رئيس أفغانستان التنفيذي يتوقع محادثات مع طالبان خلال أشهر

جنرال أميركي لا يستبعد إبطاء انسحاب القوات من كابل

عبد الله عبد الله («الشرق الأوسط»)
عبد الله عبد الله («الشرق الأوسط»)
TT

رئيس أفغانستان التنفيذي يتوقع محادثات مع طالبان خلال أشهر

عبد الله عبد الله («الشرق الأوسط»)
عبد الله عبد الله («الشرق الأوسط»)

توقع عبد الله عبد الله الرئيس التنفيذي لأفغانستان استئناف محادثات السلام مع حركة طالبان في غضون ستة أشهر، معلقا الآمال على فصائل داخل الحركة الإسلامية المتشددة قال إنها قد تبدي استعدادا لنبذ العنف.
والمحادثات بين كابل وطالبان الأفغانية متوقفة منذ انهارت جهود السلام العام الماضي، بعدما أصبح معروفا أن الملا محمد عمر مؤسس الحركة وزعيمها توفي منذ عامين، مما ترك الجماعة في حالة من التخبط والبلبلة.
وقال عبد الله إن الانقسام شق صفوف طالبان بقوة بعد موت الملا عمر مما زاد مفاوضات السلام تعقيدا، لكن هناك من الأسباب ما يدعو للتفاؤل بأن المحادثات الرامية لوقف العنف المستمر منذ 15 عاما يمكن أن تستأنف. وأضاف عبد الله في مقابلة أجرتها معه «رويترز» أول من أمس في نيودلهي حيث أجرى محادثات مع زعماء الهند في قضايا ثنائية: «ربما تكون هناك مجموعات بين طالبان قد تكون مستعدة للتحدث ونبذ العنف».
وسئل عن الموعد المتوقع أن تبدأ فيه المحادثات مع طالبان فأجاب: «ستكون قبل ستة أشهر».
وقال إن هناك اتصالا بين فصائل في طالبان مستعدة لنبذ العنف وأجهزة الأمن الأفغانية، لكنه امتنع عن ذكر مزيد من التفاصيل. وتجيء هذه التصريحات قبل اجتماع في إسلام آباد بين أربع قوى هي الولايات المتحدة والصين وباكستان وأفغانستان في السادس من فبراير (شباط) لتمهيد الساحة لمحادثات تريد حكومة الرئيس الأفغاني أشرف عبد الغني إجراءها مع الحركة. وقال عبد الله إن الصين يمكن أن تلعب دورا في عملية السلام الأفغانية نظرا لما تواجهه من تحد في إقليم شينجيانغ من جانب حركة شرق تركستان الإسلامية التي تقاتل أيضا إلى جانب طالبان في أفغانستان. وأشار أيضا إلى علاقات بكين الوثيقة مع باكستان وإلى أن ذلك قد يجذب طالبان إلى طاولة التفاوض.
وتتخذ قيادة طالبان الأفغانية التي يتزعمها الآن الملا أختر منصور من باكستان مقرا منذ فترة طويلة. ولم يستبعد الجنرال جون كامبل قائد القوات الأميركية والأطلسية في أفغانستان أن تتم مراجعة عدد القوات الأميركية التي ستنسحب من أفغانستان مجددا في 2016 بالنظر إلى الوضع الأمني في هذا البلد. وأوضح الجنرال أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي أن كثير القوة الأميركية المقرر بداية من الأول من يناير (كانون الثاني) 2017 والبالغ 5500 عسكري كان حدد لمهمة «مكافحة إرهاب» ضد «القاعدة». لكن مهمة تدريب الجيش الأفغاني ستصبح عندها «محدودة جدا» مع ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر عدم التمكن من سد الثغرات التي لا تزال قائمة في مواجهة طالبان، بحسب الجنرال.
وأضاف: «إذا كنا نريد الاستمرار في تعزيز الجيش الأفغاني سيكون علينا تعديل» هدف بقاء 5500 عسكري في بداية 2017
ويبلغ عدد القوات الأميركية حاليا في أفغانستان 9800 عسكري.
ويرى العسكريون الأميركيون أن الجيش الأفغاني لا يزال يعاني من نقائص كثيرة في مواجهة طالبان رغم التقدم الكبير المسجل.
وكان الجنرال جون نيكولسون الذي سيحل محل الجنرال كامبل قريبا، قال الأسبوع الماضي أمام الكونغرس إن تأهيل الجيش الأفغاني لا يزال يحتاج «إلى سنوات».
وكانت الإدارة الأميركية قررت في أكتوبر (تشرين الأول) 2015 إبطاء نسق انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان بسبب تنامي حركة طالبان. وحددت هدفا جديدا هو بقاء 5500 عسكري في بداية 2017 في حين كانت حتى خريف 2015 تنوي الإبقاء على قوة بسيطة قوامها ألف عسكري في كابل.
وأوصى الجنرال كامبل أن تقرر الإدارة الأميركية «قبل صيف» 2016 عملية إبطاء جديدة لسحب قواتها من أفغانستان. وقال إنه يتعين منح المزيد من الوقت للحلفاء في الحلف الأطلسي للتأقلم مع المعطى الجديد وليراجعوا كثير قواتهم باتجاه زيادته.
إلى ذلك أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية أمس أن ستة جنود من الجيش الوطني و36 متمردا لقوا حتفهم خلال عملية تطهير شملت سبعة أقاليم في البلاد خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية. وقالت الوزارة في بيان إن 26 متمردا آخرين أصيبوا وتم القبض على سبعة خلال العملية التي قامت بها قوات الأمن، بحسب وكالة باجهود الأفغانية. وأضافت أن مسؤولي الأمن استولوا على أسلحة وذخيرة وأكثر من مائة قنبلة يدوية خلال العملية. ولم يعلق المتمردون على ما بيان وزارة الدفاع الأفغانية.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».