قال رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور إن القضية السورية «لم تعد قضية لجوء، فهناك عبء أمني وتطرف وخلايا نائمة وتهريب للمخدرات والأشخاص والبضائع». وأضاف النسور، خلال زيارة ميدانية أمس السبت إلى مخيم الأزرق للاجئين السوريين، رافقه خلالها عدد من الوزراء وكبار المسؤولين، أن الأردن سيتوجه بهذه الرسالة الواضحة إلى العالم الأسبوع المقبل في مؤتمر لندن للمانحين.
وتأتي هذه الزيارة قبيل أيام من انعقاد المؤتمر الدولي الرابع للمانحين في العاصمة البريطانية، المخصص لبحث أزمة اللاجئين وسبل دعم الدول المستضيفة لهم، وهو مؤتمر يعول الأردن كثيرا عليه لتقديم الدعم والمساندة للاقتصاد الوطني ولضمان استقباله للاجئين السوريين وتقديم الخدمات الأساسية لهم.
وقال رئيس الوزراء الأردني «إن العالم اكتشف خلال الأشهر القليلة الماضية حجم الأزمة السورية التي ستدخل عامها السادس عندما بدأ اللاجئون يقرعون أبواب أوروبا ومياه البحر المتوسط، وعرفت أوروبا القارة العظمى المعنى الحقيقي لعبء اللاجئين»، مؤكدا أن «العالم أجمع يجب أن يدرك أننا نأخذ عنهم هذا العبء»، وأضاف أن «مساعدتنا للسوريين تأتي نيابة عن دول العالم أجمع، خصوصا الدول الغربية»، لافتا إلى أن دول الجوار لسوريا ومنها الأردن «إذا لم تقدم لهؤلاء اللاجئين فرص العمل والعيش الكريم ولم تفتح حدودها لهم فسيتجهون إلى الشواطئ الأوروبية».
ثم أشار النسور إلى أن عدد اللاجئين داخل المخيمات لا يتجاوز 120 ألفا، أما البقية وعددهم يتجاوز المليون و100 ألف فموجودون في كل مدينة وقرية وفي كل مهنة وصنعة، مؤكدا أن «هذا يضغط على اقتصادنا ويأخذ فرص عمل في بلد فيه بطالة مستواها عال جدا». وأردف أنه «على العالم أن يعرف أننا إذا لم نستوعب أشقاءنا السوريين ونوفر لهم فرص العمل الممكنة فستزداد احتمالات لجوئهم إلى أوروبا».
وتابع النسور: «إننا لا نتسول العالم، بل نقوم بمسؤولية أخلاقية.. وعند النظر إلى الدول التي تستوعب اللاجئين فسلوك المملكة الأردنية الهاشمية إزاءهم يمتاز بأخلاقية ومسؤولية وحكمة وإدارة وتخطيط صحيحين». واستطرد: «نحن نفخر بالمدى الذي ذهبنا إليه، وهذه هي الرسالة التي سيوصلها جلالة الملك عبد الله الثاني إلى العالم من خلال مؤتمر لندن، بأن ساعدوا اقتصادنا، فنحن لا نريد من الدول المانحة إرسال مواد غذائية وغيرها، بل مساعدة الاقتصاد الأردني حتى يتمكن الأردن من مساعدة السوريين بفرص عمل وتوليد فرص عمل لإشراك السوريين فيها».
ثم قال: «هذا البلد عدد سكانه من الأردنيين نحو 7 ملايين نسمة، فكيف له أن يتحمل زيادة 3 ملايين إنسان من دول أخرى؟ وفي ضوء هذا الواقع فمستحيل على الاقتصاد أن يتحمل ذلك، مع أن الموضوع ليس اقتصادا فقط ومساكن وغذاء ودواء، فالأمر يتعدى ذلك إلى تعليم، وهو هدف عزيز ومهم جدا، لأن ترك هؤلاء الأطفال دون تعلم أمر غير مقبول على الإطلاق».
وردا على سؤال، أكد النسور أن الأردن لم يغلق حدوده، ولا بأي لحظة من الزمن، لافتا إلى أن المطلوب من العالم مساعدة الأردن، لإنعاش الاقتصاد، حتى يوفر فرص عمل يكون للاجئين السوريين جزء منها «فنبقي حدودنا مفتوحة». وقال «إذا لم يحصل هذا في ظل ميزانية الأردن التي يعلمها العالم العربي والعالم الغربي فكيف للأردن أن يتدبر أموره في خدمتهم؟». وأضاف: «نحن نحمل العالم مسؤولياتهم، وإذا اختار العالم ألا يتحمل مسؤولياتهم فنحن سنقول بأننا اكتفينا بتحمل ما تحملناه».
وبشأن السوريين الموجودين بمقربة من الحدود الأردنية السورية، قال رئيس الوزراء: «هؤلاء موجودون في المنطقة التي تسمى المنطقة الحرام بين البلدين، وهم ليسوا في العراء، بل في خيام مدفأة ومضاءة، مع توافر الخدمات الطبية والأمنية، والغذاء يصلهم من الأردن». وتساءل: «لماذا أثار هذا العدد اهتمام العالم، ونحن استقبلنا قبلهم وبعدهم لاجئين ولم نتوقف أبدا، وكل يوم نستقبل لاجئين؟»، مضيفا: «هؤلاء جاءوا من منطقة معينة، ولم يأتوا من المناطق المتاخمة للأردن، إذ جاءوا من الشمال الشرقي من سوريا، من القامشلي والرقة على شكل دفعة متصلة، وكأنها محروسة أو مصاحبة من تلك المنطقة إلى المنطقة الحرام».
وأكد أن «من حقنا وواجبنا أن نتأكد أنه لا توجد مخاطر أمنية من هذه المجموعة، لأنها جاءت من هذا المكان»، لافتا إلى أن العالم تفهم هذا الأمر، وأن الأردن غير متردد، ولا يرسل رسالة بأنه يستطيع إيقاف دخول اللاجئين السوريين، فرسالتنا في هذا المقام هي فقط المحافظة على الأمن الأردني.. ولسنا البلد الوحيد الذي يحافظ على أمنه الوطني، فكل الدول تقوم بإجراءات أمنية للتأكد من هؤلاء اللاجئين». وردا على سؤال آخر، ذكر رئيس الوزراء أن الأرقام التي صدرت عن منظمات الأمم المتحدة العام الماضي بخصوص الكلفة على الاقتصاد الأردني أظهرت أن المساعدات الدولية التي جاءت للاجئين خلال العام الماضي والعام الذي سبقه غطت 38 في المائة من الكلفة، في حين تحمل الاقتصاد الأردني الـ62 في المائة. ثم أوضح أن الكلفة على الاقتصاد الوطني لهذا العام ستكون 2.7 مليار دولار، مضيفا «إننا نطلب من العالم مساعدتنا بهذا المبلغ، لنقوم بواجباتنا كالمعتاد تجاه اللاجئين، إضافة إلى فتح الأسواق لاستثماراتنا التي نشغل من خلالها لاجئين سوريين «فنفيد الاقتصاد الوطني ونشغل السوريين». وأردف: «لا نريد للاجئين السوريين أن يبقوا سنوات طويلة مستقبلين للمساعدات الغذائية وغيرها، بل نريد أن تكون لهم فرص عمل ويسدوا رمق أسرهم من عرق جبينهم»، مضيفا أن «ما نطلبه من أوروبا العملاقة أن تسمح لنا بتخفيف قيود الصادرات الأردنية المصنعة بأيد أردنية وسورية، وأن تدخل أسواقهم شريطة أن تكون منافسة بالنوع والجودة والمواصفات المطلوبة». وكان وزير الدولة لشؤون الإعلام الدكتور محمد المومني قد ذكر أن هذه الزيارة الميدانية لرئيس الوزراء وعدد من الوزراء تأتي والأردن في إطار التحضير لمؤتمر لندن المهم جدا، مشددا على أن الأردن يعول عليه كثيرا. وقال إن الأردن «يتقدم لمؤتمر لندن بالطموح أن يكون هناك تغيير في نمط التفكير العالمي، ومنهجية التعامل مع الأزمة السورية، من طريقة تتعامل مع تقديم المساعدات الطارئة للجوء السوري إلى نموذج مستدام يحقق النفع للاقتصادات الوطنية المستضيفة لعدد كبير من اللاجئين السوريين، حتى تتمكن هذه الدول من القيام بالعبء الكبير الذي تتحمله بالنيابة عن المجتمع الدولي».
وخلال الزيارة، استمع رئيس الوزراء الأردني إلى إيجاز قدمه مدير مديرية شؤون اللاجئين السوريين العميد جهاد المطر حول مخيم الأزرق للاجئين السوريين، الذي افتتح عام 2014 ويستقبل حاليا 30 ألفا و201 لاجئ سوري، مشيرا إلى أنه تم افتتاح 100 محل تجاري في المخيم وزعت مناصفة بين الأردنيين والسوريين. كما أشار إلى أن المخيم الذي قسّم إلى 12 قرية يحتوي على مراكز صحية ومدرستين بطاقة استيعابية 10 آلاف طالب، يدرس فيهما حاليا نحو 3 آلاف طالب.
النسور: القضية السورية لم تعد قضية لجوء.. فهناك عبء أمني وخلايا نائمة ومخدرات
دعا العالم لمساعدة الأردن لإحداث فرص عمل للسوريين
النسور: القضية السورية لم تعد قضية لجوء.. فهناك عبء أمني وخلايا نائمة ومخدرات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة