السمك الكبير توقف عن أكل السمك الصغير في الدوري الإنجليزي

الأندية العملاقة فقدت بريقها ولم تعد تخيف «الطبقة الوسطى».. وأموال البث التلفزيوني ردمت الهوة

ليستر سيتي يتصدر الدوري الإنجليزي - تشيلسي يحتل المركز الثالث عشر
ليستر سيتي يتصدر الدوري الإنجليزي - تشيلسي يحتل المركز الثالث عشر
TT

السمك الكبير توقف عن أكل السمك الصغير في الدوري الإنجليزي

ليستر سيتي يتصدر الدوري الإنجليزي - تشيلسي يحتل المركز الثالث عشر
ليستر سيتي يتصدر الدوري الإنجليزي - تشيلسي يحتل المركز الثالث عشر

هناك تيار صاعد من أندية الطبقة الوسطى في الدوري الإنجليزي الممتاز (البريميرليغ)، يجسده فريق ليستر سيتي، حيث استفادت هذه الأندية من أموال البث التلفزيوني، ونجحت في ردم الهوة بينها وبين أندية مثل مانشستر يونايتد وتشيلسي، الذين ما عادوا يخيفون أحدا.
قد يكون كل ما هنالك ببساطة أننا أمام موسم استثنائي. يمتلك ليستر 47 نقطة بعد 23 مباراة، ولم يحصل أي متصدر للبريميرليغ على أقل من 50 نقطة عند هذه المرحلة منذ موسم 2002 - 2003. وفي حال واصلت الفرق الفوز بالنقاط بالمعدل الحالي، فسيصلون إلى النقطة 78، وهي أقل حصيلة للفوز باللقب منذ توج مانشستر يونايتد بالبطولة بـ75 نقطة في موسم 1996 - 1997، عندما حسم البطولة فعليا مع بداية مايو (أيار)، وتعادل في آخر 3 مباريات، لكنه ظل متصدرا بفارق 7 نقاط عن نيوكاسل يونايتد الوصيف. قد يشهد الموسم المقبل عودة إلى النمط المعتاد، حيث يسحق الأربعة الكبار كل المنافسين، بعد أن تعرض كل منهم لمشكلات بعينها هذا الموسم. لكن قد يكون هناك شيء آخر يحدث، شيء عام بصورة أكبر. لنبدأ بالأخطاء الآن. هؤلاء ليسوا الأربعة الكبار الذين نعرفهم. يعاني تشيلسي ذلك النوع من المعاناة التي تلاقيه الفرق في الموسم الثالث بعد تعيينها جوزيه مورينهو، وقد يدفعون ثمن بعض الصفقات التي كانت دون المستوى، في خضم تخفيض عام للنفقات.
يعتمد مانشستر سيتي بشدة على فينسنت كومباني وسيرجيو أغويرو لقيادة الفريق والاختراقات، وكلاهما يعاني بسبب الإصابة، وهو وضع يهدده الشعور بأن الفريق يقدم بالأساس أداء يفتقر للجدية، إلى حين وصول بيب غوارديولا (أو عدم وصوله) الصيف القادم. كما ويظل مانشستر يونايتد محبوسا في عباءة مدربه الأسطورة أليكس فيرغسون، ويكافح لمعرفة طريق الفوز من دون ما اعتادوا عليه في وجود المدرب الإسكوتلندي القوي الجالس خارج خطوط الملعب، يمضغ علكته الشهيرة (قد يضعون دمية تشبهه عند خط التماس وينخرطون في طقس جماعي لمضغ العلكة ولمس ساعات اليد لمحاولة استعادة النتائج السابقة).
وما زال الآرسنال هو الآرسنال، صاحب الأداء المحير، بانتصاراته البطولية، وهزائمه التافهة، حيث جمع حصيلة من النقاط أقرب لما هو معتاد من الآرسنال. وإذا تم حساب معدل النقاط التي أحرزها الفريق حاليا مقابل عدد المباريات، فسيحصل بنهاية الموسم على 73 نقطة، وكانوا قد حصلوا في الموسم السابق على 75 نقطة، وقبله 73، و70، و68، و75، و72. ويبدو الفريق أكثر إقناعا هذا الموسم لا لشيء إلا لأنه حصل على حارس مرمى يمكن الاعتماد عليه، وأن بقية الفرق تعاني.
لكن كانت هناك مواسم سابقة كان العمالقة يعانون خلالها، لكن عيوبهم لم تنكشف كما هي الآن. قد يكون ذلك لأن هذه الفرق الكبرى لم تشهد مثل هذه العيوب من قبل، أو لم تكن كلها تعاني أوجه قصور في نفس الوقت. لكن قدرة فرق منتصف الجدول في البريميرليغ على استغلال هذا قد زادت كذلك. في كتابه «فول هاوس»، الذي صدر عام 1996يشرح أستاذ علم الأحياء الأميركي، والمتتبع لنظرية التطور، ستيفن جاي غولد، الرقم الاستثنائي الذي لم يحققه أي ضارب في تاريخ البيسبول منذ حقق تيد ويليامز معدلا بلغ 0.400 عام 1941. سعت الكثير من النظريات إلى معرفة السبب: هل لأن اللاعبين كانوا ببساطة أفضل من نظرائهم اليوم؟ هل تسبب السفر بطول البلاد وعرضها في إنهاك اللاعبين؟ هل لأن المباريات المسائية التي تجري تحت الأضواء الكاشفة زادت من صعوبة اللعبة؟ الإجابة، بحسب غولد، ليس لأن اللاعبين باتوا أسوأ، بل لأن كل اللاعبين الآخرين تحسنوا. قد يكون اللاعبون الضاربون في لعبة البيسبول أفضل الآن تماما من نظرائهم في الثلاثينات من القرن الماضي، فهم يتمتعون بلياقة بدنية أفضل، ومعدات أفضل ويسافرون بالطيران، وهو أقل إجهادا بكثير من القطارات. لكنهم قد يكونون أسوأ مقارنة بباقي اللاعبين. وما زلنا في لعبة البيسبول حيث كان ويليامز يقول: «اضرب الكرة حيث لا يوجدون»، لكن ربما كان هذا سهلا في أيامه، حيث كان اللاعبون أكثر بطئا وأقل حركة، ناهيك بالتطور الذي طرأ على طرق رمي الكرة أو تحليل البيانات حول طرق لعب الضاربين من أجل إفساد ضرباتهم.
قد يكون هذا ما نشهده في البريميرليغ. لقد تسبب وصول ملك نادي تشيلسي رومان أبراموفيتش في 2003 في إحداث ثورة في النموذج الاقتصادي، حيث كانت هناك حاجة لمبالغ ضخمة من أجل المنافسة على المستوى الأعلى، سواء جاءت هذه الأموال من متبرعين أو من الاستغلال التجاري لوضع سوقي مهيمن. غير أنه في ظل التحسن الذي طرأ على اتفاقات البث التلفزيوني، أصبحت الأموال في متناول الجميع فجأة. وفقا لأحدث تقرير صادر عن مركز ديليويت، فمن بين 17 من أغنى 30 ناديا لكرة القدم في العالم، يلعبون في البريميرليغ (وكان هذا قبل أن يبدأ اتفاق البث التلفزيوني فعليا). سينضم ديمتري بايت إلى ويستهام، بينما سيذهب أندريه أيو إلى سوانزي. وسينتقل يوهان كاباي إلى كريستال بالاس. لم تعد هناك حاجة ماسة للأندية غير المصنفة ضمن الكبار لبيع لاعبيها، ولا فائدة تجارية لأفضل اللاعبين لدى هذه الأندية للانتقال إلى أندية كبرى.
وبالنظر إلى أنه حتى مع وجود ميل لدى بعض الأندية لتكديس النجوم لديها فهناك حد أقصى لعدد اللاعبين الذين يمكن التعاقد معهم، فربما نكون قد وصلنا إلى مرحلة من التشبع، إذ إنه عندما يكون الجميع أغنياء، لا يكون هناك معنى لأن يصبح البعض أكثر ثراء نوعا ما. لقد تقلص انتشار منحنى التوزيع الطبيعي. قد يكون هناك شيء يعمل على استمرارية هذا الوضع، حيث فقدت الأندية الكبرى بريقها. لم يعد أحد يخشى أحدا. وكل فريق يتوجه إلى ملعب المباراة وهو يفكر في قدرته على تحقيق نتيجة، أكثر من مجرد رغبته في ألا يتعرض للإذلال. كذلك – وهو أمر قد يكون مفرطا في التفاؤل – قد يقنع إنجاز ليستر سيتي اللاعبين في المستقبل بأن من الأفضل أن يسيروا على درب رياض محرز أو جيمي فاردي، من حيث اللعب بانتظام ولفت الانتباه وهم يلعبون في فريق ليس من الفرق الكبرى، بدلا من أن يكونوا مثل فابيان ديلف (مانشستر سيتي) أو لويتش ريمي (تشيلسي)، حيث يعيشان في الظلام على مقعد بدلاء فريق عملاق.
هناك أمر مثير آخر، وهو أن المدربين الاثنين الأكثر إبهارا في البريميرليغ، يقودان خامس وسادس أغنى ناديين، وهو ما يجعل ليفربول وتوتنهام قادرين على تحدي هيمنة الأربعة الكبار. عند مرحلة ما ستقوم أندية النخبة بإعادة ترتيب أوراقها. وقد يكون هنالك جانب من الصحة في العذر القائل بأن ضغط المباريات المستمر في البريميرليغ يقوض النتائج في دوري الأبطال الأوروبي، لكن النتائج في أوروبا تكشف كذلك عن أوجه قصور كبرى لدى أفضل أندية إنجلترا. والأمر المرجح هو أنه في غضون سنوات قليلة، سيظل هذا الموسم يبدو استثنائيا. لكن هناك سببا كذلك لئلا يبدو موسما شاذا، وهو أن الثروة الهائلة التي باتت في متناول الجميع تعني تفاوتا أقل في النتائج، وجدولا تضيق فيه الفواصل بين الأندية بشدة.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».