المجلس الرئاسي الليبي يبحث في الصخيرات تشكيل حكومة وفاق وطني مصغرة

ينهي مشاوراته السبت أو الأحد.. ويقدم نتائجها لمجلس النواب قبل 10 فبراير

ليبيون يحملون ما تبقى من امتعتهم وممتلكاتهم من منازلهم المدمرة بفعل المعارك بين الميليشيات في سرت (أ.ف.ب)
ليبيون يحملون ما تبقى من امتعتهم وممتلكاتهم من منازلهم المدمرة بفعل المعارك بين الميليشيات في سرت (أ.ف.ب)
TT

المجلس الرئاسي الليبي يبحث في الصخيرات تشكيل حكومة وفاق وطني مصغرة

ليبيون يحملون ما تبقى من امتعتهم وممتلكاتهم من منازلهم المدمرة بفعل المعارك بين الميليشيات في سرت (أ.ف.ب)
ليبيون يحملون ما تبقى من امتعتهم وممتلكاتهم من منازلهم المدمرة بفعل المعارك بين الميليشيات في سرت (أ.ف.ب)

بدأ أعضاء المجلس الرئاسي الليبي، المدعوم من الأمم المتحدة، أمس، جولة مشاورات في منتجع الصخيرات، الواقع جنوب العاصمة المغربية الرباط، من أجل البحث في تشكيلة حكومة وفاق وطني مصغرة.
ويتكون المجلس الرئاسي الليبي من 9 أعضاء، هم الرئيس و5 نواب للرئيس و3 وزراء دولة. وكان جميع أعضاء المجلس الرئاسي الليبي قد وصلوا إلى المغرب يومي الثلاثاء والأربعاء للتشاور بشأن الحكومة المصغرة.
وقال مصدر دبلوماسي مطلع في مشاورات الصخيرات لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس الرئاسي تسلم قرار مجلس النواب الأحد الماضي، مشيرًا إلى أن القرار «مؤرخ في 31 من يناير (كانون الثاني) 2016»، وبالتالي فإن المهلة الزمنية لا تزال سارية على أن تنتهي في العاشر من فبراير (شباط) الحالي.
وأضاف المصدر ذاته أن الحكومة المصغرة سوف يجري إعدادها في الصخيرات، قبل أن يجري التشاور في شأنها مع لجنة الحوار التي تعد مهندسة الاتفاق، وقبل أن تعرض التشكيلة الحكومية الجديدة على مجلس النواب في طبرق، وتوقع المصدر ذاته أن تستدعى لجنة الحوار الموجودة في تونس إلى الصخيرات لعقد اجتماع اليوم الجمعة، أو غدًا السبت قبل عرض التشكيلة الحكومية على مجلس النواب قبل العاشر من فبراير الحالي. فيما ينتظر أن ينهي المجلس الرئاسي مشاوراته غدا السبت أو الأحد كأقصى حد.
يذكر أنه في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وقع أعضاء من البرلمان الليبي المعترف به دوليا (طبرق)، والبرلمان الموازي غير المعترف به (طرابلس)، اتفاقا بإشراف الأمم المتحدة في المغرب، نص على تشكيل حكومة وفاق وطني توحد السلطات المتنازعة في هذا البلد، الذي يعرف توترا منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي.
ويحظى الاتفاق بدعم المجتمع الدولي، لكنه يلقى معارضة في صفوف الطرفين، لا سيما من سلطات طرابلس. وقد أقال المؤتمر الوطني العام، البرلمان غير المعترف به دوليًا، الثلاثاء، عشرة من أعضائه على خلفية توقيعهم على اتفاق الصخيرات.
ومن جهته، نفى محمد صوان، رئيس حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، مشاركة الحزب في تشكيلة الحكومة التي يترأسها رجل الأعمال الطرابلسى فائز السراج.
وقال الصوان في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس: «لم نشارك بأعضاء من الحزب، ولسنا حريصين على المشاركة الآن»، لكنه أضاف موضحا: «سيأتي الوقت الذي تخرج فيه ليبيا من أزمتها، ويدرك الجميع الدور الذي لعبه الحزب في هذه المرحلة»، وتابع قائلا: «لم نشارك في هذه الحكومة، ولم نسمِّ وزراء فيها، ولا نريد أن نشارك كحزب، وهمنا الأساسي هو إنهاء الانقسام وإنهاء هذه الأزمة».
ميدانيًا، أبلغ مسؤول بارز في الجيش الليبي «الشرق الأوسط» أمس أنه «ليس لدى قيادة الجيش معلومات مؤكدة»، حول احتمال شن الولايات المتحدة وبعض حلفائها الغربيين هجومًا عسكريا محتملاً على الأراضي الليبية ضد التنظيمات الإرهابية، خصوصا «داعش»، بينما دعا الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الدول التي تفكر في التدخل العسكري في ليبيا، إلى مراعاة مصالح الدول المجاورة لليبيا، وفي مقدمتها تونس، وقال إن عليها أن تتشاور معنا بهذا الخصوص «لأن ما يفيدهم قد يسيء إلينا».
إلى ذلك، أكد مسؤول في الجيش الليبي تحدث لـ«الشرق الأوسط» مشترطًا عدم تعريفه أنه «لا معلومات لدينا تجزم بأن هناك هجومًا ما سيتم على مواقع تابعة للجماعات المتطرفة في أي مدينة بليبيا»، معتبرًا أن الأمر مجرد «تكهنات وتقارير إعلامية لا أكثر.. وحتى اللحظة، لم تبلغ أي دولة أو جهة دولية قيادة الجيش بنيتها ضرب أهداف محتملة لتنظيم داعش.. الأمور ضبابية وقد لا تخرج عن كونها محاولة لتثبيت أركان الحكومة الجديدة المقترحة من البعثة الأممية. ونحن نستغرب الحديث عن عمل كهذا في ظل استمرار فرض لحظر على تسليح الجيش الليبي».
وقال المسؤول العسكري: «إذا كانت بعض الدول الغربية والولايات المتحدة فعلا جادة في محاربة الإرهاب، فعليها إذن أن تثبت جديتها وتؤكد لنا حسن نيتها.. نحن لا نطلب قوات أجنبية، فقط على المجتمع الدولي والغرب تسليح قوات الجيش الوطني الموالي للسلطات الشرعية في البلاد».
في المقابل، أكد الرئيس التونسي في كلمة أمس ألقاها بقصر الرئاسة بقرطاج، لدى استقباله رؤساء البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية بمناسبة حلول السنة الإدارية الجديدة، أنه يجب على كل دولة مجاورة لليبيا ألا تفكر في أن الحل لديها، مشيرا إلى توافد عدد كبير من الليبيين على بلاده، خصوصا بعد تواتر الأخبار بخصوص اقتراب شن تدخلات عسكرية في ليبيا، واعتبر أن استمرار حالة الاضطراب في ليبيا يمثل عامل تهديد مباشر لأمن تونس، وعامل إرباك جدي لاقتصادها.
وأضاف الرئيس التونسي أن بلاده، التي تظل الدولة الأكثر عرضة لتداعيات الأزمة في ليبيا، لا ترى أفقا لحلها خارج تنفيذ الاتفاق السياسي، والإسراع بالمصادقة على حكومة الوفاق الوطني، وتجند المجموعة الدولية، وفي طليعتها دول الجوار لإسناد جهود هذه الحكومة في ممارسة سلطاتها، وبسط الأمن وإعادة بناء مؤسسات الدولة، وتلبية احتياجات الشعب الليبي، وقال بهذا الخصوص إن «مصلحة تونس والمنطقة والعالم تتمثل في أن تكون ليبيا موحدة ومستقرة»، معتبرا أنه «من مسؤولية الجميع مساعدة الليبيين وتشجيعهم على تحقيق المصالحة الشاملة، واستكمال العملية الانتقالية، والانصراف إلى إعادة البناء من أجل غد أفضل لليبيا وللمنطقة عموما».
إلى ذلك، كشفت تقارير عن تحول مدينة سرت، معقل العقيد الراحل معمر القذافي، إلى ملاذ لتنظيم داعش، وذلك على بعد 300 كلم فقط، من أوروبا الخائفة من وصول التهديد المتطرف إليها. وفي هذا الصدد نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن شهود عيان أنه في المدينة المتوسطية، الواقعة على بعد 450 كلم شرق العاصمة طرابلس، «تقطع الأيادي ويعدم الناس بشكل علني، ويسود الرعب وفي شوارعها الرئيسية، وتنتشر منذ منتصف العام الماضي أعلام التنظيم المتطرف».
فيما قال مسؤول في المجلس البلدي لسرت إن «الوضع مأساوي جدا، فالحياة المدنية معدومة، والأحكام المتشددة التي كنا نشاهدها في التلفزيون في العراق وسوريا باتت تفرض على السكان».
من جهته، قال مسؤول في المجلس المحلي للمدينة إن تنظيم داعش يعمل على تحويل سرت إلى «معقل متطرف كبير، حيث أصبح يفرض على المدارس، التي بقيت أبوابها مفتوحة، تدريس (الجهاد)».
وتابع موضحًا أن التلاميذ الصغار الذين جرى فصلهم عن الإناث «أصبحوا يتعلمون (الجهاد) في مدارسهم، فيما يتلقى آباؤهم في الوقت نفسه دروسا مماثلة عن (الجهاد) في المساجد وفي أماكن أخرى».
وتقف السلطات المتنازعة على الحكم اليوم عاجزة عن استرداد المدينة من أيدي تنظيم داعش، في انتظار تحرك دولي محتمل في ليبيا، وفي ظل إعلان دول كبرى عن خشيتها من الخطر «الجهادي» المتصاعد على أبواب أوروبا.
وبعدما رأى مسؤول في المجلس البلدي أن «السلطات في ليبيا ومنذ توليها الحكم بعد سقوط النظام السابق أصبحت تهتم بكرة القدم أكثر من اهتمامها بسرت، وتساءل: هل سقوط المدينة بيد (داعش) يشكل فارقا بالنسبة إليها؟».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.