الضغوط الأميركية تجبر بغداد على إحالة سد الموصل إلى شركة إيطالية

اتهامات للبرلمان بالتقصير في التعامل مع المخاوف من انهياره

صورة التقطت أول من أمس لسد الموصل في شمال العراق (أ.ف.ب)
صورة التقطت أول من أمس لسد الموصل في شمال العراق (أ.ف.ب)
TT

الضغوط الأميركية تجبر بغداد على إحالة سد الموصل إلى شركة إيطالية

صورة التقطت أول من أمس لسد الموصل في شمال العراق (أ.ف.ب)
صورة التقطت أول من أمس لسد الموصل في شمال العراق (أ.ف.ب)

أحالت الحكومة العراقية أمس مسؤولية تأهيل سد الموصل إلى شركة إيطالية بعد أيام من القلق الشعبي بشأن إمكانية انهيار السد مما يهدد بغرق عدة مدن عراقية بدءا من الموصل حتى بغداد مرورا بتكريت وسامراء.
وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء أمس، إن «مجلس الوزراء عقد جلسته الاعتيادية وقرر خلالها الموافقة على قيام وزارة الموارد المائية بإحالة تنفيذ مشروع تأهيل سد الموصل وصيانته إلى شركة (تريفي) الإيطالية بحسب العرض المقدم من الشركة المذكورة استثناء من تعليمات تنفيذ العقود الحكومية». وأضاف البيان أن «مجلس الوزراء خول وزارة الموارد المائية توقيع العقد مع الشركة الإيطالية».
بدوره، أكد وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني أمس، أن مجموعة «تريفي» فازت بعقد إجراء إصلاحات لسد الموصل في العراق. وقال جنتيلوني في مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري في روما أمس: «فازت تريفي بالمناقصة.. أعتقد أن العقد سيتم توقيعه في الأيام المقبلة».
ومن المقرر إرسال قوات إيطالية لحماية موقع أعمال الإصلاح التي يحتاج إليها السد بشدة. ومع انتشار القوات الإيطالية على مقربة من الطريق القادم من الموصل الخاضع لسيطرة تنظيم داعش ستكون القوات في منطقة قتال محتمل، حسب وكالة «رويترز».
وكانت قضية احتمال انهيار سد الموصل قد أثارت جدلا سياسيا في مختلف الأوساط العراقية الرسمية والشعبية، فيما بدت الضغوط الأميركية هي الأكثر هيمنة على المشهد السياسي لا سيما المكالمات الهاتفية التي أجراها الرئيس الأميركي باراك أوباما مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وحثه فيها على أهمية معالجة الخلل الذي يعاني منه السد لا سيما بعد احتلال تنظيم داعش له خلال شهر يونيو (حزيران) 2014، مما أدى إلى توقف عمليات التحشية المعمول بها سابقا، وهو ما أدى، بدوره، إلى تحرك بعض أجزاء السد.
وبينما مارست وزارة الموارد المائية سياسة الإنكار بشأن سلامة السد فإن المخاوف التي عبرت عنها جهات داخلية وخارجية حسمت الجدل بشأن إعادة تأهيله. وفي هذا السياق كشفت عضوة البرلمان العراقي عن محافظة نينوى نورة سالم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكومة السابقة التي كان يرأسها نوري المالكي كانت قد خصصت مبلغا قدره ثلاثة مليارات دولار لبناء سد صد بالقرب من سد الموصل يكون بمثابة طوق حماية له لكن عدم جدية بعض الأطراف ومنها رئيس لجنة الطاقة حسين الشهرستاني والخلافات حول إحالة السد إلى شركة معينة دون غيرها أدى إلى عدم المباشرة ببناء السد أو إعادة تأهيله، الأمر الذي أدى إلى أن تتفاقم المشكلة التي تفجرت مع احتلال تنظيم داعش للسد لمدة عشرة أيام قبل أن تستعيده وبإسناد أميركي قوات البيشمركة الكردية، بحيث أدى ذلك إلى تأخير عمليات التحشية إلى 45 يوما».
وأضافت النائبة أن «الخطوة التي أقدم عليها مجلس الوزراء بإحالة سد الموصل إلى الشركة الإيطالية تعد أساسية وفي الاتجاه الصحيح مع التأكيد على أهمية أن تباشر وزارة المالية بإكمال الإجراءات الخاصة بذلك بالسرعة الممكنة». وأكدت أنه «في الوقت الذي كان ينبغي أن يكون فيه سد الموصل على رأس جدول أعمال مجلس النواب أمس التي ترأسها همام حمودي، في غياب رئيس المجلس سليم الجبوري، وكنت قد جمعت تواقيع 72 نائبا لإدراجه ضمن الجلسة، فإنني فوجئت بأن رئيس الجلسة أحال الطلب إلى لجنة الزراعة والمياه، وهو ما يعني عدم وجود الجدية الكاملة حيال هذا الموضوع الذي أثار انتباه العالم وكان جزءا من مباحثات مؤتمر دافوس التي أجراها العبادي هناك مع الأميركيين وجهات دولية أخرى». وأوضحت النائبة أن «الموضوع للأسف أخذ بعدا طائفيا بينما هو جزء من الأمن القومي العراقي».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.