رام الله تحبط محاولة لتأسيس خلية عسكرية لحركة «الصابرين» التابعة لإيران في الضفة

الحركة اختارت نشطاء من عائلات متشيعة لنقل التجربة من غزة

رام الله تحبط محاولة لتأسيس خلية عسكرية لحركة «الصابرين» التابعة لإيران في الضفة
TT

رام الله تحبط محاولة لتأسيس خلية عسكرية لحركة «الصابرين» التابعة لإيران في الضفة

رام الله تحبط محاولة لتأسيس خلية عسكرية لحركة «الصابرين» التابعة لإيران في الضفة

قالت مصادر أمنية فلسطينية، لـ«الشرق الأوسط»، إن الأجهزة الأمنية أحبطت في الضفة الغربية محاولة لتأسيس بنية تحتية لحركة «الصابرين» الموجودة في قطاع غزة ومعروفة بارتباطاتها المباشرة بالنظام الإيراني.
وبحسب المصادر، فإنه تم اعتقال خمسة نشطاء تابعين للتنظيم الجديد في مدينة بيت لحم، جنوب الضفة الغربية، وقد تلقوا أموالا من الصابرين في غزة، بهدف تأسيس خلية تابعة لها وشراء الأسلحة وتنفيذ هجمات كذلك ضد مستوطنين وجنود إسرائيليين. وأوضحت المصادر أن محاولات إيران تشكيل خلايا مسلحة في الضفة ليس أمرا جديدا، وقد حاولت ذلك إبان الانتفاضة الثانية عبر دعم مجموعات عسكرية كانت تابعة لحركة الجهاد الإسلامي عن طريق حزب الله اللبناني.
وقالت المصادر إن إيران فشلت في نهاية الأمر باستغلال ساحة الضفة نتيجة يقظة الأجهزة الأمنية. وأكدت المصادر أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية لن تسمح بتشكيل أي خلايا مسلحة إيرانية أو غير إيرانية في الضفة الغربية. وكانت علاقة الجهاد بحزب الله وإيران متقدمة إلى حد كبير، وهو ما ساعد على فتح خطوط مع إيران والحزب اللبناني مباشرة، وهو ما أثر على بعض العناصر الذي اختاروا التشيع وترك حركاتهم السنية.
ويشار إلى مؤسس حركة «الصابرين» في غزة هشام سالم بأنه أحد الذين انشقوا عن فصيلهم الرئيسي «الجهاد»، وشكلوا الحركة المدعومة من إيران.
ويعتقد على نطاق واسع أن النشطاء الذين اعتقلوا في بيت لحم ينتمون إلى عائلات كاملة تشيعت بفعل القرب من حزب الله. ولم يخف سالم في وقت سابق وجود عناصر تابعة لحركة «الصابرين» في الضفة الغربية والقدس. ويقول سالم إنه يتلقى فعلا الدعم الكامل من الحكومة الإيرانية مثل حزب الله، لكن حركته ليست شيعية. غير أن هذا الكلام لا يبدو مصدقا بين الفلسطينيين خصوصا في قطاع غزة.
وقالت مصادر، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الدعم الإيراني الكبير لـ(الصابرين) في غزة بديلا عن حركتي حماس والجهاد السنيتين يشير إلى توجه هذه الجماعة». وبحسب المصادر فإن سالم هو رجل إيران الأول في قطاع غزة، وله علاقات مع مسؤولين في الحرس الثوري الإيراني وقيادات في حزب الله اللبناني. وسبب هذا مشكلات كبرى لسالم في قطاع غزة، ففي التاسع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تعرض للطعن على يد مجهول بعد إجرائه مقابلة صحافية مع قنوات إيرانية قبالة موقع ناحل عوز العسكري شرق غزة الذي كان يشهد حينها مواجهات، ما أدى إلى إصابته بجروح متوسطة قبل أن يتعافى وسط عاصفة كبرى من النقاش على شبكات التواصل الاجتماعي، جراء ما حدث له.
ويصر كثيرون على أن سالم يحاول نشر المذهب الشيعي في قطاع غزة. ونشر نشطاء لحركات إسلامية وسلفيين في غزة عدة مرات مقاطع فيديو تظهر احتفالات أقيمت في قطاع غزة ارتباطا بمناسبات يحييها أبناء الطائفة الشيعية، ويظهر فيها سالم وهو يتحدث عن مقتل «سيدنا الحسين بن علي»، ويُمجد معركة «كربلاء» المقدسة لدى الشيعة. وتزامن ذلك مع فيديو آخر أظهر مجموعة من عشرين شخصا وهم يمارسون طقوسا للشيعة في شقة سكنية تبين فيما بعد أنها جماعة أخرى اسمها «آل البيت الأطهار».
واعتقلت حركة حماس تلك المجموعة بعد أن كانت تحيي «ذكرى أربعينية الإمام الحسين». قبل أن تفرج عنهم بعد توقيع على أوراق رسمية يحظر عليهم تكرار ما جرى. كما اعتقلت سالم نفسه لعدة ساعات خلال إحياء ذكرى النكبة في مايو (أيار) المنصرم قبل أن تفرج عنه، وتعقد جلسة بين الطرفين لإيجاد آلية للتنسيق بينهم.
ورفض سالم الذي يقود حركة «الصابرين»، كل «الاتهامات» التي توجه إليه ولحركته، مشددا، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، على أنهم جزء من الكل الفلسطيني، وكأي تنظيم فلسطيني يقاوم الاحتلال أينما وجد.
وأكد أن حركته ليست لها أهداف شخصية أو حزبية، بل إنها تعمل لخدمة القضية الفلسطينية بكل السبل الممكنة لذلك. مبينا أنها لم ولن تكون بديلا لأي تنظيم على الساحة، بل إنها مكمل للجميع في خدمة الفلسطينيين.
وأضاف: «مسألة التشيع محض كذب وافتراء، ومحاولة لإثارة بعض الفتن وحرف البوصلة في مواجهة الاحتلال، لإحداث بلبلة مذهبية ليس في فلسطين فقط، بل في أوساط العالم العربي والإسلامي».
وأشار إلى كل ما كان يردده عبر الإعلام أو غيره حول كربلاء ومقتل «الحسين بن علي» ينبع من كونه داعية إسلاميا معروفا يتحدث في قضية تخص التاريخ الإسلامي.
وفيما حسمت السلطة أمرها بمنع أي وجود لـ«الصابرين» في الضفة الغربية، لم تكن «حماس» حاسمة حول الطريقة التي يجب فيها التعامل مع الصابرين، فكادت تحظرها في إحدى المرات قبل أن تتراجع خشية خسارة الدعم الإيراني القليل الذي يذهب إلى كتائب القسام.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.