6 أشياء «منسية» يحتاجها أبناؤنا للنجاح

مؤلفة أميركية: الطفولة تضيع في سباق تحقيق المستحيل

الدراسات تؤكد أن الطلاب يتعرضون لضغوط شديدة خلال الدراسة (رويترز)
الدراسات تؤكد أن الطلاب يتعرضون لضغوط شديدة خلال الدراسة (رويترز)
TT

6 أشياء «منسية» يحتاجها أبناؤنا للنجاح

الدراسات تؤكد أن الطلاب يتعرضون لضغوط شديدة خلال الدراسة (رويترز)
الدراسات تؤكد أن الطلاب يتعرضون لضغوط شديدة خلال الدراسة (رويترز)

تعلمون ما يوجد في القوائم التقليدية للعودة إلى المدرسة: الأوراق، والدفاتر، والأقلام، وأقلام الرصاص، وخلافه. لكن فيكي أبليز، التي يسلط كتابها الجديد بعنوان «ما وراء القياس: إنقاذ الجيل ذي الجداول الدراسية المثقلة والاختبارات الكثيرة وعدم التقدير» الضوء على الحلول من مختلف المجتمعات داخل البلاد، كتبت المقال التالي حول ما ينبغي أن يكون فعلا في هذه القوائم لكنه غير موجود.
نشر الكتاب في 6 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والسيدة ابليز تعمل مخرجة ومحامية، وهي أم لثلاثة أطفال، وهي كذلك المخرجة المشاركة والمنتجة للفيلم الوثائقي التعليمي «السباق إلى حيث لا ندري».
وتقول أبليز إن «هناك الكثير من رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بموضوع العودة إلى المدرسة تصل إلى صندوق البريد الخاص بي، ويعلن أصحابها بالأحرف الكبيرة والكثير من علامات التعجب أن أطفالهم بالفعل غير مستعدين تماما للبدء في عام دراسي جديد. لقد فتحت المدارس أبوابها بالكاد، لكن التوقعات المفرطة حول ابنائهم المراهقين وحول عائلتهم قد بدأت بالفعل».
وتعتبر أحدث الدروس والاختبارات التمهيدية ضرورية لإنتاج أطفال مبتسمين وأذكياء، كما يبدو من المنشورات والإعلانات الترويجية. وسوف يحتاج طفلي إلى قاعات دراسية إلزامية والتمارين الرياضية الصباحية إلى جانب أحذية كرة القدم، واختبارات القبول مع كتبه ومذكراته. ويجب عليك ملء حقيبة ظهر الطفل مع التقويم الدراسي السنوي للبدء في العام الجديد. وبعد مراجعتي للعديد من الرسائل في ليلة سابقة، ومع الخوف من العام الدراسي المجنون الذي بات قريبا من عائلتي، صدمتني الحقيقة: إن كل البنود الموجودة في القوائم التقليدية للعودة إلى المدرسة خاطئة.
فلننس تماما المجلدات، والأقلام، والآلات الحاسبة، وآخر التطبيقات الإلكترونية لمساعدة الأطفال في إدارة أوقاتهم. وبصفتي أما ومخرجة للأفلام التي تجوب طول البلاد وعرضها، اكتشفت أن ما يحتاجه أطفالنا فعليا هو شيء أعمق بكثير. وفي الواقع، هي أشياء لا يمكن شراؤها على الإطلاق.
إن أكثر ما يحتاجه أطفالنا الآن هو الإغاثة؛ أو الإنقاذ من ثقافة التعليمية للإنجاز بصرف النظر عن التكاليف التي تدفع بالكثير منهم إلى المرض والحزن. ومناخ التنافس المتزايد بشدة حول الأطفال يطالبهم على الدوام باستمرار التفوق والتقدم على بعضهم بعضا في الدراسة، والرياضة، والأنشطة، حتى يتمكنوا من النجاح. ولذلك يبدأون يومهم متجهزين لتحقيق أقصى قدر من الإنتاجية - والوتيرة المحمومة التي تغذيها المدارس من خلال ست إلى سبع حصص في اليوم الواحد (ولكل منها فروضها المنزلية). وصارت المدارس وباستمرار تقيس الطلاب وفقا لمعيار واحد يناسب الجميع، مما يفسح لهم مجالا ضئيلا للاستكشاف، والابتكار، واتخاذ المخاطر، أو حتى الاستراحة على نحو كاف.
والنتيجة الإجمالية هي الطفولة التي تضيع في سباق تحقيق المستحيل والمثل العليا المجهولة.
إنني أرى بالفعل آثار ذلك على ابني البالغ من العمر 16 عاما، والذي بدأت تعاوده حالات الصداع والأرق والإجهاد المستمر، تلك التي كانت تلازمه خلال العام الدراسي الماضي. وأثناء الأبحاث الخاصة بكتابي الجديد «ما وراء القياس»، وجدت أن عواقب الصحة البدنية والعقلية للأطفال منتشرة على نطاق واسع وهي أسوأ كثيرا مما نتصور. وصار الحرمان من النوم وبائيا بين الأطفال والمراهقين. مع الدراسات التي تؤكد أن السبب الرئيسي هو أكوام الفروض المنزلية الواجبة يوميا. ويتحدث أطباء الأطفال عن حالات القرحة والصداع النصفي التي يعاني منها التلاميذ في المدارس الابتدائية. وبحلول الوقت الذي يصلون فيه إلى الجامعة فإن أرقاما متزايدة منهم تصل إلى الحرم الجامعي وهم مصابون بأمراض مثل الاكتئاب، والقلق، ومشاكل نفسية حادة أخرى.
دعوني أتحدث بوضوح، فأنا لا أقترح تقليل معايير التعليم أو التهرب من العمل والواجبات. بل في الحقيقة، تكمن المفارقة الكبرى في أن كل الضغوط المفروضة لا تساعد الطلاب أبدا في إنجاز ما يريدون إنجازه. يشعر أساتذة الجامعات وأصحاب الأعمال بالأسى على نطاق كبير بسب سوء التقدير والتضليل الذي يواجه الخريجين اليوم، وتقييدهم بالخوف العميق من المستقبل: فهم متميزون في تطبيق التعليمات الحرفية، لكنهم يخشون الابتكار، وهم غير مستعدين لإدارة أنفسهم على النحو الواجب. ولاحظ الباحثون انخفاضا مثيرا للقلق في تدابير الإبداع لدى الأطفال - في الوقت الذي يطالبنا فيه الاقتصاد العالمي بالمزيد من التفكير الأصلي من أي وقت مضى.
إن قائمة الاحتياجات الأساسية للأطفال في الوقت الحالي تتضمن (وبأكثر من الإمدادات الجديدة لمساعدتهم على إدارة مرحلة الطفولة بوتيرة أسرع من ذي قبل): فترات النوم الكافية، وقضاء الأوقات مع العائلة، واللعب، وفرص الاستكشاف، والتعلم المجدي، وغير ذلك الكثير.
في خريف العام الحالي، حاولت التخلص من طوفان رسائل البريد الإلكتروني المزعجة، وتجاوز حاجز الروتين والمعتاد، وشطب السلع والخدمات المرهقة على قائمة العودة إلى المدرسة، واستبدالها بما يفيد حقا. ويمكننا فعل ذلك بمنتهى السهولة، فمن خلال الأبحاث في كتابي الأخير وجدت مجتمعات ملهمة من الساحل إلى الساحل تقود ذلك الجهد في ريادة واقتدار. وإليكم أمثلة على ما يحتاجه الطلاب فعلا:
> الوقت: توفير الوقت للطلاب للراحة والحفاظ على العادات السليمة. والوقت للتواصل مع العائلة، والأصدقاء، ومع أنفسهم. والوقت لاستكشاف أنفسهم في الوقت الذي لا يحاولون أن يكونوا فيه أهدافا يصبو الآخرون لتحقيقها من خلالهم. ومن دون توفير ذلك الوقت لن يتمكن الطلاب من التحول إلى أناس أصحاء وكاملين. ونحن الآباء، والمعلمين، والبالغين في حياة الأطفال، نحتاج إلى تضييق دائرة مطالبنا اليومية منهم، والحد من الفروض المنزلية المرهقة، وتقليل ساعات التمارين والبروفات المفرطة، ومقاومة الاندفاع للتلقين والدروس الخارجية بالنسبة للمواد التي يقصر وقت المعلمين عن متابعتها داخل الفصول الدراسية. كما أننا في حاجة إلى دعم الأطفال في اختيار عدد أقل من الالتزامات، المدرسية وغير المدرسية كذلك. تُظهر المجتمعات المدرسية في كل من غيترسبرغ، وماريلاند، وبوتوماك، ومونتانا، وفيرمونت بولاية كاليفورنيا، أنه من الممكن واليسير تنفيذ ذلك. وفي بعض الأحيان يكون أفضل وأهم تعليم يتلقاه الطالب حينما لا تكون هناك فروض منزلية مفروضة عليه.
> النوم: تشير علوم الدماغ بمنتهى الوضوح إلى أن فترات النوم الكافية ذات أهمية قصوى في المحافظة على الصحة، والانتباه، والتركيز، والذاكرة. ولن يتوقع من الطلاب التعلم السليم من دون تلك القدرات المهمة. وعلى الرغم من ذلك فإن المدارس تعمل وباستمرار على استهلاك مخزون النوم لدى الطلاب من خلال إجبارهم على الاستيقاظ قبل الفجر لحضور المدرسة في الساعات الأولى من النهار، وتبقيهم مشغولين إلى ساعات الليل المتأخرة لتأدية الفروض المنزلية واستذكار دروسهم. يمكننا مساعدة الطلاب خلال هذا العام عن طريق تدشين حملة لأجل أن تكون الساعات المدرسية الأولى أكثر إنسانية حيال الطلاب والحد من الفروض المنزلية احتراما لأوقات النوم الصحية لهم. ولقد بدأت المجتمعات المدرسية في ريدجوود، ونيوجيرسي، وبولدر بولاية كولورادو بتنفيذ ذلك فعليا.
> اللعب: الأنشطة المنظمة مثل لعبة كرة القدم وبروفات الرقص المدرسية تكون مفعمة بالكثير من المرح، وهي من دون شك مفيدة للطلاب، ولكن لا يجب أبدا اعتبارها من قبيل اللعب المقصود في هذا المقال. فاللعب الحقيقي، الذي يخطط فيه الأطفال بأنفسهم ولأنفسهم كيفية قضاء أوقات فراغهم من دون إشراف مستمر من الكبار، أصبح أكثر ندرة خلال هذه الأيام من أي وقت مضى. وعلى الرغم من ذلك فإن اللعب مهم وضروري للغاية في التنمية الصحية والسليمة للطلاب.
في حقيقة الأمر، تُظهر الدراسات الحديثة أن الأطفال الذين يحصلون على فرص أقل من اللعب غير المنظم يفتقرون مع الوقت إلى وجود المهارات المهمة لإدارة الذات. ومن خلال «إفساح» بعض من وقت الطلاب بعيدا عن الأنشطة المنظمة - وتحرير أنفسنا من الشعور الملزم بأنه يتعين علينا ملء كل دقيقة من دقائق حياتهم بشيء مفيد - يمكننا مساعدتهم على صقل المهارات المهمة في حياتهم. من يدري إلام تؤدي اكتشافات ما بعد الظهيرة الخالية من القيود والتحكمات، مثل القراءة الحرة، أو اللعب في الخارج، أو بناء قلاع الرمال على الشاطئ، أو الانشغال بشيء ما في مرآب السيارة؟
> دعم السعي وراء المهارات الحقيقية: إن السباق المتسارع وراء القبول في الكليات يُقنع الأطفال وأسرهم بحتمية اكتساب وتحقيق قائمة مرهقة جدا من الإنجازات الأكاديمية والمنهجية المفرطة، والتي تهدف في أغلب الأحيان إلى التفوق بهامش بسيط عن الطفل المجاور له في الفصل الدراسي. وتضيع في خضم هذه المنافسات قيمة التعلم الحقيقي، وليس مجرد الحصول على الكأس أو الدرجة العلمية المطلوبة، حيث يحرم ذلك السباق المحموم فرادى الأطفال من فرص السعي وراء موضوعات وأنشطة معينة، تلك التي تشحذ وتحفز عقولهم وأذهانهم بحق، كما تتيح لهم مجالا ضئيلا للغاية لارتكاب الأخطاء والتعلم منها. في هذا العام، دعونا نمنح أطفالنا المساحة الكافية للاختيار والتحرك في الاتجاه الذي يفضلونه أكثر من غيره، ودفعهم في خضم المخاطرة بتجربة شيء جديد ومفيد بصرف النظر تماما عن «رقم» الدرجة العلمية الذي سوف يحققونه في النهاية. ونجد أن مدارس مثل مدرسة «هاي تك هاي» في سان دييغو بولاية كاليفورنيا قد سبقتنا في ذلك المضمار بالفعل.
> فرص التعلم العميق: إن ضغوط الاختبارات الموحدة تخنق نظامنا التعليمي ضمن مجموعة محددة وضيقة للغاية من الأسئلة وإجاباتها النموذجية الصحيحة. وفي فورة الاندفاع لتحصيل وتغطية كل ما يمكن أن تدور حوله الاختبارات، يفقد المعلمون والطلاب فرص الابتكار والاستكشاف. ومن بين أفضل سبل الإعداد التي يمكننا توفيرها لأطفالنا في هذا العام يمكن أن تكون التحديات المفتوحة، أي الأسئلة البحثية التي هي من اختيار الطالب نفسه، والدعم الذي نوفره للتصدي لذلك والنجاح فيه. وتشجع المدارس التابعة لاتحاد معايير الأداء في مدينة نيويورك، على سبيل المثال، ذلك التوجه كثيرا.
> تعريف جديد للنجاح: يستوعب الأطفال، منذ الولادة تقريبا، الصورة المجتمعية النمطية للنجاح الدراسي. وإنها صورة ضيقة للغاية: حقق أعلى الدرجات، واركض بأقصى سرعتك، والتحق بأرقى الكليات، واحصل على الوظيفة ذات الدخل المرتفع، وضع قدمك على أعتاب الحياة المرفهة المرموقة. يرهن الكثير من الشباب البالغين فترات طفولتهم للحصول على وتحقيق ذلك، إثر خشيتهم أن كل ما هو دون ذلك فهو من قبيل الفشل الذريع. إنهم بحاجة إلى الإغاثة بل والاسترخاء. وبدءا من الآن، يحتاج الطلاب إلى أن يسمعوا من الكبار أن صحتهم هي رأس مالهم أكثر من جامعة أو كلية التخرج. إنهم في حاجة إلى مجموعة جديدة من النماذج، والقدوة من البالغين الذين لم يلتحقوا بكلية دارتماوث لكنهم يشقون طريقهم بكل نجاح في أعمال من اختيارهم يحققون بها استقرارهم المادي في الحياة - وهناك الكثيرون من تلك الفئة من الناجحين. كما أن الطلاب يحتاجون منا أن نُظهر لهم، بأقوالنا وأفعالنا، أن أكثر ما يهم في الحياة هو السلامة، والعافية، والأهداف الشخصية، والتواصل الصحي والسليم مع الآخرين، والسعادة فوق كل شيء.
* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.