83 % من مستشفيات «تعز» تغلق أبوابها بسبب التمرد الحوثي

مدير المستشفى الميداني لـ«الشرق الأوسط»: الوقود معدوم والأدوية ناقصة والأمصال شحيحة والأوبئة تتفشى

أثار قصف الحوثيين بادية على مبنى مستشفى {الثورة} بمدينة تعز (غيتي)
أثار قصف الحوثيين بادية على مبنى مستشفى {الثورة} بمدينة تعز (غيتي)
TT

83 % من مستشفيات «تعز» تغلق أبوابها بسبب التمرد الحوثي

أثار قصف الحوثيين بادية على مبنى مستشفى {الثورة} بمدينة تعز (غيتي)
أثار قصف الحوثيين بادية على مبنى مستشفى {الثورة} بمدينة تعز (غيتي)

أغلقت جميع المستشفيات العاملة في تعز أبوابها، وغادرت كوادرها الطبية، باستثناء ثمانية مستشفيات تجاهد لعلاج المرضى، من أصل 45 مستشفى أصابها الوهن نتيجة الاستهداف المباشر لها من قبل الميليشيات الحوثية من ناحية، وبسبب انعدام المشتقات البترولية من ناحية أخرى.
وأوضح محمد الحميري؛ الناطق الرسمي باسم المقاومة الشعبية في تعز، لـ«الشرق الأوسط»، أن المقاومة تواجه حقد الرئيس اليمني المخلوع علي صالح والميليشيات الحوثية، في ظل تهاون الحكومة الشرعية وانشغالها بترتيب أمور أخرى حظيت بالأولوية عن تعز، وهي تحتاج إلى جهد ونظرة عامة.
وناشد الحميري قوات التحالف بألا ينسوا تعز كونها «حجر الزاوية»، على حد وصفه، وهي التي صمدت في وقت تخاذلت فيه كثير من المحافظات، وحوصر فيها أكثر من أربعة ملايين شخص، من أكثر من 13 لواء عسكريًا، من مختلف أنواع الأسلحة وتقصف يوميا بشكل عشوائي.
وذهب إلى أن المقاتلين في تعز يحتاجون إلى العتاد والعدة، فهم لا يملكون ناقلات لنقلهم، ولم يحظوا بأي كمية من الأسلحة النوعية والذخائر التي تحسم المعركة، مركزًا على أن المقاومين منذ فترة لم يتسلموا رواتبهم، فيما يئن الجرحى منهم في المدينة ولا علاج لهم.
وفي الشأن الصحي، أكد الدكتور صادق الشجاع؛ مدير المستشفى الميداني في مدينة تعز، لـ«الشرق الأوسط»، أن 83 في المائة من مستشفيات تعز أغلقت أبوابها، مبينًا أن 37 مستشفى في المدينة خارج الخدمة بشكل كامل من أصل 45، بسبب الحصار الشديد على المدينة، الذي أدى لانعدام المشتقات النفطية، فضلا عن القصف الذي استهدف مستشفيات وتسبب في مغادرة كثير من الكوادر الطبية، إضافة إلى العجز في الأدوية والأمصال وأسطوانات الأكسجين، مبينًا أن المستشفيات الثمانية التي تجاهد لتقديم الخدمات الطبية، تكاد تكون خارج الخدمة بسبب نقص الأدوية والكوادر، مبينًا أن خمسة منها على الأقل تعتبر في عداد المغلقة.
وأوضح أن أهم سبب لإغلاق المستشفيات في مدينة تعز، ناتج عن التمرد الحوثي، الذي أدى إلى صعوبة الحصول على المشتقات النفطية المشغلة للمولدات الكهربائية التي يُعتمد عليها كليًا في المستشفى، نظرًا لانقطاع الكهرباء بشكل دائم في تعز، الذي بلغ سعر الـ20 لترًا منها 70 دولارًا، إضافة إلى عدم توفر أسطوانات الأكسجين التي تسبب عدم الحصول عليها إلى إغلاق غرف العمليات.
