تشير الإحصاءات إلى وفاة شخص كل 37 ثانية في العالم بسبب الجلطات الوريدية، مما يعني أن قرابة 834 ألف شخص في العالم يفقدون حياتهم بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية، وأن نحو 25 في المائة من حالات الانسداد الرئوي تهدد حياة المرضى خلال فترة قصيرة. وفي عام 2009 تم حجز نحو 320.9 مليون شخص في المستشفيات بسبب الإصابة بالجلطات الوريدية، بينما بلغت التكلفة الإجمالية لعلاج الجلطات الوريدية 3.1 مليار يورو في الاتحاد الأوروبي.
أما السكتات الدماغية فتعد السبب الثاني الأكثر انتشارا للوفاة، إذ تتسبب في 6.7 مليون حالة وفاة سنويا وإصابة خمسة ملايين شخص بالعجز كل عام، وهناك نحو 15 مليون شخص يعانون من السكتة الدماغية كل عام، و85 في المائة منها ينتج عن الإصابة بجلطة دموية. ومن جانب آخر، فإن النوبات القلبية (اعتلال الشرايين المحيطة بالقلب) تصيب نحو 202 مليون شخص على مستوى العالم، وتتسبب في وفاة نحو 7.4 مليون شخص منهم خلال عام.
الجلطات الدموية
إن خطورة الإصابة بالجلطة ليست بوضوح الحوادث اليومية مثل حوادث الطرق التي غالبا ما تلفت نظر الناس، لكن حقيقة الأمر أن معدلات الوفاة الناتجة عن الجلطات الدموية في الاتحاد الأوروبي كل عام تفوق إجمالي معدلات الوفاة بسبب الإيدز، وسرطان الثدي وسرطان البروستاتا وحوادث الطرق مجتمعة. وفي الواقع فإن الجلطات الدموية هي السبب الرئيسي وراء الإصابة بأكثر من ثلاثة أمراض قلبية تسبب الوفاة، وهي النوبات القلبية والسكتات الدماغية والجلطات الوريدية.
وللوقاية من الجلطات الدموية وما تنتهي إليه من وفاة، تم تطوير مضادات التجلط التي تم إطلاقها منذ 100 عام تقريبا، وواكب ذلك تطوير الأدوية العلاجية، لتواجه القصور في العلاجات القديمة وتحسن فاعليتها وسلامتها وملاءمتها، وتساعد على تحسين جودة حياة المرضى.
علاوة على ذلك، وفي هذا الإطار، عقد قبل أسبوعين - 16 و17 يناير (كانون الثاني) 2016 - المؤتمر الطبي إكسبرت (XPERT) «الثالث» في دبي المتخصص في مجال توسيع الممارسة، وتعزيز البحوث في تجلط الدمExtending Practice and Enhancing Research in Thrombosis، XPERT الذي أطلقته شركة «باير» في إطار حرصها على تطوير علاج التخثرات الدموية، والاهتمام بتحسين جودة حياة المصابين بهذا المرض، وقد حضره 600 طبيب متخصص من جميع بلدان الشرق الأوسط في أمراض القلب والجهاز التنفسي وأمراض الدم وأطباء الأعصاب والطب الباطني والصيادلة من مختلف بلدان الشرق الأوسط. وتحدث الاختصاصيون عن فاعلية مضاد التجلط الفموي الجديد «ريفاروكسابان» Rivaroxaban.
وتحدثت في المؤتمر الأستاذة الدكتورة نوشين بازارجاني استشارية أمراض القلب بمستشفى دبي، عن دراسة «إكسانتوس» XANTUS التي عرضت نتائجها هذا العام في مؤتمر الجمعية الأوروبية لأمراض القلب 2015، إذ قدمت الدراسة أدلة دامغة تؤكد سلامة مضاد التجلط الفموي الجديد وفاعليته عن وقاية مرضى الرجفان الأذيني من الإصابة بالسكتة الدماغية. وأشارت الدكتورة نوشين إلى أن نتائج الدراسة تمثل ضمانة للأطباء لوصف مضاد التجلط الفموي الجديد، باعتباره خيارًا علاجيًا يتميز بالفاعلية والأمان لمرضى الرجفان الأذيني المعرضين للإصابة بالجلطات.
كما تحدث في المؤتمر الأستاذ الدكتور خالد عبد الرحمن الصالح، استشاري أمراض الدم والأورام نائب المدير الطبي في مستشفى «جامعة الملك خالد» بالمدينة الطبية بجامعة «الملك سعود» في الرياض، وأوضح أن الرؤى الواقعية الجديدة في دراسة XALIA التي عُرضت خلال مؤتمر الجمعية الأميركية لأمراض الدم، تؤكد نتائجها إيجابية مضاد التجلط الفموي الجديد فيما يتعلق بنسبة الفوائد إلى المخاطر عند استخدامه لعلاج تجلط الأوردة العميقة، الأمر الذي أثبت أن هذه الأدلة الواقعية لمضاد التجلط الفموي الجديد «ريفاروكسابان» Rivaroxaban يمكن أن يستفيد منها المرضى الذين يتعامل معهم الأطباء يوميًا خلال الممارسات الإكلينيكية.
وقد طرحت مضادات التجلط منذ 100 عام تقريبًا للمساعدة على حماية المرضى من الجلطات الدموية. وفي الثلاثينات طرح «الهيبارين» غير المجزأ، وفي الأربعينات: مضادات فيتامين «كيه» K، وفي الثمانينات: الهيبارينات منخفضة الوزن الجزيئي، وفي الألفينات: مضادات التجلط الفموية غير المضادة لفيتامين «كيه» K. وعلى مدار أعوام، لم يتم تطوير مضادات التجلط فقط، بل أيضًا تم تطوير الأدوية لعلاج أوجه القصور في العلاجات القديمة وتحسين فاعليتها وسلامتها و / أو ملاءمتها، والمساعدة على تحسين جودة حياة المرضى.
الوقاية من الجلطات
لدعم اتخاذ قرارات علاجية واعية وتحقيق أفضل النتائج الممكنة للمرضى المعرضين لخطورة الإصابة بجلطات دموية قد تؤدي إلى الوفاة، يجب اتخاذ المكونات الوقائية الأربعة التالية في الاعتبار:
- الحصول على معلومات متوازنة عن جميع الخيارات العلاجية.
- أهمية الالتزام والاستمرار في العلاج، وطبقًا لمنظمة الصحة العالمية فإن 50 في المائة فقط من المرضى يتبعون إرشادات أطبائهم.
- يمكن أن يؤدي عدم الالتزام بالعلاج إلى مشكلات صحية للمرضى، الأمر الذي يضاعف الأعباء على المرضى وعائلاتهم والأنظمة الصحية.
- فتح حوار بين المريض والطبيب، هدف الاستخدام المسؤول للعلاج المضاد للتجلط.
ولكثرة وتنوع العلاجات أصبح من الضروري وصف الدواء المناسب بالجرعة المناسبة للمريض.
* الوقاية من السكتة الدماغية. السكتة الدماغية هي عبارة عن حالة يفقد فيها الدماغ وظائفه بصورة سريعة، وتحدث السكتة بسبب نقص التروية إلى الدماغ بسبب إما تخثر في الدم، وإما النزف، مما يؤدي إلى موت الخلايا الدماغية بسرعة، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى شلل حركي بشكل حاد، أو فقدان القدرة على الكلام أو الرؤية، وقد تصبح الحالة دائمة أو حتى تؤدي إلى الوفاة.
ويعاني مرضى الرجفان الأذيني من أمراض متعددة، وهم معرضون بشكل أكبر لمخاطر السكتة الدماغية، ويمثلون الشريحة التي يصعب توفير الحماية لها من تلك المخاطر. إضافة إلى ذلك، تعد السكتات الدماغية المتعلقة بالرجفان الأذيني أكثر حدة، وتسبب الإعاقة لأكثر من نصف المرضى، وتسبب نتائج أسوأ من السكتات التي تصيب المرضى الذين لا يعانون من الرجفان الأذيني. وترتبط السكتة الدماغية المتعلقة بالرجفان الأذيني أيضًا باحتمال حدوث الوفاة بنسبة 50 في المائة خلال عام واحد.
وتشير التوقعات إلى أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الرجفان الأذيني مرشح للزيادة بنحو 2.5 ضعف بحلول عام 2050، وذلك بسبب زيادة معدل الأعمار، وكذلك بسبب زيادة نسبة البقاء على قيد الحياة بعد الإصابة بالأمراض التي قد تزيد من احتمالية الإصابة بالرجفان الأذيني مثل السكتة القلبية.
علاجات حالية
تشير التوصيات العلمية الحالية المبنية على الدراسات السريرية إلى أن دواء مانع التخثر الذي يتم تناوله عن طريق الفم هو حجر الأساس لتجنب حدوث السكتة الدماغية، إذ إن الأدوية المعروفة باسم مضادات الفيتامينات VKAs التي تساهم في خفض تخثر وتجلط الدم تعد المقياس الحالي للرعاية الطبية بخصوص هذا المرض. علمًا بأن الأدوية المعروفة باسم مضادات الفيتامينات بما في ذلك الدواء «وارفارين» warfarine، هي أدوية فعالة في الوقاية من السكتات الدماغية المرتبطة بالرجفان الأذيني.
لقد أثبت الدواء «وارفارين» فاعليته في خفض خطر حدوث السكتة الدماغية بنسبة 64 في المائة. وعلى الرغم من هذه الفعالية فإن تقييدات الأدوية المعروفة باسم مضادات الفيتامينات تقوض الجهود طويلة المدى في حماية المرضى الذين يعانون من الرجفان الأذيني من خطر التعرض للسكتة الدماغية. إن المشكلات التي توجد في الأدوية المعروفة باسم مضادات الفيتامينات تشمل مستويات لا يمكن التنبؤ بها بخصوص منع تجلط الدم، والحاجة إلى مراقبة الدم بصورة مستمرة، وكذلك الحاجة إلى تعديل كمية الجرعات الدوائية، وكذلك تفاعل دوائي دوائي وتقييدات تتعلق بالحمية الغذائية أيضًا عند تناول تلك الأدوية، وقد تزداد نسبة منع التجلط لدى المريض بشكل زائد عن الحد، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى نزف الدم، خصوصا نزف الدم القحفي، أو قد ينقص منع التخثر لدى المريض بشكل زائد، وهذا من شأنه أن يزيد خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.
حاليًا، نحو 50 في المائة من المرضى الذين يعانون من الرجفان الأذيني ممن يمكنهم الحصول على العلاج باستخدام الأدوية المعروفة باسم مضادات الفيتامينات لا يتلقون العلاج. إضافة إلى ذلك، فقط 10 في المائة من مرضى الرجفان الأذيني الذين يعانون من السكتة الدماغية يتم منع التخثر لديهم بصورة مناسبة وقت دخولهم إلى المستشفى. لكن تبقى هناك حاجة لم تتم تلبيتها بعد، وهي الحاجة إلى دواء مانع للتخثر يكون بسيطًا وفعالاً، ويمكن تحمله وتقبله جيدًا من قبل المريض، ويتمتع بسلامة كافية بالمقارنة مع العلاجات الموجودة حاليًا.
إن الأدوية الجديدة المانعة للتخثر التي تؤخذ عن طريق الفم تحمل وعدًا وأملاً في التغلب على مشكلات الأدوية التقليدية، إذ إن استخدامها يمنع و / أو يعالج مزيدا من حالات الانسداد التجلطي الوريدي والشرياني.
ومن مزايا وفوائد الأدوية الجديدة المضادة للتخثر التي تؤخذ عن طريق الفم ما يلي:
* خاصية منع التجلط الذي يمكن التنبؤ به، وذلك من دون الحاجة إلى مراقبة التجلط المعتادة والروتينية أو إلى تعديل الجرعات الدوائية المتكررة.
* خفض خطر التفاعلات الدوائية الدوائية، ولا حاجة إلى وجود أي تقييدات تتعلق بالنظام الغذائي.
* إن عقار «ريفاروكسبان» على سبيل المثال يوفر وقاية فاعلة جدًا من السكتة الدماغية، ووقاية من معدلات النزف بالمقارنة مع الأدوية المعروفة باسم مضادات الفيتامينات «وارفارين»، لكن الأمر الأكثر أهمية هو تقليل خطر النزف المميت.
* بالنسبة للرجفان الأذيني، فإن الدواء «ريفاروكسبان» الذي يؤخذ مرة واحدة يوميًا حقق النتيجة الفعالة الأساسية، وهي منع حدوث السكتة الدماغية ومنع الانسداد الكلي للنظام العصبي غير المركزي عند المرضى الذين يعانون من رجفان أذيني غير صمامي، وقد ثبت أنه ليس أقل فاعلية من الدواء «وارفارين».
* لقد تحققت نتائج الدواء في علاج الرجفان الأذيني من خلال حبة دوائية ثابتة.
* هذا العقار معتمد في الولايات المتحدة الأميركية وفي دول الاتحاد الأوروبي لخفض مخاطر حدوث السكتة الدماغية والانسداد الكلي لدى المرضى الذين يعانون من الرجفان الأذيني غير الصمامي.