بغداد تبسط سيادتها الجمركية على أربيل وشبح الإفلاس يرمم العلاقة بين الطرفين

العبادي ونيجيرفان بارزاني اتفقا على تقليل الاعتماد على النفط

بغداد تبسط سيادتها الجمركية على أربيل  وشبح الإفلاس يرمم العلاقة بين الطرفين
TT

بغداد تبسط سيادتها الجمركية على أربيل وشبح الإفلاس يرمم العلاقة بين الطرفين

بغداد تبسط سيادتها الجمركية على أربيل  وشبح الإفلاس يرمم العلاقة بين الطرفين

على وقع قرع طبول الاستفتاء الذي دعا إليه رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني والخاص بتقرير مصير الكرد لجهة البقاء مع بغداد في إطار دولة اتحادية أم إعلان الاستقلال أجبر تراجع أسعار النفط و«داعش» وأزمة سد الموصل كلا من أربيل وبعداد إلى معاودة الجلوس على مائدة المفاوضات بعد شبه قطيعة استمرت شهورا بعد انهيار الاتفاق النفطي الذي أبرم أواخر عام 2014 بين الطرفين.
وطبقا لبيان صدر عن مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بعد اجتماعه مع وفد حكومة إقليم كردستان برئاسة نيجيرفان بارزاني أمس في بغداد فإن الطرفين اتفقا على تقليل الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل الوطني والالتزام التام بجباية التعرفة الجمركية وضريبة الدخل باعتبارها موارد مالية للحكومة المركزية. وقالت المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء حيدر العبادي في بيان إن «رئيس الحكومة عقد اجتماعا مع وفد حكومة إقليم كردستان برئاسة نيجيرفان بارزاني حضره وزراء النفط والتخطيط والإعمار والإسكان»، مبينا أن العبادي أكد على «أهمية مواصلة اللقاءات المشتركة وصولا إلى فهم مشترك للتحديات والاتفاق على برنامج عمل واضح يأخذ بنظر الاعتبار مصلحة البلاد وتأمين الواجبات والحقوق للإقليم وللمحافظات»، مشيرا إلى أن «عدونا مشترك ويريد تدمير كل المناطق التي يحتلها، ولا بد من تواصل جهود القوات المسلحة ومن ضمنها قوات البيشمركة»، مشددا في الوقت ذاته: «نتطلع إلى إدامة هذا التواصل من أجل تحرير الموصل والمناطق الأخرى».
من جانبه، أكد نيجيرفان بارزاني على أهمية «عقد اللقاءات الدورية التي أكد عليها رئيس مجلس الوزراء»، مباركا «الانتصار الكبير الذي حققه المقاتلون لتحرير مدينة الرمادي وما لذلك من أهمية معنوية واجتماعية». وأوضح البيان أن «المجتمعين تبادلوا الحديث حول التحديات التي يواجهها الوضع المالي بعد انهيار أسعار النفط. وتم الاتفاق على أهمية تبني برنامج للإصلاح الاقتصادي لتقليل الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل الوطني»، مبينا أنه «سيتم تبني خطة للتواصل لدراسة برنامج الإصلاح وتعظيم الموارد، لا سيما الالتزام التام بجباية التعرفة الجمركية وضريبة الدخل باعتبارها موارد مالية للحكومة الاتحادية يعود نفعها إلى الإقليم والمحافظات على حد سواء».
وفي هذا السياق، أكد المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي مظهر محمد صالح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما تم الاتفاق عليه على صعيد توحيد التعرفة الجمركية وبسط سيادة الدولة الاتحادية على كل المنافذ الحدودية بما فيها منافذ إقليم كردستان وأبرزها منفذ إبراهيم الخليل تعد مسألة في غاية الأهمية». وأضاف صالح أن «الجمارك مسألة سيادية وقد اتخذ مجلس الوزراء قبل فترة قرارا بتوحيد المنافذ الحدودية بوصفها سياجا جمركيا موحدا في كل البلاد»، مبينا أن «هذه المسألة كانت من النقاط الخلافية مع كردستان وبالتالي فإن حسمها أمر جيد ولصالح الطرفين». وأكد أن «الطرفين يعانيان نفس المشاكل والأزمات وبالتالي فإنه لم يعد هناك من سبيل سوى مواجهة المخاطر الموحدة لا سيما في الميادين الاقتصادية التي باتت اليوم الهم الضاغط للجميع».
من جانبه، أكد عضو البرلمان العراقي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، محسن السعدون، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «أبرز القضايا التي استوجبت حصول هذا اللقاء بين بغداد وأربيل هي الأزمة الاقتصادية وخطر (داعش) وسد الموصل وكذلك الاتفاق النفطي وهي كلها قضايا هامة وتمثل تحديات للطرفين اللذين باتا يشعران أنهما يواجهان عدوا مشتركا ومخاطر مشتركة مما يستلزم النقاش والحوار». وردا على سؤال بشأن تزامن هذه الزيارة مع دعوات داخل إقليم كردستان ومن قبل رئيس الإقليم نفسه بشأن الدعوة إلى تنظيم استفتاء لتقرير مصير الإقليم، قال السعدون إن «هناك مسارين في كردستان اليوم، الأول هو إجراء الاستفتاء حيث سبق لنا أن أجرينا في الماضي أكثر من استفتاء لكن يجب أن يكون واضحا أن إجراء الاستفتاء وبصرف النظر عن النتيجة التي يمكن أن ينتهي إليها لا يعني الذهاب إلى الاستقلال أو الانفصال بل هو جزء من حلم كردي مشروع وهو حلم تاريخي لا ينازعنا فيه أحد»، مبينا أن «الكرد ليسوا من دعاة تقسيم العراق وبالتالي يجب أن نفرق بين قضية التقسيم وحلمنا المشروع في أن تكون لنا دولة يوما ما».
وأوضح السعدون أن «المسار الثاني هو المضي في الاتفاق مع الحكومة الاتحادية في إطار ما يفرضه الدستور العراقي من التزامات بين الطرفين حيث إننا جزء من العملية السياسية ولنا حقوق وعلينا واجبات وفي إطار هذه الحقوق والواجبات نجري مشاوراتنا ونعقد الاتفاقات من منطلق ما نواجه من مخاطر مشتركة».
وأكد السعدون أن «الطرفين باتا يشعران بأن الأزمة شاملة سواء كان ما يتعلق منها بالجانب المالي أو خطر داعش أو سواهما من المخاطر والتحديات التي تستلزم عقد المزيد من اللقاءات». وحمّل السعدون الحكومة السابقة التي ترأسها نوري المالكي لدورتين «مسؤولية الخلل الكبير في إدارة الدولة حيث أهدرت المزيد من الأموال خلال تلك السنوات مما جعلنا ندفع الثمن باهظا وهو ما يتطلب العمل على البحث عن بدائل لمواجهة الأزمة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.