«الهلال الأحمر السوري» متهم بحجب المساعدات عن المعارضة

ريحاوي قال لـ {الشرق الأوسط} إنها توزعها على قوات الدفاع الوطني وتسربها إلى السوق

«الهلال الأحمر السوري» متهم بحجب المساعدات عن المعارضة
TT

«الهلال الأحمر السوري» متهم بحجب المساعدات عن المعارضة

«الهلال الأحمر السوري» متهم بحجب المساعدات عن المعارضة

طالبت «الرابطة السورية لحقوق الإنسان» أمس بإقصاء دور منظمة الهلال الأحمر السوري من مهام توزيع المساعدات الإغاثية وإدخال المواد الطبية إلى المناطق السورية المحاصرة، ووضع تلك المهام تحت إشراف الأمم المتحدة، متهمة «الهلال الأحمر» بأنه منظمة «باتت غير حيادية بالنظر إلى علاقتها بالنظام السوري»، كما قال رئيس «الرابطة السوري» عبد الكريم ريحاوي لـ«الشرق الأوسط»، مشيرًا إلى أن «الهلال الأحمر» يحجب المساعدات عن أحياء المعارضة في مدينة حلب، «تنفيذا لأوامر النظام السوري»، في وقت يصف ناشطون الوضع الإنساني في كبرى مدن الشمال بـ«المأساوي». وتفاقم الوضع الإنساني في مدينة حلب، منذ بدء القوات النظامية وحلفائها هجومًا عسكريًا واسعًا، مدعمًا بغطاء جوي روسي، ضد الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في المدينة والمناطق المحيطة في ريف حلب الشمالي، أسفر عن مقتل عشرات المدنيين، بحسب ما يؤكد ناشطون.
وتحدثت مصادر المعارضة عن عمليات عسكرية شهدتها أحياء حلب القديمة أمس، تخللتها غارات جوية متتالية استهدفت مناطق الشيخ خضر ومشهد والزيدية والأنصاري والقاطرجي، مؤكدة مقتل عشرة أشخاص في حي القاطرجي، نتيجة هجوم بالصواريخ أدى أيضًا إلى تدمير مبنى من 5 طوابق فوق رؤوس المدنيين، لافتة إلى ارتفاع عدد الضحايا، ووجود سكان عالقين تحت الركام، و«يحاول عناصر الدفاع المدني إنقاذهم بواسطة وسائل بدائية». وفي الوقت نفسه، تعرضت مناطق في الريف الشمالي لقصف مدفعي وجوي، استهدفت طريق بيانون - حيان في الريف الشمالي، بينما قالت مواقع إلكترونية معارضة في حلب إن القصف الجوي الروسي استهدف عندان وبلدتي كفر حمرة وحيان وحريتان والهراميس وكفرناها في ريف حلب الشمالي. وأدى القصف إلى ارتفاع موجة النزوح باتجاه الحدود التركية عبر أحياء حلب الغربية وعبر طريق أعزاز، حيث يحتشد في المنطقة الحدودية عشرات آلاف النازحين.
هذا، وأعلن مجلس «محافظة حلب الحرة» منطقة ريف حلب منطقة منكوبة، مشيرًا إلى أن النزوح باتجاه أعزاز أو ريفي حلب الغربي وإدلب محصور بالأطفال والنساء والعجائز، ويمنع دخول الرجال والشباب إلا في حالات الضرورة القصوى، بينما تم إجلاء 1500 شخص خلال الأيام الفائتة.
ويسكن أحياء مدينة حلب الخاضعة لسيطرة المعارضة ما يقارب 350 ألف نسمة، نزح عنها عشرات الآلاف إثر عمليات القصف الجوي المستمرة، وسط نقص حاد في المواد الإغاثية والكوادر الطبية، بفعل الحصار وتدمير المستشفيات الميدانية. وتشير «الرابطة السورية لحقوق الإنسان» إلى أن «الفرق الطبية لا تمتلك الحد الأدنى من الوسائل الضرورية لمعالجة الضحايا نتيجة النقص الحاد بالأدوية والمضادات الحيوية وأدوات التخدير والتعقيم، والنقص بالكوادر الطبية، إضافة انقطاع الكهرباء والمياه».
وقال رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان عبد الكريم ريحاوي إن الوضع تفاقم «بسبب إحجام الهلال الأحمر السوري عن إدخال المواد الضرورية، بانتظار أوامر من النظام السوري»، مشيرًا إلى أن «تدهور الوضع الإنساني يحتاج إلى تدخل دولي لوقف تهجير المدنيين». وأضاف: «الحل لا يكون بتقديم المساعدات، بل بحماية المدنيين من القصف الروسي، وهي مسؤولية المجتمع الدولي». وهاجم ريحاوي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» منظمة الهلال الأحمر السوري، قائلاً إنها تحولت إلى «منظمة مشبوهة وغير حيادية، بالنظر إلى علاقتها بالنظام السوري»، لافتًا إلى أن «رئيس مجلس إدارة المنظمة التي يفترض أن تكون محايدة وإنسانية، عبد الرحمن العطار، هو واحد من أكبر داعمي النظام».
وقال: «في السابق، تحولت بعض المقرات التابعة لها مثل المستودعات إلى فروع أمنية، إذ وضعها العطار تحت تصرف النظام والمخابرات وحولوها إلى مقرات تعذيب»، مضيفًا أن «الهلال الأحمر السوري استخدم سيارات الإسعاف، بتواطؤ من العطار، في عمليات أمنية مثل الاقتحامات، وهي جريمة بالنظر إلى أنها استغلال واضح للمنظمات الدولية لصالح النظام».
وقال ريحاوي إن المنظمة «تستولي على المساعدات وتوزعها على مناطق موالية وقوات الدفاع الوطني، ويتسرب جزء منها لتجار الأزمة والسوق السوداء، علما بأنها غير مخصصة للبيع، بينما لا يدخل 20 في المائة منها إلى مناطق المعارضة».
وإذ رأى أن «أي شريان جديد للمساعدات سيكون شريانًا جديدًا لدعم نظام الأسد وإمداده بالحياة عكس ما يتصوره المجتمع الدولي»، طالب بأن توضع الخدمات الإغاثية «تحت إشراف الأمم المتحدة ووضع آلية جديدة لتوزيع المساعدات، لأن المنظمة ليست حيادية رغم وقوع شهداء منها جراء العمليات العسكرية». وأشار إلى أن المنظمة «تربطها الآن علاقات متينة بالنظام، وبات الرئيس السوري بشار الأسد رئيسها الفخري في هذا الوقت، رغم أنها منظمة عريقة تأسست عام 1942 وتم اعتمادها كمنظمة دولية عام 1946 وقدمت خدمات هائلة للسوريين، لكن منذ تولي عبد الرحمن العطار الذي يرتبط بعلاقات مشبوهة مع النظام، بات مشكوكًا في مصداقيتها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.