في الـ 14 من فبراير (شباط) 2005، ضرب الإرهاب ضربته باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، بتفجير مفخخ في عين المريسة بالعاصمة اللبنانية بيروت، ولم تكن الـ 11 عاماً الماضية منذ جريمة الاغتيال حتى اليوم، كافية لمن أراد لها أن تُمحى.
رفيق الحريري اغتيل في مثل هذا اليوم قبل 11 عاماً، الأمر الذي أحدث انقساماً وخلافاً سياسياً كبيراً بين القوى لم يحدث له مثيل، كما أحدث فراغاً في المؤسسات الدستورية للبلاد على رأسها موقع رئاسة الجمهورية، الذي بات شاغراً إلى اليوم.
رئيس وزراء لبنان الأسبق، كان واحداً من أكبر رجال الأعمال العرب، ساهم بشكل كبير في إعمار لبنان بعد فترة الحرب الأهلية، وشكل اغتياله عام 2005 محطة فارقة، إذ دخلت البلاد في أزمة سياسية بعد انقسام الأحزاب اللبنانية إلى موالاة ومعارضة، حظي كل منهما بدعم أطراف إقليمية.
وغداة جريمة الاغتيال، ترافقت التداعيات المحلية والإقليمية التي خلفتها مع تبدلات في الخارطة السياسية اللبنانية، اتخذ بعضها بعداً إقليمياً، بدءا من إعلان المعارضة اللبنانية «انتفاضة الاستقلال» حتى الانسحاب السوري من لبنان، مروراً باستقالة حكومة الراحل عمر كرامي، وإعلان رئيس النظام السوري بشار الأسد في 5 مارس(آذار) 2005 قراره سحب قواته من لبنان، إضافة إلى عودة العماد ميشال عون إلى لبنان في 7 مايو(آيار) بذات العام بعد نفي استمر 15 عاماً، وصولاً إلى انتخابات نيابية حصل فيها خصوم سوريا على أغلبية في البرلمان، قبل الإفراج عن زعيم «القوات اللبنانية» سمير جعجع بعد 11 عاماً من سجنه.
وكانت التظاهرات الشعبية رد الفعل الأوليّ على الاغتيال، فيما وجهت أصابع الاتهام للنظام السوري، ما أجبره على سحب قواته العسكرية والأمنية من لبنان بعد وصاية دامت 30 عاماً، في حين طالبت التظاهرات والاعتصامات بتحقيق دولي محايد وبمحكمة دولية أسستها الأمم المتحدة عام 2009، لكن الاغتيالات استمرت لتطول قياديين في قوى 14 آذار المعارضة.
وكشف التحقيق أن قياديين في حزب الله شاركوا في تنفيذ عملية الاغتيال، ورفض حزب الله تسليم المطلوبين من أعضائه للمحكمة الدولية، واحتل بيروت بسلاحه عام 2008، وطرد رئيس الحكومة سعد الحريري منها عام 2010.
ومع بداية الثورة السورية نقل حزب الله سلاحه إلى المدن السورية لدعم النظام، فيما أطلق سراح أحد السياسيين المحسوبين على سوريا بعد تهريبه عبوات ناسفة من دمشق إلى لبنان لتنفيذ اغتيالات، وفي الأشهر الـ30 الماضية منع انتخاب رئيس للبنان.
ويشهد لبنان حالة من عدم الاستقرار السياسي وتعطيل عدد من مؤسسات الدولة، حيث فشل البرلمان اللبناني للمرة الـ 35 في الـ 8 من فبراير(شباط) الحالي، انتخاب رئيس للجمهورية، بسبب تمسك كتلة حزب الله وتكتل التيار الوطني الحر، بموقفهما الرافض لانتخاب رئيس غير النائب ميشال عون، بينما أخفقت "8 آذار" في التوحد خلف مرشح واحد منهم، قابله انقسام "قوى 14 آذار" على نفسها من خلال دعمها مرشحين من فريق 8 آذار المناوئ لها.
وبالعودة إلى تفاصيل حادثة الاغتيال قبل 11 عاماً، وتحديداً في الساعة الواحدة ظهرا من يوم الاثنين 14 فبراير 2005، اغتيل رفيق الحريري في انفجار بسيارة مفخخة أصاب موكبه، أسفر عن مقتله و21 شخصاً آخر، ومن بين القتلى عدد من حراس الحريري الشخصيين، إلى جانب الوزير السابق الصديق للحريري باسل فليحان، وأدى شدة الانفجار إلى هدم فندق سان جورج وبعض المباني المحيطة، في منطقة تعج بالمؤسسات الاقتصادية، ودفن الحريري مع حراسه في موقع قريب من جامع محمد الأمين وسط بيروت.
وبعد اغتياله بشهور أُسست المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وهي محكمة مختصة بالنظر في ملابسات اغتياله، وأول محكمة من نوعها في العالم يتم تشكيلها للتحقيق في قضية اغتيال، وتشكلت المحكمة بناءً على طلب من الحكومة اللبنانية تقدمت به إلى الأمم المتحدة، بينما شكلت المحكمة موضع خلاف بين القوى السياسية اللبنانية بين مؤيد ومعارض لها، حيث دعمها تحالف 14 آذار في حين عارضتها قوى 8 آذار التي تضم كلا من حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر بدعوى أنها تعمل على تدويل لبنان وتؤدي إلى التدخل الدولي والخارجي بشؤون لبنان الداخلية.
قوى 14 آذار، وافقت في الأشهر الأخيرة، على ترشيح شخصيتين مقربتين من حزب الله الذي رفض انتخاب أحدهما.
وبعد11 عاماً على اغتياله، لا زال لبنان بلا رئيس، فيما مؤسسات الدولة معطلة، ووزير الخارجية لا يلتزم بالقرار العربي المشترك، والتمزق والتسيب في المؤسسات العامة للدولة تخطى النسب العالمية أجمعها.
ولد رفيق بهاء الدين الحريري يوم 1 نوفمبر (تشرين الثاني) 1944 بمدينة صيدا اللبنانية، أتم تعليمه الثانوي عام 1964، ثم التحق بالجامعة العربية في بيروت حيث درس المحاسبة، موَّل الحريري، الكثير من المجالات الاجتماعية، وتكفل بتعليم ثلاثين ألف طالب لبناني داخل لبنان وخارجه، وأنفق ملايين الدولارات لإعادة إبراز ملامح الهرمية الاجتماعية في لبنان، وكان يتبرع بكثير من أمواله ويستثمرها في لبنان.
تولى الحريري منصب رئيس الوزراء طوال الفترة التي تلت الحرب الأهلية اللبنانية عام 1990، وذلك خلال الفترتين (1992-1998) و(2000-2004).
11 عاماً على اغتيال الحريري.. ولبنان يعيش فراغاً دستورياً وكرسي الرئاسة شاغر
11 عاماً على اغتيال الحريري.. ولبنان يعيش فراغاً دستورياً وكرسي الرئاسة شاغر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة