إجراءات لضبط الأوضاع الأمنية في عدن.. ومدنيون ضمن ضحايا عمليات «الخلايا النائمة»

بعد موجة اغتيالات وانفلات أمني غير مسبوق

إجراءات لضبط الأوضاع الأمنية في عدن.. ومدنيون ضمن ضحايا عمليات «الخلايا النائمة»
TT

إجراءات لضبط الأوضاع الأمنية في عدن.. ومدنيون ضمن ضحايا عمليات «الخلايا النائمة»

إجراءات لضبط الأوضاع الأمنية في عدن.. ومدنيون ضمن ضحايا عمليات «الخلايا النائمة»

فجر مسلحو تنظيم «القاعدة»، أمس، مبنى قوات الأمن الخاصة (الأمن المركزي - سابقا) في أبين. وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن تلك العناصر المتشددة قامت بنسف المبنى بعد أن لغمته بأصابع الديناميت وفجرته، في رد فعل، على ما يبدو، على مقتل قائد التنظيم في محافظة أبين، جلال بلعيد، قبل 3 أيام، في قصف للسيارة التي كان يستقلها وعدد من مرافقيه بصاروخ من طائرة أميركية من دون طيار، وجاء تفجير المبنى بعد أن أعلن مسلحو «القاعدة» مدينة زنجبار، أول من أمس، إمارة إسلامية، ردا على مقتل بلعيد.
ونعى تنظيم «القاعدة» في بيان نشره على وسائل التواصل الاجتماعي مقتل بلعيد.
وفي عدن، لقي 3 أشخاص من أسرة واحدة مصرعهم في انفجار لغم بحي خور مكسر بوسط المدينة، وقالت مصادر أمنية إن اللغم أحد مخلفات الحرب، التي قام الحوثيون خلالها بزرع أعداد كبيرة من الألغام وسط الطرق الرئيسية والأحياء في المدينة.
إلى ذلك، أثارت صورة طفل لقي حتفه في محاولة الاغتيال تعرض لها مسؤول أمني، قبل بضعة أيام في عدن، سخطا في الشارع اليمني والعدني على وجه التحديد. فالطفل عبد الله الجعدني ذو 11 ربيعًا آخر ضحايا إرهاب أعداء الإسلام والإنسانية في عدن لم يكن يعلم مساء 4 فبراير (شباط) الحالي وهو يلعب ويلهو في باحة منزله بحي الممدارة الشعبي شرقي مدينة عدن الجنوبية بأنه لم يعد يدخل غرفته بعد اليوم وللأبد، حينما إصابته شظية في الرقبة جراء انفجار سيارة مفخخة استهدفت موكب مدير شرطة لحج العميد عادل الحالمي عند مرورها من أمام منزله شرق مدينة الشيخ عثمان بعدن.
ويقول المراقبون إنه ورغم هذه العمليات التي توصف بالإرهابية، فإن القوات الأمنية في عدن تحقق تقدمًا ملحوظًا في استتباب العملية الأمنية وكشف معامل صنع العبوات الناسفة والسيارات المفخخة والمتفجرات، ونجحت للمرة الأولى منذ سنوات القوات الأمنية بعدن في كشف سيارات مفخخة وتفكيكها وإحباط عمليات إرهابية في ظل تزايد الهجمات الإرهابية وموجة الاغتيالات بحق القيادات العسكرية والكوادر المدنية وعناصر الأمن والمقاومة الجنوبية.
وشهدت مدينة عدن الجنوبية منذ تحريرها من ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح في 17 يوليو (تموز) من العام الماضي 2015 سلسلة اغتيالات وعمليات إرهابية متوالية حصدت عشرات الضحايا من الشهداء وأكثر من مائتي جريح بينهم مدنيون وفي صفوفهم أطفال ونساء، سواء كانوا من المارة، وقت حدوث تلك التفجيرات الإرهابية في المدينة المسالمة المناهضة للتطرف والإرهاب.
وتخوض اليوم القوات الأمنية وعناصر المقاومة الجنوبية بدعم وإسناد من قوات التحالف العربي حرب ضروس ضد الجماعات الإرهابية حققت فيها حتى اليوم إنجازات كبيرة بفضل الالتفاف الشعبي والمجتمعي الرافض لأي وجود للجماعات الإرهابية في عدن، وبفضل تعاون السكان المحليين مع قوات الشرطة والأمن في الإبلاغ عن أوكار تلك الجماعات وأماكن تحركها، وهو ما أسفر عن اكتشاف معامل تفخيخ السيارات وصناعة العبوات الناسفة والقبض على مطلوبين وإحباط أكثر من عملية إرهابية كانت تهدف لزعزعة الأمن والاستقرار واستهداف قيادة الدولة وامن العاصمة عدن.
وتشهد عدن موجة اغتيالات ممنهجة، استهدفت عشرات الكوادر المدنية والعسكرية الجنوبية بينهم قضاة وضباط وقيادات مدنية وعسكرية تأتي بحسب خبراء أمنيين ومحللين سياسيين استمرارًا لسيناريو اغتيالات الكوادر الجنوبية منذ حرب صيف 1994، واجتياح نظام المخلوع صالح وقواته العسكرية والقبلية والدينية لعدن والجنوب في 7 يوليو 1994.
ويؤكد خبراء أن ثمة انتصارات تلوح في الأفق للمدينة المسالمة عدن التي ترفض التطرف والإرهاب فهي بيئة طاردة للجماعات المسلحة كمدينة عالمية حاضنة للثقافة المدنية والتعايش والتسامح الديني. ويشير الخبير الأمني العميد المتقاعد محمد فرحان في تعليق خاص لـ«الشرق الأوسط» إلى الأحداث والأوضاع الأمنية الراهنة بالمدينة بأن شرطة عدن حققت خلال أقل من أسبوع إنجازات أمنية وصفها بالكبيرة كون عدن خرجت من حرب ظالمة شنتها ميليشيا الحوثيين وقوات صالح على المدينة «وأكلت الأخضر واليابس»، على حد قوله، مشيرًا إلى أن الأوضاع الأمنية تتحسن في العاصمة عدن يومًا أحسن من يوم.
وقال العميد فرحان إن القوات الأمنية والمقاومة الجنوبية تمكنت، خلال الأسبوع الأول، من شهر فبراير الحالي من ضبط سيارة مفخخة أمام بوابة «مصحة السلام» في حي «عمر المختار» في الشيخ عثمان، إلى جانب ضبط عصابة متلبسة وهي تحاول سرقة مطابع صحيفة «الراية»، والعثور على عبوات ناسفة في سيارة مواطن في مديرية البريقة، والقبض على حافلة صغيرة في التواهي تحمل كمية من المخدرات.
ومضى قائلاً: «أضف إلى ذلك تمكن قوات الأمن والمقاومة من تفكيك سيارة مفخخة تم اكتشافها في الشارع الرئيسي بوسط مدينة المعلا بعدن، وتمكن شرطة البساتين من ضبط 23 عسكريا للمخلوع صالح وهم ضباط في جهاز الأمن القوي والحرس الجمهوري الموالي للرئيس المخلوع صالح» وهذه تعد إنجازات قياسية على حد قوله.
وكانت عدن قد شهدت خلال الفترة الماضية عمليات إرهابية وموجة اغتيالات أمنية وانفلات أمني غير مسبوق، وأسفرت تلك الاختلالات الأمنية عن سقوط أكثر من 70 ضحية قتل وأكثر من 165 جريحا منذ تحرير العاصمة عدن من ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع في منتصف يوليو من العام الماضي وحتى مطلع شهر فبراير الحالي، وسط جهود حكومية وأمنية متواصلة لاستعادة الأمن والاستقرار للعاصمة المؤقتة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».