الرئيس التونسي يشرف على اجتماع لمجلس الأمن القومي ويخفف حظر التجول الليلي بساعتين

الأمنيون يحتجون أمام القصر الرئاسي.. والمكلف بالإعلام بوزارة الداخلية يقدّم استقالته

رجال شرطة تونسيون يتظاهرون خارج قصر قرطاج بالعاصمة أمس احتجاجًا على تدنّي الأجور (إ. ب. أ)
رجال شرطة تونسيون يتظاهرون خارج قصر قرطاج بالعاصمة أمس احتجاجًا على تدنّي الأجور (إ. ب. أ)
TT

الرئيس التونسي يشرف على اجتماع لمجلس الأمن القومي ويخفف حظر التجول الليلي بساعتين

رجال شرطة تونسيون يتظاهرون خارج قصر قرطاج بالعاصمة أمس احتجاجًا على تدنّي الأجور (إ. ب. أ)
رجال شرطة تونسيون يتظاهرون خارج قصر قرطاج بالعاصمة أمس احتجاجًا على تدنّي الأجور (إ. ب. أ)

أشرف الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي أمس بقصر قرطاج على اجتماع مجلس الأمن القومي الذي ضم وزراء السيادة الأربعة (الداخلية والدفاع والعدل والخارجية)، إلى جانب رئيسي البرلمان والحكومة وعدد من القيادات الأمنية والعسكرية العليا.
وأقر المجلس في مستهل الاجتماع بأهمية التدخلات الأمنية والعسكرية الأخيرة، ونجاح سياسة ضبط النفس والدور الحاسم للمؤسستين الأمنية والعسكرية في الحفاظ على الأمن والسلم الاجتماعيين، ومحاربة العناصر التي استغلت الاحتجاجات لتنفيذ عمليات نهب وتخريب للممتلكات العامة والخاصة. وأشار المجلس إلى نجاح إعلان حظر التجول الليلي في كبح جماح الأطراف المخربة، ولاحظ تحسن الوضع الأمني نهاية الأسبوع الماضي وتراجع حدة الاحتجاجات وعودتها إلى طابعها السلمي.
وبناء على تقارير أمنية متطابقة واردة من مختلف المدن التونسية تشترك في الإشارة إلى تراجع الاحتجاجات، فقد أعلنت وزارة الداخلية التونسية يوم أمس عن تعديل جزئي لحظر التجول الليلي الذي أقرته تونس منذ يوم 22 يناير (كانون الثاني) الحالي إثر موجة من الاحتجاجات الاجتماعية التي ترافقت مع عمليات نهب وتخريب. ووفق التعديل الجديد، فقد أصبح توقيت حظر التجول الليلي من الساعة العاشرة ليلا إلى الخامسة صباحا عوضا عن الثامنة ليلا إلى الخامسة صباحا.
في غضون ذلك، قدم وليد الوقيني المكلف بالعلاقات مع وسائل الإعلام بوزارة الداخلية استقالته من منصبه، وكتب على حسابه الخاص في مواقع التواصل الاجتماعي «لولا القرف لما استقلت»، دون أن يقدم مزيدا من التوضيحات حول الأسباب الحقيقية للاستقالة.
وعلى مستوى البحث الحكومي عن حلول جماعية لمعضلة التشغيل، استقبل أمس الحبيب الصيد رئيس الحكومة عددا من الأمناء العامين للأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية. واستهل تلك اللقاءات بمقابلة مع رضا بلحاج، رئيس الديوان الرئاسي، وخميس قسيلة وحافظ قائد السبسي،و ممثلي حزب نداء تونس، والحزب الحاكم.
ولم يأبه رئيس الحكومة كثيرا إلى الشائعات التي تحدثت عن قرب إجراء تحوير على مستوى رئاسة الحكومة وواصل الاجتماعات، وبلغت الشائعات إلى حد تقديم عدة أسماء مرشحة لخلافة الصيد، من بينهم مهدي جمعة رئيس الحكومة السابق وكمال مرجان رئيس حزب المبادرة الدستورية القريب من حزب نداء تونس، والهادي العربي وزير الصناعة السابق. وكان الصيد قد أكد في تصريح سابق لقناة «فرانس 24» أنه لا ينوي الاستقالة من منصبه.
وقللت أحزاب تونسية معارضة، من بينها تحالف الجبهة الشعبية اليساري، من أهمية لقاءات الصيد مع ممثلي المجتمع التونسي، بالإشارة إلى ضرورة تناول مسألة التشغيل وبطالة الشباب بعمق أكبر. وشنت حملة على الأحزاب الحاكمة، ورجحت فشلها مرة أخرى في حل الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد.
وفي سياق متصل بموجة المطالب الاجتماعية التي تضرب تونس، نظم ممثلو النقابات الأمنية يوم أمس، وقفة احتجاجية أمام قصر قرطاج تحت شعار «وطني نحميه.. وحقي ما نسلمش فيه»، بمعنى أن حماية الوطن ليست على حساب حقوق المواطنين. وذلك على خلفية رفض رئاسة الحكومة الاستجابة لعدد من المطالب ذات الانعكاسات المالية المرتفعة، وبعد نحو أسبوعين من الاعتصامات التي عرفتها قوات الأمن على مستوى الجهات.
وبهذا الشأن، قال شكري حمادة الناطق الرسمي لقوات الأمن الداخلي في تصريح إعلامي إن الوقفة الاحتجاجية كانت مدروسة، وتأتي للمطالبة بحقوق الوحدات الأمنية مثل بقية القطاعات وتحسين وضعياتها المادية والمهنية. ويطالب الأمنيون بالرفع في منحة الخطر تماشيا مع تطورات الوضع الأمني بعد الثورة وارتفاع منسوب الخطر، وبالتمتع بمستوى أجور العسكريين، والزيادة في أجور ساعات العمل الليلي، إلى جانب تسوية الوضعيّة المهنيّة لأصحاب الشواهد العلمية.
ووفق مصادر من النقابات الأمنية، اقترحت الحكومة التونسية زيادات بمبلغ 450 مليون دينار تونسي (أي نحو 225 مليون دولار) تصرف على أربع سنوات بداية من السنة الحالية، غير أن ممثلي النقابات طالبوا في البداية بمبلغ ألف مليون دينار تونسي (نحو 500 مليون دولار). وتمسكت في نهاية مفاوضاتها مع الحكومة بزيادة لا تقل عن 595 مليون دينار، تصرف منها 384 مليون خلال السنة الحالية، و211 مليون دينار موزعة على سنتي 2017 و2018. وشهدت المفاوضات تعطلا نتيجة الهوة الفاصلة بين الطرفين، وتمسك الحكومة وخصوصا وزارة المالية برفض عدد من المطالب المادية بالأساس.
على صعيد آخر، ذكرت تقارير أمنية أن وزارة الداخلية التونسية قد ألقت القبض على 1105 أشخاص، 582 منهم شاركوا في عمليات السلب والنهب والسرقة، و523 ممن خالفوا قانون حظر التجول. وقالت إن نحو 114 عونا من قوات الأمن الداخلي (حماية مدينة وشرطة وحرس) أصيبوا بجروح خلال المواجهات الأخيرة. كما أشارت المصادر ذاتها إلى حرق 6 سيارات أخرى تابعة لقوات الأمن الداخلي، وإلحاق أضرار بـ35 سيارة إدارية، إلى جانب حرق 5 مقرات أمنية من بينها مقر تابع للديوانة، كما عرف 13 مقرا أمنيا أضرارا متفاوتة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».