كثر حديث الحكومة العراقية في الآونة الأخيرة تصريحا وتلميحا عن احتمالية الإفلاس، بسبب انخفاض أسعار النفط، والتكلفة الباهظة للحرب على تنظيم داعش المتطرف. وقال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في مؤتمر دافوس الأسبوع الماضي إن ما يتبقى لبلاده من سعر النفط هو 13 دولارا فقط، وهو تصريح يتطابق مع تصريح وزير المالية هوشيار زيباري الذي أكد أن الحكومة قد لا تستطيع دفع الرواتب لسبعة ملايين ونصف مليون موظف ومتقاعد حتى بداية الربع الثاني من العام الحالي، ثم تراجع عنه بعد اللغط الذي أحدثه في الشارع العراقي.
ومع أن ما قاله زيباري يؤكده خبراء الاقتصاد في العراق على صعيد الوضع المالي للبلاد بسبب عدم وجود موارد بديلة للنفط في بلد ريعي مثل العراق، لكن هذا الواقع جعل الحكومة تبحث عن بدائل لتوفير الأموال اللازمة لدفع الرواتب وتكلفة التشغيل التي ما زالت باهظة رغم حزم الإصلاح التي أقرتها حكومة العبادي. وإلى جانب هذه البدائل، فإن الحديث عن بدائل أخرى للقضاء على تنظيم داعش المتطرف بدأت تلوح في الأفق، حيث تلتهم تكلفة الحرب أكثر من ثلث الموازنة التي باتت متواضعة. الخبير الاقتصادي باسم بطرس يعطي تصورا عن وضع العراق كدولة ريعية تواجه أزمة مالية حادة، حيث يقول في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يواجهه العراق حاليا هو ما تواجهه في الغالب كل الدول الريعية لكن بحدود معينة، حيث تزداد موارد هذه الدول عند ارتفاع أسعار النقط وتقل بهبوط الأسعار». وأضاف أن «المشكلة التي واجهت البلاد خلال السنوات الأخيرة هي الإدارة العشوائية للملف الاقتصادي والسب في ذلك يعود في تقديري إلى تدخل السياسيين بطريقة فجة بإدارة هذا الملف الذي كانت تسعف نواقصه المداخيل الضخمة المتأتية من أسعار النفط التي كانت مرتفعة بشكل كبير لكن اليوم وبعد الانخفاض الحاد لأسعار النقط فقد ظهرت المشكلات والأزمات».
ومن النفط إلى الميدان العسكري وطبقا لما أكده سياسي عراقي مطلع فإن التكلفة الباهظة للحرب على الإرهاب دفعت الحكومة للقبول بخطط أميركا العسكرية، وقال: «العراق بات الآن أكثر انسجاما مع الخطط الأميركية للقضاء على (داعش) بعد أن تراجع اعتماده على الأميركان خلال الصيف الماضي عندما تم الإعلان عن التحالف الرباعي الذي ضمه إلى جانب روسيا وإيران وسوريا». السياسي العراقي وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» طالبا عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته يقول عن الموقف الرسمي للحكومة تجاه القبول بخطط واشنطن أنه متردد وضعيف خشية من الصدام مع الميليشيات المسلحة ويضيف: «الموقف الرسمي العراقي اليوم وإن لا يريد التصريح بذلك بشكل واضح خشية حدوث صدام مع قيادات الحشد الشعبي والفصائل المسلحة التي لديها أذرع عسكرية في هذا الحشد باتت تميل إلى الخطة الأميركية الهادفة إلى مضاعفة الجهود الخاصة بالقضاء على (داعش)، وقوام هذه الخطة مثلما طرحها وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر يتمثل في استعادة مدينتي الرقة السورية والموصل العراقية من خلال الاستعانة بقوات برية».
ويضيف «هذا التفسير لمفهوم القوات البرية هو الذي أدى إلى خلط الأوراق لدى الزعامات السياسية العراقية خصوصا بين السنة المؤيدين بقوة لإرسال قوات برية والشيعة الذين بات موقفهم غير محسوم بين عراق رسمي يمثله الحكومة التي تريد القضاء على (داعش) لكنها لا تريد عد ما يدخل إلى العراق من قوات أميركية برية بل قوات خاصة تحت بند التدريب والاستشارة، وبين عراق غير رسمي يمثله في الغالب الفصائل المسلحة المشاركة في الحشد الشعبي والتي ترفض دخول قوات برية تحت ذرائع مختلفة أهمها أن بعضها بات يملك شعورا أن الأميركان قد يعدون العدة لمعركة فاصلة مع تلك الفصائل بعد القضاء على (داعش)». ويؤكد السياسي العراقي أن «الميليشيات والفصائل المسلحة وهي في الوقت الذي ترفض ذلك لكنها بدأت تشعر أن وضعها المالي بات على المحك وهو ما بات ينعكس على المقاتلين التابعين لها، حيث لم يحصل بعضهم على رواتب لعدة شهور وهو ما يعني احتمال ليس انسحابهم من المعركة بل ترك هذه الفصائل نفسها وهو ما يهدد مستقبلها مع محاولات لنزع الأغطية عنها من خلال الضغط على إقرار قانون الحرس الوطني البديل المقبول سنيا وكرديا للحشد الشعبي».
احتمالات إفلاس الخزينة العراقية تلقي بظلالها على مواجهة تنظيم داعش
مخاوف من عدم القدرة على دفع رواتب 7 ملايين ونصف المليون موظف ومتقاعد
احتمالات إفلاس الخزينة العراقية تلقي بظلالها على مواجهة تنظيم داعش
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة