إسرائيل تطمئن «حماس» بأنها غير معنية بحرب معها حاليًا

واشنطن تساهم بـ120 مليون دولار لتطوير الأجهزة الإسرائيلية لكشف الأنفاق

إسرائيل تطمئن «حماس» بأنها غير معنية بحرب معها حاليًا
TT

إسرائيل تطمئن «حماس» بأنها غير معنية بحرب معها حاليًا

إسرائيل تطمئن «حماس» بأنها غير معنية بحرب معها حاليًا

بعد موجة تهديدات صريحة باجتياح قطاع غزة بدعوى تدمير الأنفاق التي تبنيها «حماس» تحت الأرض، عاد المسؤولون الإسرائيليون لطمأنة قادتها بأنها لا تنوي وليست معنية بحرب على غزة حاليا أو في القريب المنظور.
وفي الوقت نفسه، حرصت القيادات السياسية والعسكرية في تل أبيب على التأكيد أن الشركات التابعة للجيش الإسرائيلي تعمل باستمرار على تطوير تكنولوجيا عالية لكشف الأنفاق، التي يمكن بناؤها في قطاع غزة أو جنوب لبنان، وتمتد إلى عمق الأراضي الإسرائيلية. وفي هذا الإطار، نشر أمس أن الإدارة الأميركية قررت استثمار مبلغ 120 مليون دولار في تطوير وإنتاج «الاختراع الإسرائيلي» لكشف الأنفاق، مقابل مبلغ مشابه ترصده وزارة الدفاع الإسرائيلية. واعتبر الإسرائيليون هذا القرار بمثابة تعبير عن ثقة واشنطن بهذا الاختراع. وكما قال مسؤول في الصناعة العسكرية الإسرائيلية، أمس، فإنه «لو كانت لدى الخبراء الأميركيين أي ذرة من الشك بشأن نجاعة هذا الاختراع، لما كان الكونغرس قد صادق على دفع سنت واحد». وأوضح أن نائب وزير الدفاع الأميركي زار إسرائيل برفقة خبراء الأسلحة في بلاده وشاهد المشروع الذي بدئ بنشره على حدود قطاع غزة، ومن ثم صادق على القسم الأول من المبلغ للسنة الأولى، بحجم 40 مليون دولار، على أن يدفع قسطين آخرين بنفس القيمة في السنتين المقبلتين. وقال إن «الولايات المتحدة تحتاج إلى منظومة مشابهة على الحدود مع المكسيك. والآن، عندما أصبح الأميركيون في الصورة، يمكن للمشروع أن ينطلق. فهذه المساهمة المالية والتكنولوجية الأميركية ستقلص الخطوات، وسيتم تطوير المنظومة ونشرها بسرعة أكبر. ولكن لا تسألوني عن أية سرعة نتحدث؟ فهذا هو سر كانت حماس ستدفع مبلغا باهظا لكي تعرفه. ليس فقط السكان في غلاف غزة يسمعون أصوات الضربات المنبعثة من الأرض. من الجانب الثاني، أيضًا، يشاهدون عمل الحفارات في الجانب الإسرائيلي، التي تزرع شيئا في الأرض. بالنسبة للذراع العسكرية لحركة حماس، فإن المسألة تعني قرع طبول الحرب. إنهم يفهمون بأنه عندما سيتم استكمال المشروع، فإنه سيجعل سلاحهم الهجومي البديل الذي يعدونه – الأنفاق، عقيما».
وقال مسؤول إسرائيلي آخر لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، إن «إسرائيل تسابق الزمن من أجل إنجاز هذا المشروع الذي يسمى هنا بـ«العائق الجوفي» وجعله مثاليا. الحديث عن منظومة يفترض فيها كشف أعمال الحفريات والنشاط الجوفي على عمق عشرات الأمتار. حماس، أيضًا، تسابق الزمن. فبالنسبة لها، لقد استكملت الاستعدادات للخطوة العسكرية أمام إسرائيل، والآن تحطم رأسها لمعرفة الموعد. وهذا الموعد سيتأثر جدا بمدى تقدم المشروع الإسرائيلي. «حماس» تعد هجوما مفاجئا. إذا فكرت للحظة بأن إسرائيل تقترب من حل يجعل أنفاقها شفافة، فإن هذا سيؤثر على قرارها بشأن تبكير موعد الهجوم، وهنا تدخل البشرى السيئة: قطاران يتحركان بسرعة، أحدهما مقابل الآخر، والانفجار يمكن أن يحدث خلال عدة أشهر. في الجيش الإسرائيلي يستعدون منذ الآن لهذه الإمكانية».
من هنا فقد أكدت مصادر عسكرية في تل أبيب بأن «إسرائيل ليست معنية بمهاجمة غزة بسبب الأنفاق، ولا تنوي حاليا مهاجمة حماس في قطاع غزة، ولا تسعى لاستغلال إعلان التنظيم عن حفر الأنفاق قرب الحدود نفسها، كذريعة لإطلاق حملة عسكرية جديدة في القطاع».
وقال المحرر العسكري لصحيفة «هآرتس»، أمس، إنه خرج بهذا الاستنتاج من المحادثات التي أجراها مع مسؤولين كبار في الجهاز الأمني الإسرائيلي. وقال: «في الأيام الأخيرة طرأ تصعيد واضح في تبادل التصريحات بين القيادة الإسرائيلية وقيادة حماس، على خلفية موضوع الأنفاق. والتقارير حول ترميم شبكة الأنفاق أثار قلقا في البلدات الإسرائيلية المحيطة بقطاع غزة وإلى انتقادات في المعارضة، حيث دعا (المعسكر الصهيوني) و(يوجد مستقبل) رئيس الحكومة بالمبادرة إلى عملية عسكرية ضد الأنفاق وعدم الانتظار حتى قيام حماس بمهاجمتنا أولا». ويبدو الآن أن الجهاز الأمني يسعى إلى تهدئة الأجواء قليلا.
ولفت النظر أن وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون، امتدح حماس فقال للإذاعة الإسرائيلية إنه «منذ انتهاء الحرب الأخيرة في القطاع، في صيف 2014، لم يطلق رجال حماس صاروخا واحدا ولا حتى رصاصة واحدة» من القطاع على إسرائيل، وإن حالات القصف القليلة نفذتها تنظيمات فلسطينية صغيرة جدا. في إسرائيل يشعرون بالقلق إزاء إمكانية أن تقود سلسلة النشر والتصريحات إلى وضع تشتبه فيه حماس بأن إسرائيل تنوي مهاجمتها، ولذلك تسارع إلى توجيه ضربة استباقية، كي تحتفظ لنفسها بعنصر المفاجأة وتوجه ضربتها قبل أن تتعرض للضرب. على هذه الخلفية، يدعو الجهاز الأمني أعضاء الكنيست إلى التحلي بالمسؤولية والامتناع عن إطلاق تصريحات تصعيدية يمكنها أن توحي لحماس بشكل خاطئ بأن إسرائيل تبحث عن ذريعة لفتح جولة حرب أخرى.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.