في وقت سعى فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للحد من التداعيات السياسية لحادث مقتل باحث إيطالي شاب في ظروف غامضة، خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإيطالي مساء أول من أمس، دعت الناشطة المصرية البارزة منى سيف، الأجانب لعدم زيارة بلادها على خلفية الحادث الذي يعكس بحسب مراقبين «ارتباكًا أمنيًا» يهدد علاقات القاهرة بدول حليفة، ويراكم تحديات أمام بلد ملفها الحقوقي مثير للجدل.
ويعيد حادث مقتل طالب الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني للأذهان حادثي تفجير الطائرة الروسية في سيناء أواخر العام الماضي، ومقتل سائحين مكسيكيين، في منطقة عمليات للجيش في سبتمبر (أيلول) من العام نفسه. وألقت تلك الحوادث بظلال كثيفة على علاقات مصر بحلفاء رئيسيين مثل روسيا وإيطاليا التي دعمت الدبلوماسية المصرية في أوروبا خلال شهور من الغموض أعقبت عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في يوليو (تموز) 2013. وأجرى الرئيس السيسي اتصالاً هاتفيًا مع رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتسي، حيث قدم العزاء في وفاة الطالب الإيطالي ريجيني الذي عثر على جثته وعليها آثار تعذيب، بحسب مسؤولين في النيابة العامة.
وكان الطالب الإيطالي قد اختفى يوم 25 يناير (كانون الثاني) الذي وافق الذكرى الخامسة لثورة يناير، في ظل تشديد أمني ملحوظ. وعثر على جثته ملقاة في الطريق الصحراوي بين القاهرة والإسكندرية مساء الأربعاء الماضي. وأكد الرئيس السيسي خلال اتصاله برئيس الوزراء الإيطالي أن الحادث يحظى باهتمام بالغ من قبل الجهات المصرية المعنية، مشيرًا إلى توجيهاته للداخلية بمواصلة جهودها بالتعاون مع النيابة العامة من أجل كشف غموض الحادث والوقوف على ملابساته.
وفور الإعلان عن العثور على جثة الطالب الإيطالي، بدأت أجواء التوتر في الظهور من الجانب الإيطالي، حيث قطعت وزيرة الصناعة فيدريكا جيدي زيارتها لمصر، وغادرت البلاد برفقة وفد من رجال الأعمال الإيطاليين. وقال مكتبها الإعلامي إنها طلبت من مصر بالنيابة عن الحكومة الإيطالية التحقيق في وفاة ريجيني قبل عودتها إلى روما.
وكانت روسيا قد علقت رحلاتها إلى منتجعات مصرية رئيسية بعد تحطم طائرة روسية فوق شبه جزيرة سيناء في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ورغم أن السلطات المصرية لا تزال تجري تحقيقات في الحادث قالت روسيا ودول غربية أخرى إن لديها معلومات استخباراتية دقيقة عن تعرض الطائرة للتفجير.
وشدد السيسي، بحسب بيان صدر عن الرئاسة حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، على أن الجانب الإيطالي سيجد «تعاونا بناء» من قبل السلطات المصرية المعنية بشأن هذا الحادث.
كان رينتسي طلب أمس سرعة إعادة جثمان القتيل، مطالبًا أن تتيح القاهرة لممثلي الحكومة الإيطالية متابعة التطورات في التحقيق أولا بأول والتوصل إلى المسؤولين عن هذه الجريمة.
وقال مراقبون إن الحادث يضر بالجهود المصرية الساعية لرسم صورة البلد المستقر أمام العالم، لجذب الاستثمارات الأجنبية والسياحة بعد سنوات من الاضطرابات والأعمال الإرهابية.
وأثار الحادث استياءً واسعًا في الأوساط المصرية، ودشن أصدقاء مصريون للباحث الإيطالي حملة تحت شعار «نريد معرفة الحقيقة»، فيما دعت منى سيف، شقيقة الناشط السياسي البارز علاء عبد الفتاح الذي يقضي عقوبة بالسجن لخرقه قانون التظاهر الأجانب لتجنب زيارة بلدها قائلة: «نحن غير قادرين على منحك الحد الأدنى من السلامة أو المعاملة المناسبة سواء من الشعب أو السلطات». وأشارت سيف المهتمة بملف حقوق الإنسان إلى إدراكها للاتهامات التي ستواجهها بسبب رسالتها، لكنها ناشدت الأجانب قائلة: «إذا كنت أجنبيا، فمن فضلك، من فضلك، لا تأتي إلى مصر».
وأوضحت: «ليس في الوقت الذي تحرض فيه وسائل الإعلام الناس وتدفعهم إلى الشك في أي أجنبي في الشارع، كأنه جاسوس محتمل يريد تدمير بلادهم، وليس في الوقت الذي يشعر فيه ضباط البوليس من جميع الرتب بالحق في احتجاز أو تعذيب أي شخص يمشي في الشارع لمدة ولأي سبب كان»، بحسب الرسالة.
ويشكو نشطاء مصريون مما قالوا إنه «تضييق على حرية التعبير»، وممارسات «غير دستورية» من رجال الشرطة، الأمر الذي يرفع درجة التوتر في علاقة القاهرة بعواصم غربية.
وفي سياق متصل، قال الناشط الحقوقي جمال عيد إنه منع من السفر مساء الخميس الماضي، لوجود اسمه على قوائم الممنوعين من السفر تنفيذا لقرار النائب العام.
وأشار عيد، وهو مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، في تعليق كتبه عبر صفحته الشخصية على «فيسبوك» إلى أنه علم بالقرار أثناء وجوده بالمطار قبل المغادرة، وقال: «صدر القرار متأخرًا، لكن صدر. تم منعي من السفر وراجع من المطار! دولة القانون».
الارتباك الأمني وملف حقوق الإنسان يوتران علاقة مصر بدول حليفة
السيسي هاتف رئيس وزراء إيطاليا.. وناشطة تناشد الأجانب بعدم السفر لبلادها
الارتباك الأمني وملف حقوق الإنسان يوتران علاقة مصر بدول حليفة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة