أميركا: مع عواصف الانتخابات.. قضايا أخرى

الصحف الأوروبية: أهداف روسيا من التدخل في سوريا.. ومخاوف ألمانيا من تسلل عناصر «داعش» بين المهاجرين

أميركا: مع عواصف الانتخابات.. قضايا أخرى
TT

أميركا: مع عواصف الانتخابات.. قضايا أخرى

أميركا: مع عواصف الانتخابات.. قضايا أخرى

انعكاسات دولية لمعركة حلب، بالإضافة إلى تزايد خطورة وجود مقاتلين تابعين لتنظيم داعش، مندسين بين المهاجرين في أوروبا من أهم الملفات التي تناولتها الصحف البريطانية في نسخها الورقية والرقمية.
والبداية من الـ«غارديان» التي نشرت مقالا للكاتبة الفرنسية نتالي نوغايريد بعنوان «ما يحدث في حلب سيشكل مستقبل أوروبا». وتقول الكاتبة إنه إذا كان لدى البعض أي شكوك حول أهداف روسيا من التدخل في سوريا، فإن التصعيد الأخير للمقاتلات الروسية حول حلب قد أزال هذه الشكوك تمامًا.
وتعتبر أنه لو سقطت حلب، فإن ذلك سيشكل انعطافا خطيرا ومؤثرا على تطورات الأمور في المنطقة وله تأثير كبير وتبعات متوالية ليس في الشرق الأوسط فقط ولكن في أوروبا أيضًا. وتعتبر الكاتبة الهدف الأساسي للتدخل الروسي في سوريا وهو ببساطة تقويض أي مساعٍ للغرب أو الأمم المتحدة لحل الأزمة سلميا بين المعارضة «المعتدلة» والنظام. وتوضح أن التدخل الروسي العسكري في سوريا قد وضع حلف شمال الأطلسي (الناتو) في مأزق بعدما جعل إحدى دوله الرئيسية وهي تركيا على الجبهة وأصبحت العلاقات الروسية التركية على المحك علنا بسبب الأزمة التي لحقت إسقاط أنقرة للمقاتلة الروسية.
وأما الـ«ديلي تليغراف» نشرت موضوعا بعنوان «رئيس جهاز الأمن الألماني يحذر: مقاتلو داعش دسوا أنفسهم بين المهاجرين». وتشير الجريدة إلى أن ذلك يأتي بعد القبض على مواطن جزائري في مأوى للمهاجرين لاتهامه بالتخطيط لهجوم «إرهابي» في برلين.
وتوضح الجريدة أنه رغم أن السلطات الألمانية حاولت دوما التقليل من خطورة ما تردد سابقًا باندساس عدد من «الإرهابيين» بين أكثر من مليون مهاجر دخلوا البلاد خلال العام الماضي إلا أن رئيس جهاز الأمن الداخلي اعترف مؤخرا بخطورة الأمر. وتختم الجريدة بالتأكيد على أن جهاز الأمن الداخلي تلقى نحو 100 إخطار وتحذير من مندسين بين المهاجرين لكن أغلبهم أطلق سراحه بعد التحقيق
ومن جانبها تتساءل جريدة الـ«إندبندنت» في عنوانها هل يمثل مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني أحدث جريمة قتل برعاية الدولة في مصر؟ وتشير الجريدة إلى أن الشرطة المصرية تؤكد أن ريجيني وجد في منطقة نائية إلى جوار الطريق بعدما قتل في حادث سيارة لكن الجريدة تشكك في ذلك بسبب علامات التعذيب الموجودة على جسده.
وننتقل إلى باريس، ومن المواضيع التي عالجتها الصحف الفرنسية، ملف الأوضاع في سوريا، ومصير حلب، وموقف حلف الـ«ناتو» من هذه التطورات وأيضًا الهجرة السرية وصعود الحركات المعادية لها في أوروبا. فصحيفة «لوباريزيان» نشرت دراسة تظهر أن الفرنسيين قلقون من تدفق اللاجئين وأن 71 في المائة منهم يعارضون تسهيل شروط اللجوء السياسي للمهاجرين وأن 61 في المائة يشعرون بالقلق والخوف من المهاجرين الهاربين من الحروب. «لوفيغارو» عنونت «أوروبا تواجه صعود الأحزاب المعادية للمهاجرين» على خلفية استمرار حركة الهجرة والخوف من الاعتداءات الإرهابية.
و اهتم الإعلام الأميركي في الأسبوع الماضي بالعواصف الانتخابية التي تنتقل من ولاية ولاية، بداية بولاية أيوا، ثم، هذا الأسبوع، ولاية نيوهامبشير. ورشحت صحف كثيرة مرشحيها في افتتاحيات رئيسية.
مثلا، أيدت «نيويورك تايمز» هيلاري كلينتون الديمقراطية، وجون كاسيك الجمهوري.
واختارت صحيفة «بوسطن هيرالد» كريس كريستي، حاكم ولاية نيوجيرسي الجمهوري. واختارت «بوسطن غلوب» كلينتون. واختارت صحيفة «دي موين ريجستار» التي تصدر في دي موين (ولاية أيوا)، حيث جرت أول انتخابات تمهيدية، السيناتور ماركو روبيو باسم الحزب الجمهوري. واختارت صحيفة «كونكورد مونيتور» (في ولاية نيوهامبشير) كاسيك الجمهوري، وكلينتون الديمقراطية.
لكن، كتبت افتتاحيات الصحف عن مواضيع أخرى منها:
كتبت افتتاحية «واشنطن بوست» عن قسوة الأحكام التي تصدرها المحاكم في جرائم ليست رئيسية، مثل امتلاك كمية صغيرة من المخدرات. وكتبت: «يحضر السيناتور تشارلز غراسلي لجلسة استماع في مجلس الشيوخ حول قسوة العقوبات لجرائم معينة. يجب أن يجيز الكونغرس مشروع قانون إصلاح العدالة الجنائية. ويجب أن يتوقف بعض أعضاء الكونغرس عن وضع عراقيل أمام مشروع القانون».
وكتبت افتتاحية صحيفة «بوسطن غلوب» عن ارتفاع أسعار الأدوية. وقالت: «هذه فرصة نادرة لا تتكرر كثيرا: يتفق قادة الحزبين في الكونغرس على ارتفاع أسعار الأدوية. صار واضحا أن السخط على زيادة أسعار الأدوية يهم الحزبين، الجمهوري والديمقراطي. لهذا، يجب استغلال هذا الاتفاق لحل هذه المشكلة».
وكتبت افتتاحية صحيفة «لوس أنجليس تايمز» عن تركيز هوليوود على أفلام ومسلسلات الشرطة والإجرام. وقالت: «في الماضي، كانت تنتشر أفلام الكاوبويات، ومواجهة عصابات الإجرام، مثل المافيا. الآن، صار التركيز على أفلام القتل الفردي، مع إضافات تكنولوجية. لم تعد هذه الأفلام والمسلسلات تعالج مشكلات حقيقية. صارت تعالج سام الناس، وتحاول إضافة إثارات إلى حياتهم».

وكتبت افتتاحية صحيفة «واشنطن بوست» عن محاولات وزير الخارجية جون كيري وضع نهاية للحرب في سوريا. وقالت: «يواصل السيد كيري إلقاء محاضرات، وعقد مؤتمرات صحافية، وحضور اجتماعات دولية. لكن، في نفس الوقت، يموت السوريون من الجوع والقتل. صار واضحا أن التصريحات الدبلوماسية لا تنهي جرائم الحرب».



إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي
TT

إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي

يرى البعض في فرنسا أن موسم رحيل «العصافير الزرقاء» يلوح في الأفق بقوة، وذلك بعدما أعلنت مجموعة كبيرة من الشخصيات والمؤسسات الإعلامية انسحابها من منصّة التواصل الاجتماعي «إكس» (تويتر سابقاً).

الظاهرة بدأت تدريجياً بسبب ما وصف بـ«الأجواء السامة» التي اتسّمت بها المنصّة. إذ نقلت صحيفة «كابيتال» الفرنسية أن منصة «إكس» فقدت منذ وصول مالكها الحالي إيلون ماسك أكثر من مليون مشترك، إلا أن الوتيرة أخذت تتسارع في الآونة الأخيرة بعد النشاط الفعّال الذي لعبه ماسك في الحملة الانتخابية الأميركية، ومنها تحويله المنصّة إلى أداة دعاية قوية للمرشح الجمهوري والرئيس العائد دونالد ترمب، وكذلك إلى منبر لترويج أفكار اليمين المتطرف، ناهيك من تفاقم إشكالية «الأخبار الزائفة» أو «المضللة» (الفايك نيوز).

نقاش إعلامي محتدم

ومهما يكن من أمر، فإن السؤال الذي صار مطروحاً بإلحاح على وسائل الإعلام: هل نبقى في منصّة «إكس»... أم ننسحب منها؟ حقاً، النقاش محتدم اليوم في فرنسا لدرجة أنه تحّول إلى معضلة حقيقية بالنسبة للمؤسسات الإعلامية، التي انقسمت فيها الآراء بين مؤيد ومعارض.

للتذكير بعض وسائل الإعلام الغربية خارج فرنسا كانت قد حسمت أمرها باكراً بالانسحاب، وكانت صحيفة «الغارديان» البريطانية الأولى التي رحلت عن المنصّة تاركة وراءها ما يناهز الـ11 مليون متابع، تلتها صحيفة «فون غوارديا» الإسبانية، ثم السويدية «داكنز نيهتر».

أما في فرنسا فكانت أولى وسائل الإعلام المنسحبة أسبوعية «ويست فرنس»، وهي صحيفة جهوية تصدر في غرب البلاد، لكنها تتمتع بشعبية كبيرة، إذ تُعد من أكثر الصحف الفرنسية قراءة بأكثر من 630 ألف نسخة تباع يومياً ونحو 5 ملايين زيارة على موقعها عام 2023. ولقد برّر نيكولا ستارك، المدير العام لـ«ويست فرنس»، موقف الصحيفة بـ«غياب التنظيم والمراقبة»، موضحاً «ما عاد صوتنا مسموعاً وسط فوضى كبيرة، وكأننا نقاوم تسونامي من الأخبار الزائفة... تحوّلت (إكس) إلى فضاء لا يحترم القانون بسبب غياب المشرفين». ثم تابع أن هذا القرار لم يكن صعباً على الأسبوعية الفرنسية على أساس أن منصّة التواصل الاجتماعي هي مصدر لأقل من واحد في المائة من الزيارات التي تستهدف موقعها على الشبكة.

بصمات ماسك غيّرت «إكس» (تويتر سابقاً)

«سلبيات» كثيرة بينها بصمات إيلون ماسك

من جهتها، قررت مجموعة «سود ويست» - التي تضم 4 منشورات تصدر في جنوب فرنسا هي «سود ويست»، و«لاروبوبليك دي بيريني»، و«شارانت ليبر» و«دوردون ليبر» - هي الأخرى الانسحاب من منصّة «إكس»، ملخصّة الدوافع في بيان وزع على وسائل الإعلام، جاء فيه أن «غياب الإشراف والمراقبة، وتحديد عدد المنشورات التابعة لحسابات وسائل الإعلام، وإبدال سياسة التوثيق القديمة بواسطة أخرى مدفوعة الثمن، كانت العوامل وراء هذا القرار».

أيضاً الموقع الإخباري المهتم بشؤون البيئة «فير» - أي «أخضر» - انسحب بدوره من «إكس»، تاركاً وراءه عشرين ألف متابع لدوافع وصفها بـ«الأخلاقية»، قائلا إن مضامين المنصّة تتعارض مع قيمه التحريرية. وشرحت جولييت كيف، مديرة الموقع الإخباري، أنه لن يكون لهذا القرار تأثير كبير بما أن الحضور الأهم الذي يسجّله الموقع ليس في «إكس»، وإنما في منصّة «إنستغرام»، حيث لديه فيها أكثر من 200 ألف متابع. ولكن قبل كل هؤلاء، كان قرار انسحاب برنامج «لوكوتيديان» الإخباري الناجح احتجاجاً على التغييرات التي أحدثها إيلون ماسك منذ امتلاكه «إكس» قد أطلق ردود فعل كثيرة وقويّة، لا سيما أن حساب البرنامج كان يجمع أكثر من 900 ألف متابع.

سالومي ساكي

... الفريق المتريّث

في المقابل، وسائل إعلام فرنسية أخرى فضّلت التريّث قبل اتخاذ قرار الانسحاب، وفي خطوة أولى اختارت فتح باب النقاش لدراسة الموضوع بكل حيثياته. وبالفعل، عقدت صحيفة «ليبيراسيون»، ذات التوجّه اليساري، جلسة «تشاور» جمعت الإدارة بالصحافيين والعمال يوم 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي للبحث في مسألة «البقاء مع منصّة (إكس) أو الانسحاب منها؟». وفي هذا الإطار، قال دون ألفون، مدير الصحيفة، في موضوع نشر بصحيفة «لوموند»، ما يلي: «نحن ما زلنا في مرحلة التشاور والنقاش، لكننا حدّدنا لأنفسنا تاريخ 20 يناير (كانون الثاني) (وهو اليوم الذي يصادف تنصيب دونالد ترمب رئيساً للمرة الثانية) لاتخاذ قرار نهائي».

الوضع ذاته ينطبق على الأسبوعية «لاكروا» التي أعلنت في بيان أن الإدارة والصحافيين بصّدد التشاور بشأن الانسحاب أو البقاء، وكذلك «لوموند» التي ذكرت أنها «تدرس» الموضوع، مع الإشارة إلى أن صحافييها كانوا قد احتفظوا بحضور أدنى في المنصّة على الرغم من عدد كبير من المتابعين يصل إلى 11 مليوناً.

من جانب آخر، إذا كان القرار صعب الاتخاذ بالنسبة لوسائل الإعلام لاعتبارات إعلانية واقتصادية، فإن بعض الصحافيين بنوا المسألة من دون أي انتظار، فقد قررت سالومي ساكي، الصحافية المعروفة بتوجهاتها اليسارية والتي تعمل في موقع «بلاست» الإخباري، إغلاق حسابها على «إكس»، ونشرت آخر تغريدة لها يوم 19 نوفمبر الماضي. وفي التغريدة دعت ساكي متابعيها - يصل عددهم إلى أكثر من 200 ألف - إلى اللّحاق بها في منصّة أخرى هي «بلو سكاي»، من دون أن تنسى القول إنها انسحبت من «إكس» بسبب إيلون ماسك وتسييره «الكارثي» للمنّصة.

وفي الاتجاه عينه، قال غيوم إرنر، الإعلامي والمنتج في إذاعة «فرنس كولتو»، بعدما انسحب إنه يفضل «تناول طبق مليء بالعقارب على العودة إلى (إكس)». ثم ذهب أبعد من ذلك ليضيف أنه «لا ينبغي علينا ترك (إكس) فحسب، بل يجب أن نطالب المنصّة بتعويضات بسبب مسؤوليتها في انتشار الأخبار الكاذبة والنظريات التآمرية وتدّني مستوى النقاش البنّاء».

«لوفيغارو»... باقية

هذا، وبين الذين قرّروا الانسحاب وأولئك الذين يفكّرون به جدياً، يوجد رأي ثالث لوسائل الإعلام التي تتذرّع بأنها تريد أن تحافظ على حضورها في المنصّة «لإسماع صوتها» على غرار صحيفة «لوفيغارو» اليمينية. مارك فويي، مدير الصحيفة اليمينية التوجه، صرح بأنها لن تغيّر شيئاً في تعاملها مع «إكس»، فهي ستبقى لتحارب «الأخبار الكاذبة»، وتطالب بتطبيق المراقبة والإشراف بحزم وانتظام.

ولقد تبنّت مواقف مشابهة لـ«لوفيغارو» كل من صحيفة «لي زيكو» الاقتصادية، ويومية «لوباريزيان»، وقناة «تي إف1» و«إم 6»، والقنوات الإخبارية الكبرى مثل «بي إف إم تي في»، و«سي نيوز». وفي حين تتّفق كل المؤسّسات المذكورة على أن المنّصة «أصبحت عبارة عن فضاء سام»، فهي تعترف في الوقت نفسه باستحالة الاستغناء عنها، لأن السؤال الأهم ليس ترك «إكس»، بل أين البديل؟ وهنا أقرّ الصحافي المعروف نيكولا دوموران، خلال حوار على أمواج إذاعة «فرنس إنتير»، بأنه جرّب الاستعاضة عن «إكس» بواسطة «بلو سكاي»، لكنه وجد الأجواء مملة وكان النقاش ضعيفا، الأمر الذي جعله يعود إلى «إكس»، حيث «الأحداث أكثر سخونة» حسب رأيه.

أما الصحافي المخضرم جان ميشال أباتي، فعلى الرغم من انتقاده الشديد للمنصّة وانسحاب برنامج «لوكوتيديان» - الذي يشارك فيه - من «إكس» - فإنه لم يفكر في إغلاق حسابه لكونه الإعلامي الفرنسي الأكثر متابعة؛ إذ يسجل حسابه أكثر من 600 ألف متابع.

في هذه الأثناء، وصفت كارين فوتو، رئيسة موقع «ميديا بارت» الإخباري المستقّل الوضع «بالفخ الذي انغلق على وسائل الإعلام»، حيث «إما البقاء وتعزيز أدوات الدعاية لليمين المتطرّف وإما الانسحاب والتخلّي عن مواجهة النقاش». وللعلم، من الملاحظ أن المنصّة غدت حاجة شبه ماسة لأصحاب القرار والساسة، حيث إن بعضهم يتوجه إليها قبل أن يفكّر في عقد مؤتمر صحافي، وهذا ما حدا بالباحث دومينيك بوليي، من معهد «سيانس بو» للعلوم السياسية، إلى القول في حوار لصحيفة «لوتان» إن منصّة «إكس» بمثابة «الشّر الذي لا بد منه»، إذ تبقى المفضّلة لدى رجال السياسة للإعلان عن القرارات المهمة، وللصحافيين لتداولها والتعليق عليها، مذكّراً بأن الرئيس الأميركي جو بايدن اختار «إكس» للإعلان عن انسحابه من السباق الرئاسي الأخير.