السفارة الأميركية في بغداد تضع خطة طوارئ تحسبًا لانهيار «سد الموصل»

السنة يحذرون من مؤامرة ضد محافظاتهم بسبب «برود» الحكومة في التعامل مع الأزمة

السفارة الأميركية في بغداد تضع خطة طوارئ تحسبًا لانهيار «سد الموصل»
TT

السفارة الأميركية في بغداد تضع خطة طوارئ تحسبًا لانهيار «سد الموصل»

السفارة الأميركية في بغداد تضع خطة طوارئ تحسبًا لانهيار «سد الموصل»

كشف مصدر عراقي مطلع أن «السفارة الأميركية في بغداد رفعت عدد قواتها الخاصة بها داخل المنطقة الخضراء، حيث يقع مقر السفارة، من 250 عنصرًا إلى 750 عنصرًا، وذلك بسبب تهديدات أمنية، فضلاً عن الاستعداد لمواجهة كارثة سد الموصل في حال انهياره».
وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»، شريطة عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته، إن «تقريرًا أميركيًا من 80 صفحة قدم خلاصة مكثفة معززة بالرسوم والخرائط عبر الأقمار الصناعية، فضلاً عن المجسات الجوية إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما بالإضافة إلى اطلاع الجانب العراقي لا سيما رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي يعد أكثر القادة العراقيين تفهمًا للمخاطر المترتبة على السد، فيما يقلل مسؤولون وقيادات أخرى من هذه المخاطر، بل نفيها بالكامل وهو ما تعمل عليه وزارة الموارد المائية التي تتبع سياسة الإنكار التام».
وأضاف المصدر المطلع أن «ملخص ما ورد في هذا التقرير هو أن احتمال انهيار السد يبقى قائمًا، لكنه قد لا يكون كبيرًا بالدرجة التي تصورها بعض الجهات، لكن لا ينبغي التقليل من هذه المخاطر في حال لم تتم معالجتها بطريقة جذرية»، مشيرًا إلى أن «عدة دول أوروبية، مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، قامت بمسوحات جوية ودراسات وتحاليل مختبرية جيولوجية متكاملة وحديثة لوضع السد، بالتعاون مع الجانب الأميركي وبموافقة الحكومة العراقية، بينما التقارير والتحاليل العراقية تعود إلى عام 2004». وأضاف «استعان الأميركيون بالإضافة إلى التصوير عبر الأقمار الصناعية بالغواصين». وأوضح أن «الرئيس الأميركي باراك أوباما يتابع شخصيًا موضوع السد، حتى إنه في إحدى مكالماته الهاتفية مع العبادي أبلغه بالنص أن «السؤال الذي أبدأ به يومي لمستشاري هو: ماذا لديكم عن سد الموصل؟ وهو ما أدى إلى تعجيل الإجراءات التي بدأت تأخذها الحكومة العراقية لا سيما رئيس الوزراء ومنها الاتفاق مع شركة إيطالية لصيانته».
وحول مدى الاهتمام الدولي بقضية سد الموصل، أكد المصدر المطلع أنها التي «حفزت البنك الدولي على منح العراق القرض الأخير البالغ مليار ونصف مليار دولار لأن البنك الدولي لا يعطي قروضًا من أجل سداد الرواتب».
وبشأن المخاطر التي تحوم حول السد من النواحي الفنية، قال المصدر المطلع إن «الإطلاقات المائية الحالية حاليًا أدت إلى خفض منسوب السد من 330 م إلى 319 لكنها حتى الآن ليست كافية، لأن المخاطر التي قد تخرج الوضع خارج نطاق السيطرة تبدأ من الخامس والعشرين من فبراير (شباط) القادم حتى الأول من شهر أبريل (نيسان)، حيث موسم ذوبان الثلوج، وهو ما يعني عدم القدرة على تحويل مياه السد إلى بحيرتي الثرثار والرزازة في محافظة الأنبار بسبب أن النواظم التي تحول الماء إلى هناك تقع تحت سيطرة «داعش»، كما أن إطلاق المزيد من المياه الآن سيؤثر جديًا على حصول بغداد والمحافظات الجنوبية على مياه إسالة خلال فصل الصيف، وهو ما يعني وجود أكثر من مشكلة في آن واحد.
إلى ذلك اتهم تحالف القوى العراقية جهات لم يسمها بالتآمر على المحافظات الغربية ذات الغالبية السنية مثل نينوى وصلاح الدين والأنبار، المهددة في حال انهار سد الموصل. وقال عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار والقيادي في تحالف القوى العراقية، فارس الفارس، في بيان أمس إن «هناك تخوفا حقيقيا من انهيار سد الموصل، وهو تخوف مبني على تحذيرات وتقارير محلية ودولية، مما يتحتم الأخذ بهذه التقارير على محمل الجد كونها تتعلق بحياة الملايين من المواطنين وممتلكاتهم»، محذرًا من أن «يستيقظ العراقيون ويجدون أنفسهم ومنازلهم تغمرها المياه، كما حدث سابقا عندما وجدوا مدنهم محتلة من (داعش) على الرغم من تأكيدات الحكومة السابقة في حينها بأن الوضع الأمني تحت السيطرة».
وأضاف الفارس، أن «ما يثير مخاوفنا أن الحكومة الحالية تتعامل مع التحذيرات ببرود وعدم جدية، وهذا الأمر لا نسمح به، إذ نشعر بأن هناك مخططا يستهدف مدننا وأهلنا تارة بـ(داعش) وأخرى بالميليشيات وأخرى بالتهديد الوجودي بإغراقنا بالمياه»، عادًا أن «الضحية الأكثر تعرضا للكارثة في حال انهيار السد هم أبناء المناطق المحتلة من (داعش)، وبالتحديد الموصل وتكريت»، مطالبًا مجلس النواب «بعقد جلسة طارئة لمناقشة هذه القضية المهمة والمصيرية، وتشكيل لجنة من عدد من أعضاء المجلس ومن مختلف الكتل السياسية لمتابعة إجراءات السلطة التنفيذية بصدده».
واتهم الفارس، الحكومة «بالتقصير في الإجراءات المتبعة»، مشددًا على ضرورة أن «يكون لممثلي الشعب دور وموقف في حفظ حياة المواطنين».
من جهتها، أكدت عضوة البرلمان العراقي عن محافظة نينوى انتصار الجبوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة التي نواجهها الآن هي أن الجهة الرسمية المسؤولة عن الأمر، وهي وزارة الموارد المائية لا تملك خطة بشأن السد فحسب، بل تنفي كل ما يتعلق بالمخاطر التي يجري الحديث عنها من قبل جهات عالمية معتبرة». وأضافت الجبوري أن «الإجراءات لا تزال ترقيعية ومن بين ما يجري القيام به الآن هو زيادة الإطلاقات المائية وتشغيل الكهرباء حيث إن بيوت أهالي الموصل بدأت تأتيها المياه بكثافة، بالإضافة إلى عودة التيار الكهربائي إلى المنازل وبالتالي فإن سياسة حبس الماء بالسد إلى حد وصوله مرحلة الخطر من دون تشغيل مولدات الكهرباء أو إطلاق المياه إلى الأهوار الجافة يعني أنه لا توجد سياسة حكيمة في التعامل مع السد».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.