مدارس سوريا تواجه خطر القصف والحرق في حلب

ليس فيها فناء أو نشاط خارجي.. ويستبدل ذلك بالرسم وعروض العرائس

مدارس سوريا تواجه خطر القصف والحرق في حلب
TT

مدارس سوريا تواجه خطر القصف والحرق في حلب

مدارس سوريا تواجه خطر القصف والحرق في حلب

في المدارس غير الرسمية التي تديرها منظمة سورية خيرية في الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة في مدينة حلب السورية، لا يخرج الأطفال إلى الفناء خلال الاستراحات خوفا من سقوط برميل متفجر على رؤوسهم من السماء.
وتدير منظمة «كش ملك» سبع مدارس يعمل بها 110 مدرسين أغلبهم حديثو العهد بالمهنة، وتخدم نحو ثلاثة آلاف تلميذ في المدينة المقسمة التي دمرتها الحرب.
وقالت مارسيل شحوارو المديرة التنفيذية للمنظمة، إن مدارس المنظمة أغلقت بسبب عطلة، ولم تفتح من جديد بسبب القصف المكثف في الأيام القليلة الماضية. وقالت إنها لا تعلم متى سيعاد فتحها لكنها لم تفقد الأمل. وقالت في مقابلة مع «رويترز»: «عندما تعمل في مجال التعليم تدرك أهمية أن يكون هناك جيل آخر وأن هذا الجيل يحتاج فرصة للتعليم».
وتحاول «كش ملك» إقامة مدارسها في أقبية محاطة بمبان عالية - تمثل أهدافا واضحة - لتوفر بعض الحماية من القصف الجوي.
وشحوارو طبيبة أسنان سابقة تركت المهنة عام 2010 لتدرس العلوم السياسية، وأصبحت بعد ذلك من أوائل المشاركين في الاحتجاجات ضد بشار الأسد. وشحوارو مسيحية تخدم سكان حلب المسلمين السنة. واسم «كش ملك» ومعناه موت الملك في لعبة الشطرنج يشير إلى فكرة إقامة جمهورية ديمقراطية في سوريا بدلا مما ترى المنظمة أنه ديكتاتورية الأسد.
وبدأت المنظمة في إقامة المدارس في حلب في عام 2011، واستخدمت في البداية مقار المدارس العادية لكن الوضع تغير بعد أن قصفت قوات الأسد مدرسة عين جالوت في حلب في عام 2014. وقالت شحوارو إن 23 طفلا قتلوا في ذلك الهجوم.
وأضافت: «أسوأ ما يمكن أن يحدث أن يستهدف الأسد المدارس. في الوقت الراهن ليس بأي من مدارسنا فناء. ليس لدينا ألعاب رياضية أو أي نوع من النشاط. نستبدل ذلك بالرسم وعروض العرائس وأنشطة تمارس داخل الغرف المغلقة».
في بادئ الأمر كان نشطاء ومؤيدوهم المحليون يمولون المدارس بأنفسهم لكن بمرور الوقت قدم مانحون أجانب الدعم. وأشارت شحوارو إلى جمعيتي المساعدة الكاثوليكية باكس كريستي والتنمية والسلام، باعتبارهما أكبر مصدرين للتمويل.
ومع ذلك فإن تدفق التمويل غير منتظم وفي بعض الأحيان لا يتقاضى المدرسون أجورهم التي تبلغ نحو 115 دولارا شهريا.
وقالت شحوارو إن منظمتها سياسية لكن الأطفال لا يتعرضون لأي شــــــعارات أو حمـــلات سياسية.
وتابعت شحوارو أن من الصعوبات التي واجهتها أن 80 في المائة من المدرسين لا يتمتعون بالخبرة وأغلبهم من النساء اللائي لم يتلقين التدريب في هذا المجال.
وهناك أيضا مشكلة الضغط النفسي للحرب وهو ما يتطلب من المدرسين الذين يعانون من الصدمة أن يتوصلوا إلى سبل مبتكرة للحديث للأطفال عن أمور مثل الموت والكراهية والمستقبل. وقالت: «المدرسون أنفسهم نفدت قوتهم وكذلك التلاميذ».
وتابعت: «قال لي أحد المدرسين: لماذا نعلم أطفالا سيموتون الأسبوع المقبل؟ بالنسبة لي الأمر صعب لكن له منطقه الخاص. إنهم ينظرون إلى الأطفال ويتصورون أنهم سيكونون الضحايا القادمين».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.