اتهم قياديون في حزب العدالة والتنمية المغربي، ذي المرجعية الإسلامية ومتزعم الائتلاف الحكومي، إلياس العماري، الأمين العام الجديد لحزب «الأصالة والمعاصرة» المعارض بسعيه إلى التحكم في المشهد السياسي للبلاد من جديد، وقالوا إن حزبه يشكل تهديدا للديمقراطية، وذلك ردًا على تصريحات للعماري قال فيها عقب انتخابه إنه جاء من أجل مواجهة الإسلاميين.
وأثارت تصريحات العماري ردود فعل واسعة، عبر عنها عدد من القياديين، وهو ما ينبئ ببدء مواجهة مفتوحة بينه وبين «العدالة والتنمية»، بعد خروجه من الظل، لا سيما وأن بعض المحللين رأوا أن وصوله إلى منصب الأمين العام جاء لقطع الطريق على «العدالة والتنمية» حتى لا يفوز الحزب بولاية تشريعية ثانية خلال الانتخابات المقبلة، المقرر إجراؤها في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وفي هذا السياق، قال عبد الله بوانو، رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية إن «تصريحات العماري التي قال فيها إنه جاء لمواجهة الإسلاميين تعد مدعاة للسخرية وتافهة وعبثية، والكثيرون سبقوا العماري إليها.. ولينظر أين هو مصيرهم اليوم؟».
وأضاف بوانو، موضحًا أن على العماري «أن يعلم أن المغرب خطا خطوات كبيرة على درب الإصلاح السياسي والديمقراطي بكل أطيافه وفعالياته الوازنة، التي تهمها مصلحته ومستقبله ومستقبل استقراره»، مؤكدًا أن «الجميع بات اليوم يعرف حقيقة العماري وحقيقة حزبه، وقد أجابه المواطنون إجابات وافية خلال انتخابات 2011 وخلال انتخابات 2015، وسيتلقى الجواب نفسه خلال انتخابات 2016، وعليه أن يعلم أن المغاربة قطعوا مع أسلوب التحكم في الحياة السياسية، ولم يعودوا في حاجة إلى معاودة استنساخ تجارب أصبحت وراء ظهورهم، كشفت تجربة الربيع العربي خطورتها على بنية الدول والمجتمعات».
ووصف القيادي الحزبي تصريحات العماري بأنها «فاشية وعنصرية وإقصائية»، وقال إن مواجهة حزبه لا تتم بمثل هذه التصريحات، «وإنما بمنافسته في خدمة البلاد وتحقيق مصالحها ومصالح المواطنين، أما محاولات عرقلة الأوراش والإنجازات الحكومية التي حققها لصالح المواطنين، فإنها لا تزيده إلا قوة وشعبية وترسخا بين الشعب، واقتناعا بصواب قراره بمواجهة التحكم مهما كلفه الثمن».
من جهة أخرى، توقف محللون عند الطريقة التي وصل بها العماري إلى قيادة الحزب، حيث كان المرشح الوحيد للمنصب، وانتخب بالإجماع، لكن ليس عن طريق صناديق الاقتراع، وإنما برفع الأيدي، وهي طريقة تذكر بمرحلة «الزعامات التاريخية» التي قطعت معها جل الأحزاب المغربية، حيث كان حينها منصب الأمين العام محسوما مسبقا.
وتعليقا على طريقة انتخاب العماري، قال سليمان العمراني، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إن «غياب التنافس الديمقراطي على منصب الأمين العام لحزب التحكم ومنصب رئيس مجلسه الوطني، والتصويت عليهما بالإجماع لكافيين لفهم طبيعة النموذج الديمقراطي «الذي يغرف منه هذا الحزب»، متسائلا هل يعتبر «نموذجه أقرب إلى نموذج حزبي بن علي (زين العابدين) ومبارك (حسني) أم إلى نموذج الأحزاب الحقيقية هنا وخارج أرض الوطن؟».
بدوره، قال بوانو إن «الطريقة التي انتخب بها العماري أمينا عاما تطرح علامة استفهام كبيرة حول الديمقراطية التي يؤمن بها هذا الحزب ومن بقي فيه»، وتساءل: «عما إذا كان هذا الحزب قد احترم فعلا ما تنص عليه قوانينه الداخلية، وكذا ما يدعو له الدستور وقانون الأحزاب؟»
هذه التساؤلات أجاب عنها العماري بقوله إن «القانون الداخلي للحزب ليس فيه انتخاب بالصناديق، بل بالأيدي حتى يتحمل كل واحد نتيجة اختياره». أما الإجماع عليه فجاء، حسب مؤيديه، لأنه «رجل المرحلة».
وقال العمراني في افتتاحية نشرها أمس الموقع الإلكتروني لحزب العدالة والتنمية: «يجب ألا ننسى الضربة الموجعة التي تلقاها التحكم في معركة 4 سبتمبر (أيلول) (الانتخابات البلدية والجهوية)، وإطاحة صناديق الاقتراع بحلمه نحو الهيمنة، ولولا استعانته بالأعيان في انتخابات البوادي، ولولا نمط الاقتراع المختل الذي كان لصالحه لكان في الدرك الأسفل انتخابيا». وذكر العمراني بأن «هذا الحزب شكل ولا يزال تهديدا حقيقيا للديمقراطية وللمؤسسات ولاختيارات المغاربة التي أجمعوا عليها منذ قرون، ويقدم عرضا سياسيا يشكل فيه التحكم روحه وسبب وجوده. إنه التحكم في الحياة الداخلية للأحزاب السياسية وتهديد استقلالية قراراتها»، حسب رأيه.
«العدالة والتنمية» المغربي يتهم «الأصالة والمعاصرة» المعارض بتهديد الديمقراطية
ردًا على تصريحات أمينه العام الجديد باعتزامه مواجهة الإسلاميين
«العدالة والتنمية» المغربي يتهم «الأصالة والمعاصرة» المعارض بتهديد الديمقراطية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة