
وفي كابل أكد الجنرال جون كامبل قائد القوات الدولية في أفغانستان الذي يستعد لترك منصبه وقوع الحادث، لكنه نفى تعرض أي قوات أميركية للهجوم. وقال: «أعتقد أن القوات الأفغانية الآن تملك خطة للتصدي لذلك».
واستولت طالبان على كميات كبيرة من الأسلحة والمعدات من القوات الحكومية الأفغانية بينها سيارات «همفي» ومركبات أخرى مع تصاعد العمليات المسلحة خلال العام الماضي.
في غضون ذلك، ذكر مسؤولون أمس أن أحد خبراء صناعة المفرقعات في حركة طالبان قتل وأصيب ثلاثة من مساعديه نتيجة لانفجار في إقليم فارياب شمال أفغانستان. ونقلت وكالة «باجوك» الأفغانية للأنباء عن مسؤول عسكري قوله إن الخبير كان يدرب المقاتلين على كيفية استخدام العبوات الناسفة في بلدة «بيلاند جور» بمنطقة «قيصر» بإقليم فارياب مساء أمس عندما انفجرت القنبلة. وقال المتحدث باسم «فيلق شاهين 209» بالجيش الميجور رضا رضائي، إن خبير صناعة المفرقعات قتل وأصيب ثلاثة آخرون من عناصر طالبان ودمرت أربع من دراجاتهم البخارية.
الأمم المتحدة: أكثر من 11 ألف مدني قتلوا أو أصيبوا في 2015 في أفغانستان
طالبان تشن هجومين انتحاريين بسيارتي «همفي» استولت عليهما من الجيش الأفغاني
الأمم المتحدة: أكثر من 11 ألف مدني قتلوا أو أصيبوا في 2015 في أفغانستان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة