السيسي يعلن انتقال سلطة التشريع إلى البرلمان المصري ويدشن «مرحلة البناء»

رئيس كتلة حزب الأكثرية لـ {الشرق الأوسط}: دعم النواب للرئيس لا ينسحب على الحكومة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يعلن بدء الدورة البرلمانية الجديدة بانتقال السلطة التشريعية إلى مجلس النواب الجديد في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يعلن بدء الدورة البرلمانية الجديدة بانتقال السلطة التشريعية إلى مجلس النواب الجديد في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

السيسي يعلن انتقال سلطة التشريع إلى البرلمان المصري ويدشن «مرحلة البناء»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يعلن بدء الدورة البرلمانية الجديدة بانتقال السلطة التشريعية إلى مجلس النواب الجديد في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يعلن بدء الدورة البرلمانية الجديدة بانتقال السلطة التشريعية إلى مجلس النواب الجديد في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)

أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، بدء الدورة البرلمانية الجديدة بانتقال السلطة التشريعية إلى مجلس النواب الجديد، بعد أن بقيت في يد رئيس السلطة التنفيذية خلال السنوات الثلاث الماضية، قائلا إن تلك الخطوة تعد انتقالا لمصر من مرحلة مكافحة الإرهاب إلى مرحلة البناء، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن التحديات التي تواجه بلاده «تجعل القلق أمرا مشروعا».
وبينما قال النائب علاء عابد رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار وهو حزب الأكثرية في البرلمان، إن النواب وجهوا رسالة واضحة للرئيس بدعمهم الكامل له، إلا أنه اعتبر أن رسالة الدعم هذه لا تنسحب على الحكومة التي من المقرر أن تعرض برنامجها على البرلمان خلال الأيام المقبلة، مشددا على ضرورة إدخال تعديلات على التشكيل الحالي لمجلس الوزراء.
وكان السيسي أصدر قرارا جمهوريا أول من أمس بدعوة البرلمان للانعقاد لإعلان دورة برلمانية جديدة، بعد أن أتم البرلمان اعتماد القوانين التي صدرت في غيبته خلال المدة القانونية التي حددها دستور البلاد الجديد.
وقال الرئيس المصري في خطابه أمام البرلمان أمس الذي بثه التلفزيون الرسمي، إن انعقاد البرلمان هو رسالة مفادها أن الشعب المصري استطاع أن ينتصر على دعاوى الردة، وإن الدولة المصرية استطاعت بناء مؤسساتها الدستورية تحت مظلة الديمقراطية التي ناضلت من أجلها الجماهير.
وأضاف أن «تعرضنا لموجة إرهاب أرادت أن تنشر الفوضى والإرهاب بين ربوع الوطن، ولكن بفضل من الله وإرادة وطنية استطعنا أن نكسر شوكة تنظيمات الإرهاب في الوادي وسيناء وعلى حدودنا الغربية».
ويشير السيسي إلى العمليات الإرهابية التي أعقبت عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين. لكن لا يزال من المبكر بحسب مراقبين إعلان الانتصار على تلك التنظيمات التي تنشط في شمال سيناء، وبدأت في إعلان مسؤوليتها عن عمليات صغيرة في محيط العاصمة المصرية القاهرة، خلال الأسابيع الماضية.
وقال السيسي إن «ما يواجه هذا الوطن من تحديات يجعل من القلق والتخوف أمرا مشروعًا، ولكن حجم الإنجاز غير المسبوق الذي تم بإرادة وعزيمة المصريين يجعل من الأمل أمرًا حتميا وفرضا وطنيا»، مضيفا أن انعقاد مجلس النواب هو «خير دليل على إنجاز الأمة المصرية على طريق الديمقراطية».
وأشار الرئيس إلى أن الحكومة تمكنت من البدء في عدة مشروعات منها شبكة الطرق القومية، وتشييد مجموعة من المطارات المدنية، وإنشاء وتطوير مجموعة من الموانئ البحرية، وتطوير شبكة الطاقة الكهربية، للتغلب على العجز الشديد في إنتاج الطاقة الكهربية، إلى جانب التوقيع على إنشاء المحطة النووية بالضبعة.
وتابع أن «شق قناة السويس الجديدة وافتتاحها أمام الملاحة الدولية وإطلاق المشروع القومي لتنمية محور قناة السويس، هما أيقونة إنجازاتنا والتي أعادت للمصريين ثقتهم في أنفسهم وفي قدراتهم».
وأشار السيسي إلى أن المشروعات السابقة تمكنت من توفير أكثر من مليون فرصة عمل للمصريين، وانعكس أثرها على أكثر من 5 ملايين شخص.
وتابع الرئيس السيسي قائلا إن «غايتنا الكبرى هي إعادة بناء الدولة المصرية.. دولة ديمقراطية حديثة انطلاقا من مشروعنا الوطني.. اليوم نحن نتحول من مرحلة الانتقال إلى مرحلة الانطلاق نسعى إلى تحقيق ارتفاع في معدلات النمو في زمن قياسي وهو يتطلب جذب استثمارات أجنبية».
وطالب السيسي نواب البرلمان بإعلاء المصالح العليا للوطن، وشدد على ضرورة التمسك بالدستور وعمل على بناء حياة سياسية سليمة.. وممارسة سلطة التشريع والرقابة بالتكامل مع باقي سلطات الدولة.
ودعا الرئيس المصري النواب إلى تبني قضايا التعليم والصحة والإعلام وتجديد الخطاب الديني، مشيرا إلى أن الدولة المصرية استعادت مؤسساتها الدستورية بتوازن كامل بين السلطات، مضيفا أنه لن نسمح لأحد بـ«عرقلة طريقنا إلى التقدم والنمو».
وقال السيسي: «لم أتقاعس يوما عن أداء مهامي وتكليفاتي وعن إنقاذ أبناء وطني، ومنذ اللحظة الأولى كنت على علم بأدق التفاصيل والظروف الصعبة بالمنطقة وما يحاك لوطننا».
وقال رئيس الكتلة النيابة لحزب المصريين الأحرار لـ«الشرق الأوسط إن الرئيس السيسي أرسل بأربع رسائل إلى البرلمان، الأولى تتعلق بالمرحلة الخطيرة التي تعيشها البلاد فرغم تعطيل مخطط هدم الدولة لا يزال التكاتف مطلوبا للتصدي إلى التنظيمات الإرهابية، التي تسعى لتعطيل المسيرة».
ورأى عابد أن الرسالة الثانية التي وجهها الرئيس المصري للبرلمان تعلقت بالشباب الذي عده أمل البلاد، وقال: إن الرئيس ذكر الشباب في أكثر من موضع في رسالته وتحدث عن تعيين نواب للوزراء من الشباب وعن عفوه عن مجموعة من الشباب الصادر بحقهم أحكام بالحبس كما طالب مؤسسات المجتمع المدني بضرورة دمجهم.
وأضاف أن الرسالة الثالثة جاءت اقتصادية حيث حث الرئيس نواب البرلمان على ضرورة إصدار حزمة تشريعات لتحفيز الاستثمارات، بعد أن بدأت الدولة في تأسيس البنية التحتية الجاذبة للاستثمار عبر شبكة الطرق والمطارات.
وأشار عابد إلى الرسالة الرابعة التي تضمنت تأكيد عودة مصر إلى مكانتها على مستوى السياسة الخارجية، منوها بتوليها عضوية مجلس الأمن غير الدائمة، ورئاستها للجنة مكافحة الإرهاب التي عدها اعترافا دوليا على قدرة بلاده على القضاء على التنظيمات الإرهابية.
ولفت عابد إلى أن تأييد النواب للرئيس لا ينسحب على الحكومة، وقال: إن الحكومة الحالية بها وزراء لا بد من تغييرهم، مشيرا إلى أن هذا الأمر سيخضع للنقاش مع رئيس الحكومة بعد عرض برنامجها على البرلمان.
ويعد مجلس النواب الحالي الأكبر في تاريخه ويتألف من 596 عضوا، منهم 448 مستقلا، و120 من القوائم الحزبية، و28 نائبا بتعيين من الرئاسة. وهو ثالث برلمان في غضون السنوات الست الماضية، ويأتي بعد مجلسين تم حلهما الأول في عام 2011 في أعقاب ثورة 25 يناير، والثاني بحكم من المحكمة الدستورية العليا في 2012.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.