سباق بين النظام والأكراد على مناطق المعارضة بريف حلب الشمالي

الأكراد يركزون على الشريط الحدودي مع تركيا

سباق بين النظام والأكراد على مناطق المعارضة بريف حلب الشمالي
TT

سباق بين النظام والأكراد على مناطق المعارضة بريف حلب الشمالي

سباق بين النظام والأكراد على مناطق المعارضة بريف حلب الشمالي

عكست التطورات الميدانية الجديدة في ريف حلب الشمالي، سباقًا بين القوات الحكومية السورية والقوات الكردية للسيطرة على مناطق ومساحات تشغلها قوات المعارضة السورية، تحت ضغط ناري مكثف تنفذه الضربات الجوية الروسية، وتجبر قوات المعارضة على التراجع، كما تجبر المدنيين على النزوح من مناطقهم باتجاه الحدود السورية - التركية.
وفيما يتحدث ناشطون سوريون وقياديون معارضون عن تنسيق «غير معلن» بين قوات النظام السوري وقوات وحدات حماية الشعب الكردي، ينفي قياديون أكراد تلك الاتهامات، كما يستبعدها مراقبون في المعارضة السورية، مستندين إلى ما سموه «عجز النظام عن التقدم»، و«استغلال القوات الكردية لضعف القوات النظامية، ما يتيح لها التوسع أكثر».
وتركز القوات الكردية في عملياتها ضد مواقع قوات المعارضة، على مساحة تمتد من الحدود التركية باتجاه العمق السوري على مسافة 12 كيلومترًا تقريبًا، وذلك في ريف بلدة إعزاز الحدودية، وهو ما يفسر سيطرتها على مطار منغ العسكري، وبلدة منغ، والتقدم في محيطهما، في وقت يقاتل النظام على أطراف مدينة دير حافر التي تبعد نحو 15 كيلومترًا عن الحدود التركية، كما تنشط عملياته في ريفي حلب الغربي والجنوبي». وكان مقاتلون أكراد يتمركزون في معقلهم بمدينة عفرين - إلى الجنوب من إعزاز التي تسيطر عليها قوات المعارضة، سيطروا على عدد من القرى كان مقاتلو المعارضة قد اضطروا إلى الخروج منها للتصدي للقوات السورية القادمة من الجنوب.
وسمح القصف الروسي للقوات السورية التي تساندها ميليشيات شيعية تدعمها إيران بالوصول إلى مسافة لا تبعد عن الحدود التركية سوى 25 كيلومترا تقريبا وهي أقرب مسافة من الحدود تمكنت من الوصول إليها في أكثر من عامين ونصف العام، بحسب ما ذكرت وكالة «رويترز» التي نقلت عن القيادي من «الجبهة الشامية» زكريا كرسلي قوله إن «سقوط مطار منغ جعل الوضع على الأرض محبطا للغاية».
ويؤكد مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» أن ما تشهده المنطقة «سباق وليس تنسيقًا» بين القوتين العسكريتين، مشيرًا إلى أن القوات الكردية المدعومة أميركيًا «استفادت من تراجع طال بعض فصائل المعارضة بفعل القصف الروسي، وتقدمت على الشريط الحدودي وإلى العمق داخل الأراضي السورية». ولفت إلى تنسيق بين الأكراد والروس أيضا، يشمل المناطق الواقعة في ريف حلب الشمالي غرب نهر الفرات، من غير أن يشمل المناطق الواقعة إلى الشرق من نهر الفرات.
وبينما يؤكد مقاتلو المعارضة أن وحدات حماية الشعب استغلت انشغالهم بالتصدي للهجوم البري الذي شنه الجيش السوري الأسبوع الماضي في ريف حلب الشمالي، لتكسب أرضا في المنطقة قرب معبر حدودي رئيسي مع تركيا، يشدد عبد الرحمن على أن النظام «غض الطرف عن تقدم الأكراد، بسبب عجزه عن تنفيذ عمليات عسكرية في تلك المنطقة»، لافتًا إلى أن «تقاطع مصالحه مع الأكراد أدى إلى تلك النتيجة».
ويوافق مدير المركز الكردي للدراسات نواف خليل على أن ما يحصل «سباق وليس تنسيقًا»، نافيًا كل الاتهامات «حول التنسيق مع النظام». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نستغل ضعف النظام ونتقدم، ونسعى لأن نحقق الإنجازات ونمنع النظام في دخولها، وذلك كي نحمي المدنيين من مجازر قد يرتكبها النظام في تلك المناطق».
في وقت يقول قياديون في المعارضة إن الأطراف التي تسعى لـ«الانقضاض» على مناطق سيطرة المعارضة، هي النظام و«داعش» والقوات الكردية. ويقول القيادي المعارض في ريف حلب أبو جاد الحلبي لـ«الشرق الأوسط» أن تنظيم داعش، تعرض خلال الأشهر الأخيرة لضربات بفضل هجمات قوات المعارضة والنظام والأكراد، وتقوضت حركته، «لكنه اليوم يستعد للتقدم إلى مارع في حال سيطر النظام على تل رفعت»، مضيفًا: «اطلعت على هذه المعلومات، وهي تحذيرات من أنه سيستغل ضربات النظام والأكراد للمعارضة في إعزاز وتل رفعت، للتقدم إلى مارع» وهي مدينة استراتيجية تسيطر عليها المعارضة، وفشل «داعش» في السيطرة عليها.
وقال الحلبي لـ«الشرق الأوسط» إن النظام «لن يتقدم باتجاه إعزاز أو الحدود التركية، لأنه يتجنب الاصطدام مع القوات الكردية»، لافتًا إلى «وثيقة مسربة من بداية الثورة بأن النظام لا يعارض حكما فيدراليا للأكراد»، معربا عن اعتقاده أن النظام «سينكث في النهاية بوعده، ويهاجمهم بعد أن يضرب خصومه» في إشارة إلى قوات المعارضة السورية. وأضاف: «الأكراد ينظرون اليوم إلى إعزاز بوصفها منطقة الوصل بين كوباني وعفرين، ويسعون للسيطرة عليها لتحقيق فيدرالية يطمحون إليها».
وتسلط خسارة القاعدة الجوية (منغ) التي تقع قرب الطريق بين حلب ومدينة غازي عنتاب التركية، الضوء على التغير الجذري في ميزان القوى منذ بدأت روسيا تدخلها العسكري دعما للرئيس السوري بشار الأسد يوم 30 سبتمبر (أيلول) الماضي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.