وبيّن أن تعز تحتاج من 150 إلى 200 أسطوانة أكسجين في اليوم، تستغرق مدة وصولها من مدينة عدن والحديدة عشرة أيام، وتحمّل على ظهور الجمال والحمير، وأيضًا ظهور الشباب المتطوعين المبادرين المستشعرين لحجم الكارثة في مدينتهم، من خلال منفذ وحيد بين جبال وعرة.
وأوضح أن نقص أسطوانات الأكسجين تسبب في وفاة 25 حالة كانت تحتاج إليه، مشيرًا إلى الوفيات وحالات الحميات التي تسببت فيها حمى الضنك والملاريا التي انتشرت بسبب وجود المياه (الآسنة)، وانتشار النفايات في شوارع تعز التي لا تتحمل أي جهة رسمية التعامل معها سوى الجمعيات الخيرية والشباب المتطوعين، إضافة إلى البلهارسيا المستوطنة في ضواحي مدينة تعز.
وذهب إلى أن ثلاثة مستشفيات فقط هي العاملة في مدينة تعز، التي فتحت أبوابها لاستقبال الجرحى والمرضى رغم ضعف إمكاناتها الطبية، واعتمدت على الحصول عليها من الإغاثة العاجلة التي وصلت إلى اليمن، وعددها خمس طائرات، من مركز الملك سلمان للإغاثة ووُزعت على هذه المستشفيات العاملة في المدينة.
وتحدث مدير المستشفى الميداني في مدينة تعز، عن كثير من الإشكالات الطبية التي تتعرض لها الكوادر الطبية في المدينة، ومنها ارتفاع عدد الجرحى بسبب المجازر شبه اليومية التي يستهدف بها المواطنون من قبل الميليشيات الحوثية والرئيس المخلوع علي صالح الموجودة على منافذ المدينة.
وأشار إلى أن القذائف التي ترمى من المنافذ لا تميز بين طفل أو رجل أو امرأة، وأنها ترمى بشكل عشوائي يوميًا، مما ضاعف حالات الجرحى الذين بلغ عددهم أكثر من 11 ألفًا و200 جريح، و«استشهاد» ألف و533 منهم 300 طفل وطفلة، و450 حالة تتطلب عمليات جراحية دقيقة، بعضهم لهم ما يقارب سبعة أشهر ينتظرون سفرهم إلى مراكز متخصصة خارج اليمن لإجرائها، وأخرِج 15 منهم إلى مراكز طبية في السعودية قبل أربعة أشهر.
وأسهب الشجاع في وصف الحالات التي تتطلب العمليات الجراحية قائلا: «كثير من الجرحى أصيبوا بعاهات مستديمة جراء إصابات في العيون والأطراف السفلية والعلوية، أدت إلى بتر هذه الأعضاء، كما سقط في الأسبوعين الماضيين ثلاث وفيات لم نرَ منهم سوى أشلاء تم جمعها لدفنها».
ولفت مدير المستشفى الميداني في مدينة تعز، إلى أن كثيرين من الكادر الطبي الذي يعمل في مدينة تعز يعملون دون أجر، بشكل إنساني، في ظل ظروف صعبة مثل عدم توفر الكهرباء واللجوء إلى مشتقات النفط لتشغيل المولدات، وأيضًا انعدام الماء، ووصف المياه الموجودة في مدينة تعز بـ(الآسنة) غير الصالحة للاستخدام الآدمي، مشيرًا إلى أن المساعدات القادمة من المنظمات الدولية والجمعيات، تسببت في تحسن الوضع رغم شدة سوئه، إلا أن تعز تحتاج إلى المزيد.
وناشد الشجاع، الحكومة الشرعية، للنظر في الوضع المأساوي الكارثي، الذي يعيشه أبناء تعز، وأن تقوم بدورها تجاهها، موجهًا رسالته إلى قوات التحالف لبذل قصارى جهدهم لإخراج تعز من الحصار الذي فرض عليها على مدار ثمانية أشهر، وفتح المنافذ.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.