{هيومن رايتس ووتش}: إيران ترسل آلاف المقاتلين الأفغان إلى سوريا

التهديد والتجنيد الإجباري من الأسباب التي دفعتهم إلى مغادرة إيران

{هيومن رايتس ووتش}: إيران ترسل آلاف المقاتلين الأفغان إلى سوريا
TT

{هيومن رايتس ووتش}: إيران ترسل آلاف المقاتلين الأفغان إلى سوريا

{هيومن رايتس ووتش}: إيران ترسل آلاف المقاتلين الأفغان إلى سوريا

في الوقت الذي يستمر فيه الإعلان الإيراني عن تشييع جثث تعود لمقاتلي الحرس الثوري ومقاتلين أجانب يقاتلون تحت لواء قواته، أظهر تقرير جديد صادر من منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن الحرس الثوري الإيراني جند آلاف اللاجئين الأفغان في إيران منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2013 للقتال في سوريا.
وبيّنت شهادات استند عليها التقرير أن إيران جندت «قسريا» آلاف الأفغان المقيمين من دون وثائق على أراضيها لتدعيم صفوف قوات الحرس الثوري وبحسب المنظمة التي تدافع عن حقوق الإنسان فإن إيران دعت الأفغان إلى الدفاع عن المواقع الشيعية المقدسة مقابل الحصول على حوافز مالية ومنح الإقامة القانونية في إيران، لتشجيعهم على الالتحاق بـ«فيلق فاطميون» الذي يحارب تحت لواء الحرس الثوري في سوريا.
وكانت هيومن رايتس ووتش قد قابلت في أواخر 2015 أكثر من 20 أفغانيا كانوا يقيمون في إيران، وسألتهم عن تجنيد الحرس الثوري للأفغان للقتال في سوريا. وبحسب التقرير فإن بعض هؤلاء كشفوا إنهم أجبروا (وأقارب لهم) على القتال في سوريا فانتهى الأمر ببعضهم إلى الفرار نحو اليونان أو الترحيل إلى أفغانستان بسبب رفضهم القتال. قال شاب (17 عاما) إنه أرغم على القتال دون أن يُمنح خيار الرفض. وقال آخرون إنهم تطوعوا للقتال مع ميليشيات أنشأتها إيران، إما لقناعات دينية أو لتسوية وضع إقامتهم في إيران.
بدوره، قال مدير قسم الطوارئ في هيومن رايتس ووتش، بيتر بوكارت، إن إيران «لم تكتف بتحفيز اللاجئين والمهاجرين الأفغان على القتال في سوريا فحسب، بل إن كثيرا من الأشخاص قالوا إنهم هُددوا بالترحيل إلى أفغانستان إن لم يفعلوا ذلك. وفي مواجهة هذا الخيار السيئ، قرر بعض هؤلاء الرجال والشباب الفرار من إيران نحو أوروبا».
هذا وتقدّر «هيومن رايتس ووتش» عدد الأفغان في إيران بثلاثة ملايين، بعد هربهم من الاضطهاد والنزاعات المسلحة في أفغانستان. ومن بين هؤلاء، يحمل 950 ألف شخص فقط وضع لجوء قانوني في إيران. وحرمت إيران العدد المتبقي منهم من الحصول على إجراءات لجوء، ما جعل الكثيرين ممن يرغبون في الحصول على لجوء دون وثائق قانونية أو معتمدين على تأشيرات مؤقتة.
في سياق ذي صلة، اعترفت وسائل الإعلام تابعة للحرس الثوري خلال الفترة الماضية بمقتل أفغان ضمن صفوف الحرس الثوري، كما نظم تشييع بحضور قادة الحرس الثوري، ورفض تقرير «هيومن رايتس ووتش» المزاعم الإيرانية حول تطوع آلاف الأفغان في الانضمام إلى الحرس الثوري. وقالت إن وضعهم القانوني الهش في إيران والخوف من الترحيل ربما قد يكونان وراء قرار قتالهم في سوريا، ما يعني أنه أقل من أن يكون طوعيا بحسب المنظمة. كما كشف الكثير من الأفغان أن التهديد بالاعتقال والتجنيد الإجباري كان من الأسباب التي دفعتهم إلى مغادرة إيران.
ومن بين الحالات التي وثقتها «هيومن رايتس ووتش» طفل أفغاني (17 سنة) كان محتجزا في طهران مع ابن عمه (17 سنة أيضا). أُجبر الأول على الخضوع لتدريب عسكري ثم على القتال في سوريا دون رغبته. أما ابن عمه، فقد اعتبر غير مناسب للخدمة العسكرية، فتم ترحيله. كما يوجد شقيقان آخران (32 سنة و20 سنة)، ومعهم طفل (16 سنة)، كانوا محتجزين في إيران، وأجبروا على القتال في سوريا أو الترحيل. وقال أفغان آخرون لـ«هيومن رايتس ووتش» إن السلطات الإيرانية احتجزتهم وخيّرتهم بين الترحيل أو القتال في سوريا، فاختاروا الترحيل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».