ضغوط غربية على كييف لمكافحة الفساد وتجنب الفوضى

ضغوط غربية على كييف لمكافحة الفساد وتجنب الفوضى
TT

ضغوط غربية على كييف لمكافحة الفساد وتجنب الفوضى

ضغوط غربية على كييف لمكافحة الفساد وتجنب الفوضى

تواجه أوكرانيا التي تجد صعوبة في مكافحة الفساد المستشري بشكل خطير، ضغوطًا غير مسبوقة من قبل حلفائها الغربيين لمضاعفة جهودها والاستمرار في الحصول على دعمهم الذي لا بد منه لتجنب العودة إلى الفوضى السياسية والاقتصادية.
وتلقت السلطات الموالية للغرب في كييف التي تواجه انقسامات متزايدة لمواجهة الفساد علنًا، إنذارًا يتسم بلهجة حازمة غير معهودة من صندوق النقد الدولي، الجهة الدائنة الأساسية لأوكرانيا. وهددت مديرة الصندوق كريستين لاغارد بقطع أموال هذه الهيئة ما لم تبذل كييف «جهودًا جديدة كبيرة» في مجال الإصلاحات ومكافحة الفساد.
وتراجعت العملة الأوكرانية بسرعة بعد ذلك، بينما امتنع المستثمرون عن الاقتراب من الدين العام الأوكراني.
وفي أوج هذه التطورات، عبر نائب الرئيس الأميركي جو بايدن عن قلقه. ففي اتصال هاتفي الخميس مع الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو، دعا بايدن الائتلاف الحاكم إلى «استعادة وحدته بسرعة» للدفع قدمًا بالإصلاحات التي يطلبها الصندوق الذي يعد دعمه أساسيًا لأوكرانيا حاليًا.
وتواجه أوكرانيا أزمة اقتصادية خطيرة ونزاعا مسلحًا مع الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق البلاد.
ودعا الاتحاد الأوروبي أمس الجمعة، السلطات الأوكرانية «وكل الأحزاب السياسية إلى الاتحاد لضمان استمرار الإصلاحات».
وعلى ما يبدو فإنّ حلفاء كييف بدأ صبرهم ينفد لأن السلطات الأوكرانية التي أُنشئت قبل سنتين تقريبًا وحلت محل النظام الموالي لروسيا بعد تظاهرات احتجاجية مطالبة بالتقارب مع أوروبا في ساحة الاستقلال، تواجه صعوبات في تحقيق وعودها.
وتمكنت كييف من إحلال هدوء نسبي في الشرق، ومن إعادة التفاوض حول دينها الخارجي وتأمين استقرار اقتصادها الذي تدل إشارات على انتعاشه إلى حد ما بعد سنتين من الركود.
وبدأت السلطات بعض الإصلاحات، لكنها تعتبر غير كافية داخل البلاد وخارجها على حد سواء. والأمر الأساسي هو أنّ الفساد مستمر.
وانفجر الوضع، مطلع فبراير (شباط)، عندما قدم وزير الاقتصاد ايفاراس ابرومافيسيوس الذي يلقى احتراما كبيرًا في أوساط المال والسفارات الغربية، استقالته، متهمًا أحد المقربين من الرئيس بوروشنكو من عرقلة الإصلاحات ومحاولة فرض شخصيات «مثيرة للشبهات» في فريقه.
وتوجهت الأنظار على الفور إلى رئيس الدولة ورئيس الوزراء ارسيني ياتسينيوك اللذين يشتبه معارضوهما بأنّهما يدافعان عن المصالح الخاصة للشخصيات القريبة منهما، ولم تؤد الخلافات بينهما سوى إلى تفاقم المشكلات القائمة أصلا.
ويبدو أن تأكيداتهما بشأن وحدة القيادة الأوكرانية ومواصلة الإصلاحات لم تعد تقنع كثيرين.



ناشطات أوكرانيات يحاولن إحياء مبادرة «دقيقة الصمت» تخليدا لضحايا الحرب

أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
TT

ناشطات أوكرانيات يحاولن إحياء مبادرة «دقيقة الصمت» تخليدا لضحايا الحرب

أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)

تقف خمس شابات في وسط العاصمة الأوكرانية، رغم البرد القارس، دقيقة صمت إحياء لذكرى ضحايا الغزو الروسي، في مبادرة أطلقها الرئيس فولوديمير زيلينسكي في مارس (آذار) 2022 على أن تكون جزءا من الحياة اليومية، لكن بعد حوالى ثلاث سنوات من الحرب أصبحت مشهدا نادر الحدوث.

حملت الفتيات لافتات تدعو المارة إلى التوقف للمشاركة في دقيقة صمت عند التاسعة صباحا، وهو جزء من هذه المبادرة الرسمية التي أطلقها زيلينسكي بعد أسابيع قليلة من بدء الحرب. لكن معظم الحشود الخارجة من محطة مترو غولدن غايت المركزية في كييف، كانت تمر بمحاذاتهن من دون التوقف.

وبعد انتهاء الدقيقة، طوت طالبة الصحافة أوليا كوزيل (17 عاما) اللافتات المصنوعة من ورق الكرتون المقوى في حقيبة.

وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية: «أشعر بالغضب من الأشخاص الذين لا يتوقفون، الذين ينظرون ويقرأون، وأستطيع أن أرى في عيونهم أنهم يقرأون لافتاتنا لكنهم يواصلون طريقهم».

كوزيل هي جزء من مجموعة صغيرة من الأشخاص الذين يحاولون إعادة الزخم لمبادرة زيلينسكي.

عندما لا يكون هناك تحذير من غارات جوية، يجتمع هؤلاء مرة في الأسبوع في مكان مزدحم لتشجيع سكان كييف على التوقف لمدة 60 ثانية.

وتقول كوزيل إن دقيقة الصمت هي وسيلة لمعالجة الحزن الجماعي والفردي الذي يخيم على الأوكرانيين أكانوا يعيشون قرب الجبهة أو بعيدا منها.

ويبدو أن حملة الشابات بدأت تثمر. فقد وافقت بلدية كييف هذا الأسبوع على القراءة الأولى لمشروع قانون يجعل دقيقة الصمت إلزامية في المدارس وبعض وسائل النقل العام. ويشمل المقترح أيضا عدا تنازليا يتردّد صداه عبر مكبرات الصوت في كل أنحاء المدينة من الساعة 9,00 حتى 9,01 صباح كل يوم.

وتعود الفكرة الأصلية لهذه المبادرة إلى إيرينا تسيبوخ، الصحافية التي أصبحت مقدمة رعاية على الجبهة والمعروفة في أوكرانيا باسمها الحركي «تشيكا». وأثار مقتلها قرب الجبهة في مايو (أيار)، قبل ثلاثة أيام من عيد ميلادها السادس والعشرين، موجة من الحزن.

ناشطات من منظمة «الشرف» يحملن صور جنود أوكرانيين سقطوا في المعارك خلال وقفة «دقيقة صمت» في كييف (أ.ف.ب)

وقالت صديقتها كاترينا داتسينكو لوكالة الصحافة الفرنسية في أحد مقاهي كييف «عندما علمنا بمقتل إيرا (إيرينا) قلنا لأنفسنا أمرين: أولا، كيف يمكن أن يحدث ذلك؟ أرادت إيرا أن تعيش كثيرا. وثانيا: يجب أن نكمل معركتها. لا يمكننا أن نستسلم».

وكانت تسيبوخ تريد من الأوكرانيين أن يخصّصوا دقيقة لأحبائهم أو الأشخاص الذين يمثلون لهم شيئا ما، على أساس أن التفكير الجماعي في ضحايا الحرب يمكن أن يوحّد الأمة في مواجهة الصدمة الفردية.

* الأكلاف البشرية

قال زيلينسكي أخيرا إن 43 ألف جندي أوكراني قتلوا في الحرب، رغم أن التقديرات المستقلة تشير إلى أن العدد أعلى من ذلك بكثير.

من جهتها، تفيد الأمم المتحدة بأن العدد المؤكد للقتلى المدنيين البالغ 11743 هو أقل من الواقع إلى حد كبير.

ومع ارتفاع هذه الحصيلة بشكل يومي، يحاول الناشطون غرس معنى جديد لطريقة تخليد ضحايا الحرب.

وقالت الناشطة داتسينكو (26 عاما) التي شاركت في تأسيس المنظمة غير الحكومية «فشانوي» أي «الشرف»، «لا أعرف كيف يمكن لدولة بهذا الحجم أن تخلّد ذكرى كل شخص، لكنّ ذلك ممكن على مستوى المجتمع».

من جهته، رأى أنتون دروبوفيتش، المدير السابق لمعهد الذاكرة الوطنية في أوكرانيا، أن دقيقة الصمت «لا تتعلق بالحرب، بل بالأشخاص. أولئك الذين كانوا معنا بالأمس، والذين شعرنا بدفئهم لكنهم لم يعودوا هنا... الأمر يتعلق بالحب والكلمات التي لم يكن لديك الوقت لتقولها للأشخاص الذين تحبهم».

لكن بعض معارضي الفكرة يقولون إن التذكير اليومي بالخسارة يجعل الناس عالقين في الماضي.