تستكمل قوات النظام السوري والمجموعات المقاتلة في صفوفها عملياتها بالقرب من مدينة حلب في مسعى لقطع كل خطوط الإمداد المهمة عن مقاتلي المعارضة الذين ما زالوا يسيطرون على القسم الشرقي منها، في وقت يستعد فيه هؤلاء لاستعادة المناطق التي خسروها في الساعات الماضية والفصل من جديد بين بلدة حردتين وبلدتي نبل والزهراء اللتين نجح النظام بغطاء جوي روسي مكثف في كسر الحصار المفروض عليهما يوم الأربعاء الماضي. ولا تزال الفصائل المقاتلة تتمسك بالمنفذ الوحيد بالنسبة لها والذي يُعرف بطريق الكاستيلو، ويربط مدينة حلب بالريف الغربي وصولا إلى محافظة إدلب.
وتتسارع التطورات الميدانية في حلب بعد كسر الحصار عن نبل والزهراء، بحيث يسعى النظام والمجموعات المقاتلة إلى جانبه، للتأكد من قطع الطريق الواصل بين الريف الشمالي لحلب والمدينة بشكل كلي، كما فصل الريف الشمالي عن الريف الغربي. وعمليا، فإن فصائل المعارضة الموجودة في الريف الشمالي أصبحت محاصرة بالكامل، شرقا من تنظيم «داعش»، وغربا من الأكراد، بينما يتقدم النظام من الجهة الجنوبية.
وواصل الطيران الروسي أمس عملياته العسكرية مستهدفا أحياء المشهد والشعار والفردوس وبعيدين والكلاسة وطريق الباب بمدينة حلب، مما أدّى، وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى مقتل 21 شخصا، بينهم ثلاثة أطفال وامرأتان.
في المقابل، أكد أسامة أبو زيد، المستشار القانوني للجيش الحر، الذي كان موجودا في حلب ليلة السيطرة على نبل والزهراء، أن الغارات المكثفة للطيران الروسي لعبت الدور الأبرز في تقدم النظام، لافتا إلى أن مقاتلي المعارضة حاليا يحاربون على 3 جبهات في الريف الشمالي؛ في وجه النظام، والوحدات الكردية، و«داعش». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «ما نسعى إليه حاليا استعادة خط الإمداد مع تركيا، والفصل من جديد بين حردتين ونبل والزهراء، وبالتأكيد دفع النظام إلى خطوطه الخلفية».
وأوضح أبو زيد أن الخط الواصل بين حلب وإدلب لا يزال تحت سيطرة المعارضة، وأنها ستسعى للحفاظ عليه لأنه المتنفس الأخير للمدينة.
وبحسب مدير المرصد السوري، رامي عبد الرحمن، لم يبق لفصائل المعارضة «إلا منفذ وحيد يعرف بطريق الكاستيلو، لكنه طريق طويل ومعقد وسيشكل الهدف المقبل لعمليات النظام». ويربط هذا الطريق مدينة حلب بالريف الغربي وصولا إلى محافظة إدلب (شمالي غرب) التي تسيطر عليها فصائل «جيش الفتح» المكونة من مجموعات عدة مقاتلة؛ بينها «جبهة النصرة» منذ الصيف الماضي. وأضاف عبد الرحمن: «إذا خسرت الفصائل سيطرتها على هذا الطريق، يصبح الحصار مطبقا» على مدينة حلب.
ويخطط النظام السوري وحلفاؤه لتضييق الخناق بالكامل على حلب بهدف إسقاطها عسكريا من دون الدخول إليها لمواجهة مقاتلي المعارضة بالقوة. وهو ما أشار إليه هشام جابر، رئيس «مركز الشرق الأوسط للدراسات»، لافتا إلى أن «الدخول إلى مدينة حلب لا يشبه الدخول إلى ربيعة أو سلمى أو الشيخ مسكين، فالمدينة كبيرة جدا وفيها ما يزيد على مليون شخص، وبالتالي المعارك فيها إذا ترافقت بقصف جوي روسي، فستؤدي إلى مجازر يذهب ضحيتها عشرات الآلاف». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «التكتيك الذي يعتمده النظام حاليا يقضي بقطع الإمدادات تمهيدا لإسقاطها عسكريا باعتبار أن مقاتلي المعارضة لن يتمكنوا من الصمود لأكثر من شهرين على أبعد تقدير، وسيطلبون عاجلا أم آجلا ممرا آمنا قد يكون إلى إدلب».
وفي حين تتفاقم أزمة النزوح باتجاه الحدود التركية نتيجة استمرار التصعيد العسكري الروسي - الإيراني في حلب، وتنبيه أنقرة من أن بين 60 و70 ألف سوري يتحركون باتجاه حدودها، لفت أمس ما كشفته لجان التنسيق المحلية السورية من أن ثلاث طائرات شحن مروحية أميركية تحمل أسلحة خفيفة وذخيرة وصلت إلى مطار رميلان في منطقة القامشلي التابعة لمحافظة الحسكة شمال سوريا، وهي القاعدة الجوية التي وسّعتها «قوات سوريا الديمقراطية» أخيرا بدعم أميركي.
وبحسب اللجان، فإن شحنات الأسلحة وصلت من إقليم كردستان العراق، ومن المرجح أن يتم نقلها إلى مدينة عين العرب (كوباني) شمال سوريا قريبًا لبدء حملة عسكرية تهدف للسيطرة على مدينة منبج في ريف حلب الشمالي.
النظام يتجه لتطويق حلب.. والمعارضة تتنفس من إدلب
المعارضة تحارب على 3 جبهات.. في وجه النظام والوحدات الكردية و«داعش»
النظام يتجه لتطويق حلب.. والمعارضة تتنفس من إدلب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة