في 28 يناير (كانون الثاني) الماضي، قال نائب وزير خارجية روسيا ميخائيل بوغدانوف إن الوزيرين الأميركي جون كيري والروسي سيرجي لافروف اتفقا، بناء على اقتراح من موسكو، على عقد اجتماع لـ«مجموعة الدعم لسوريا» المشكلة من 17 بلدا في 11 من فبراير (شباط) الحالي في مدينة ميونيخ الألمانية. وجاء الإعلان قبل انطلاقة مفاوضات «جنيف 3» بيوم واحد، وهي التي فشلت في تحقيق أي تقدم، لا بل إنها غرقت قبل أن تبدأ في المسائل الإجرائية، كما أجهز عليها الهجوم الواسع الذي شنته القوات الجوية الروسية وقوات النظام والميليشيات المساندة لها على مدينة حلب وفي منطقتها. فهل ينجح لقاء ميونيخ في بث الروح في المفاوضات السورية - السورية؟
تقول مصادر فرنسية رسمية، إن «الجدول الدقيق» لاجتماع ميونيخ لم يوضع بعد وأن «الأطراف الرئيسية تتوجه إلى المدينة الألمانية ولدى كل منها أجندة مختلفة». وبحسب هذه المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أمس، فإن الطرف الروسي «سيعيد طرح موضوع الإرهاب وتصنيف التنظيمات» التي ستقبل على طاولة المفاوضات، والأخرى التي لن تدعى إليها، فيما الجانب الأميركي «سيشدد على موضوع وقف إطلاق النار». أما باريس، فإنها في الوقت الحاضر تريد التطرق لموضوعين اثنين: الوضع الإنساني وكيفية التعاطي معه وموضوع العملية السياسية التي تبقى في نظرها جوهر المفاوضات.
من جانبه، يريد المبعوث الدولي أن يعود إلى الأسباب التي أفشلت محاولاته في جنيف وإلى الأمثولات التي يمكن استخلاصها والمساندة التي ينتظرها من «مجموعة الدعم» حتى يستطيع مجددا جمع الأطراف السورية في مقر الأمم المتحدة في جنيف.
بيد أن باريس لا تبدو «متفائلة» مما قد يسفر عنه اجتماع ميونيخ، إذ إنها تعتبر أن الوضع «بالغ الدقة»، وأن روسيا والنظام لا يبدوان في وضع الراغب بوقف لإطلاق النار، وهو الموقف الذي عبرا عنه صراحة على لسان وزيري خارجية البلدين. أما بشأن ما أشار إليه الوزير كيري قبل ثلاثة أيام من وجود «أفكار روسية» من أجل وقف النار، فإن باريس تعترف بأنها «تجهل طبيعتها»، فضلا عن أنها تنظر إلى التطورات الحاصلة ميدانيًا على أنها «محاولات لفرض أمر واقع جديد» وفرض «معادلات تفاوضية جديدة».
بكلام آخر، ترى باريس، أن موسكو التي «وقتت» عملياتها الجوية بشكل ينسف مسار جنيف الهش، ويدفع المعارضة إلى رفض الاستمرار في العملية السياسية تحت ضغط القنابل والاجتياحات وتجنبا لخسارة ما تبقى لها من مصداقية، تريد «فرض الحل كما تراه وليس كما هو متصور في بياني جنيف (2012) وفيينا (2015) وقرار مجلس الأمن رقم 2254». كذلك، فإنها تستخدم المفاوضات «للتعمية» وللاستمرار في مشروعها الهادف لقلب المعادلات العسكرية رأسا على عقب.
من هنا، تنظر باريس بكثير من الشك لما صدر عن المندوب الروسي في الأمم المتحدة السفير فيتالي تشوركين، الذي أعلن الجمعة الماضي، عقب اجتماع مجلس الأمن، أن الزمن «ليس لتوجيه اللوم، بل لتكثيف الجهود السياسية»، وخصوصا قوله إن موسكو «ستضع في ميونيخ بعض الأفكار على الطاولة حول كيفية تحقيق تقدم خصوصًا في موضوع وقف النار». والأمر نفسه ينسحب على ردة الفعل الأميركية عليها، إذ إن الوزير كيري وصف الأفكار الروسية بأنها «بناءة».
يعتبر الجانب الفرنسي، أن الموقف الأميركي ما زال «يراهن» على رغبة روسية في الدفع إلى حل تتم بموجبه عملية الانتقال السياسية، فيما كل المؤشرات والمعطيات تدل على عكس ذلك، بحسب ما تراه باريس التي تتخوف مصادرها من «تساهل» أميركي زائد إزاء الخطط الروسية. ويمكن أن يترجم الخط الأميركي بمزيد من الضغوط السياسية على المعارضة كالتي مورست عليها من أجل دفعها للمشاركة في «جنيف 3». وكانت قد أغدقت على المعارضة وعودًا بوجود «ضمانات» تسمح لها بالذهاب إلى جنيف. لكن تبين لاحقا أن هذا النوع من الضمانات غير موجود، والدليل على ذلك التطورات الميدانية التي حصلت والتي أفضت إلى تعليق محادثات جنيف.
وكان وفد الهيئة العليا للمفاوضات المنبثق عن مؤتمر الرياض، قد قال إنه «لن يعود للتفاوض» ما لم تتوقف عمليات القصف ضد المدنيين وتوفر المساعدات الإنسانية ويفك الحصار عن القرى والمدن المحاصرة ويطلق الموقوفون لدى النظام.
ومع فشل المفاوضات التي لم تنطلق حقيقة، ناشد المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا مجلس الأمن ومجموعة الدعم من أجل التدخل وحلحلة العقد من أجل معاودة المفاوضات في 25 فبراير الحالي.
وعقد اجتماع لمجلس الأمن، وآخر للبلدان والأطراف المانحة في لندن، وقبله اجتماع دولي آخر في روما. ولكن رغم هذه الاجتماعات، فإن الواقع الميداني زاد سوءا ولم يبق في الأفق سوى اجتماع ميونيخ بعد غد الجمعة لعله يأتي بجديد.
أجندات مختلفة لاجتماع ميونيخ حول سوريا الخميس
مصادر فرنسية لـ«الشرق الأوسط»: باريس متخوفة من تساهل أميركي زائد إزاء روسيا
أجندات مختلفة لاجتماع ميونيخ حول سوريا الخميس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة