70 ألف سوري فروا من الحرب عالقون على الحدود التركية

نائب تركي: أنقرة مجبرة على فتح حدودها لهم خصوصًا أن عددًا كبيرًا منهم من أصول تركمانية

70 ألف سوري فروا من الحرب عالقون على الحدود التركية
TT

70 ألف سوري فروا من الحرب عالقون على الحدود التركية

70 ألف سوري فروا من الحرب عالقون على الحدود التركية

على وقع المعارك الضارية في حلب، تزداد حدة موقف أنقرة الرافض للتدخل الروسي في سوريا، الذي مالت كفته لصالح النظام السوري، مما أضعف المعارضة المسلحة ومن خلفها تركيا على أرض المعارك.
ولم تكن عبارة رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو خلال مؤتمر المانحين في لندن: «عقلي ليس في لندن بل في الحدود السورية التركية»، إلا رسالة من عشرات الرسائل التي ترسلها أنقرة إلى المجتمع الدولي ضد التدخل الروسي الذي يلحق الضرر مباشرة بتركيا، كما تقول الحكومة، ويخلق عدة أزمات منها موجات اللجوء. ومن على الحدود السورية التركية وصف النائب في البرلمان التركي فوزي شانبيردي مؤتمر المانحين في لندن وغيره من المؤتمرات الدولية لدعم السوريين، بأنها مجرد كلام لا أفعال، مستشهدًا بعدم تطبيق أي من القرارات الدولية فيما يخص الأزمة السورية، لا من حيث الحل السياسي ولا من ناحية مشكلة اللاجئين.
وقال شانبيردي لـ«الشرق الأوسط» إن هناك نحو سبعين ألف سوري ينتظرون الدخول إلى تركيا بعد القصف الروسي العنيف وتقدم قوات النظام السوري في حلب، معربًا عن قلقه بخصوص كيفية تأمين المسكن والمأكل لهذا العدد الكبير من اللاجئين في وقت قصير، مشيرًا إلى أنه يحاول برفقة المسؤولين حل الأزمة في أسرع وقت. الخبير بالشأن التركي الدكتور سعيد الحاج، لم يستثنِ الأزمة الروسية التركية في سرده لأسباب ضراوة التدخل الروسي في حلب، مشيرًا إلى أن موسكو تحاول «تغريم أنقرة الثمن» بعد إسقاط الطائرة الروسية واندلاع الأزمة بين البلدين العام الماضي.
وأكد الحاج أن تركيا مجبرة على فتح حدودها أمام هذا العدد الهائل من اللاجئين، خصوصًا أن عددًا كبيرًا منهم من أصول تركمانية. وشدد الحاج على ضرورة تجاوز ما وصفها بـ«الخطوط الأميركية الحمراء»، في دعم المعارضة السورية حتى تصمد أمام ضراوة الهجمة الروسية المتبوعة بقوات النظام السوري والفصائل الموالية له، مؤكدا أن سقوط حلب بالكامل بيد النظام السوري يعني تكبد أنقرة وحلفائها في سوريا، ما وصفها بـ«الخسارة الاستراتيجية»، فضلا عن فصل قوات المعارضة جغرافيا عن تركيا.
الخبير السياسي المختص بالشأن التركي مصطفى إسماعيل، لم يستبعد في حديث لـ«الشرق الأوسط» تدخلا عسكريا تركيا في سوريا «ينثر أوراق اللعب من جديد، ويقطع الطريق على أكثر ما تخشاه أنقرة، وهو إعلان دولة كردية متاخمة لحدودها الجنوبية، ويصفع حلف موسكو الأسد في شمال سوريا ويخفف من ضغط أزمة اللجوء على الأقل في مناطق جنوب تركيا». وأشار مصطفى إلى أن بوادر هذا التدخل بدأت باستعداد أنقرة لتنظيف بعض المناطق القريبة من الحدود السورية من الألغام، مؤكدا أن اجتماعات أنقرة المكثفة مع حلفائها، لم تخل من إشارة إلى تدخل بري يميل بالكفة لصالح أنقرة وحلفائها وأبرزهم الرياض، بحسب تعبيره.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.