«التنويع» كلمة السر على طاولة دافوس للإصلاح الاقتصادي العربي

مشادة حكومية روسية على المنصة.. وإجماع على ضرورة تقليل الاعتماد على النفط كمصدر للدخل

رئيس الوزراء الكندي جاستن برودو (ثاني يسار) أثناء مشاركته في إحدى ندوات دافوس أمس (رويترز)
رئيس الوزراء الكندي جاستن برودو (ثاني يسار) أثناء مشاركته في إحدى ندوات دافوس أمس (رويترز)
TT

«التنويع» كلمة السر على طاولة دافوس للإصلاح الاقتصادي العربي

رئيس الوزراء الكندي جاستن برودو (ثاني يسار) أثناء مشاركته في إحدى ندوات دافوس أمس (رويترز)
رئيس الوزراء الكندي جاستن برودو (ثاني يسار) أثناء مشاركته في إحدى ندوات دافوس أمس (رويترز)

استمرت أمس فعاليات اليوم الثالث لمنتدى الاقتصاد العالمي بمنتجع دافوس بسويسرا، ليتناول جدول الأعمال مستقبل الإصلاح الاقتصادي في العالم العربي، فتناولت أهم جلسات أمس الإصلاحات الاقتصادية في منطقة الخليج، خاصة بعد قرارات رفع الدعم وتقليل النفقات وتعديلات النظام الضريبي. فيما اهتمت جلسة أخرى بأولويات روسيا الاقتصادية والجغرافية والسياسية في 2016، إضافة لجلسة حول مشكلات منطقة اليورو الاقتصادية، وانخفاض معدلات التضخم.
وتوافق المتحدثون خلال نقاش حول مستقبل الإصلاح الاقتصادي في الشرق الأوسط حول ضرورة «التنويع»، خاصة بعد ترنح معدلات النمو الاقتصادي في الدول العربية تحت تأثير صدمة انخفاض أسعار النفط. وأكد كل من وزير الطاقة الإماراتي سهيل بن محمد المزروعي، ووزير المالية الكويتي أنس خالد الصالح، وخالد الرميحي الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية بالبحرين، والاقتصادي المصري أحمد هيكل رئيس مجلس إدارة القلعة القابضة، على ضرورة تقليل الاعتماد على النفط كمصدر للدخل.
واعتبر الصالح أن انخفاض أسعار النفط، هو فرصة لإنهاء الإعانات وإدخال إصلاحات اقتصادية ضرورية في تلك المنطقة الغنية بالنفط، قائلا إن «هذا هو الوقت المناسب» لخفض الدعم على المنتجات النفطية، موضحا أن انخفاض أسعار النفط من شأنه أن يجعل رفع الدعم عن المشتقات النفطية أسهل على المستهلكين وأقل ضررا.
من ناحية أخرى، يرى المزروعي أن هذا الانخفاض في الأسعار فرصة لتأهيل المستهلكين لدفع التكلفة الحقيقية للطاقة ومشتقاتها، قائلا: «نحن في حاجة إلى إعادة التفكير حول الإصلاحات الرئيسية التي تجعل ميزانياتنا مستقلة عن عائدات النفط».
في حين تتطلع دولة الإمارات العربية المتحدة إلى رفع الدعم عن المنتجات والخدمات الأخرى بما في ذلك الكهرباء، خاصة بعد تحرير أسعار الوقود في يونيو (حزيران) الماضي.
وأضاف المزروعي أن الغاز الطبيعي ما زال يباع لمزودي الكهرباء بأسعار مدعومة، معترفا بأن «هذا ليس صحيا»، ومشددا على ضرورة تطبيق الأسعار العالمية.
واتجه الرميحي لما هو أبعد من ذلك، واصفا انهيار أسعار النفط بأنها «نعمة مقنعة» بحسب قوله، معللا ذلك بأن الأزمة ستوفر «فرصة للإصلاح». بينما رأى هيكل أن الحكومات تجري تعديلات هيكلية في الاقتصاد، عندما تكون في خانات «الموقف الصعب»، فعلى غرار مصر كان هيكل أول المطالبين برفع الدعم منذ عام 2003. غير أن مناقشات التعديلات الاقتصادية جاءت على أجندة المنتدى اليوم نتيجة لعجز الموازنات وانخفاض أسعار النفط.
وعدد الرميحي بعض الإجراءات الاقتصادية التي قد تساعد دول الخليج على تشكيل تعديلات من شأنها أن تساعد في الإصلاحات الاقتصادية المبتغاة، فمنها الإصلاحات الضريبية، وتوسيع القاعدة الاقتصادية، في حين قال الصالح إن الحكومات ستحتاج إلى صياغة وسيلة لمساعدة المواطنين المحتاجين للدعم، خاصة عند ارتداد أسعار النفط مرة أخرى.
وأعلن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح يوم الخميس الماضي خططا لرفع أسعار البنزين والكهرباء والمياه، بعدما بدأت الكويت بيع الديزل والكيروسين بأسعار السوق بداية العام الماضي. وعلى غرار الإمارات والكويت، قامت البحرين بخفض الدعم على الديزل والبنزين، رغم إنتاجها النفطي القليل.
وفي الوقت الذي انخفضت فيه أسعار النفط بنسبة نحو 75 في المائة في 18 شهرا بسبب وفرة المعروض وضعف الطلب، وتباطؤ الاقتصاد العالمي، يرى هيكل أن مصر انتفعت من انخفاض أسعار النفط على مستوى ميزان المدفوعات وعجز الموازنة. وثمن هيكل المساعدات الخليجية لمصر، ويعتقد أن المساعدات ستستمر لفترة، لكنها تراجعت كناتج طبيعي لانخفاض أسعار النفط. ويؤكد هيكل أن ما تحتاجه مصر هو استثمار حقيقي من أجل دفع عجلة النمو الاقتصادي.
وليست الدول العربية وحدها من تتمنى أن تنهي خطوات الإصلاح، فمجتمع الأعمال الروسي يبتغي أن تقوم الحكومة بإصلاحات اقتصادية سريعة.. فالسيناريو الاقتصادي الروسي يبدو الأسوأ بين دول مجموعة البريكس في عام 2015.
ففي الوقت الذي قال فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ أيام قليلة إن انخفاضات معدلات النمو الاقتصادي وصلت لـ«قاعها»، يرى نائب رئيس الوزراء يوري ديميتريف أن «المشكلات الاقتصادية التي تتعرض لها روسيا حاليا هي فرصة لتعديلات هيكلية لتحقيق تنافسية أعلى، وتراجعات روسيا على مدى العامين الماضيين في مراتب التنافسية، وانخفاض العملة، له أيضا وجهان، التحدي للسكان المحليين وفرصة للمستثمرين»، مؤكدا على تفاؤله نحو التزام الحكومة لإنعاش الاقتصاد الروسي.
وأعرب عن أمله في تفهم أكثر من أوروبا للوضع الاقتصادي في روسيا، موضحا أنها مسؤولية الحكومة في تطبيق إصلاحات لتنويع الاقتصاد الروسي والاستعاضة عن الدخل النفطي.
وأوضح ديمتيريف أن الولايات المتحدة حصلت على حصة «الأسد» في تدفق رؤوس الأموال العام الماضي، بينما انخفض الاستثمار الأجنبي المباشر في روسيا بنسبة 92 في المائة، مما خلق فرصا ضخمة لإجراءات التغيير، وفي كيفية جذب رؤوس الأموال.
وأكد وزير المالية السابق اليكسي كودرين أن على روسيا أن تكون جزءا من بين مؤسسات غربية كبيرة لتقليل حجم الضرر الاقتصادي كمجموعة السبعة ومنظمة التعاون والتنمية.. مشيرا إلى أن «انخفاض أسعار النفط أثر على إعادة تشكيل واقعنا، والذي جعل طريق روسيا الاقتصادي محفوفا بالمخاطر».
وأجمع المتحدثون على وجوب التكامل الاقتصادي بين روسيا وكل من الصين وألمانيا، وإعادة روسيا مرة أخرى لمجموعة الثمانية.
وأثناء الجلسة، نشبت مشادة بين وزير المالية السابق حين سأل نائب رئيس الوزراء «إلى متى ستظل الحكومة ترهب رجال الأعمال؟»، فهب نائب رئيس الوزراء غاضبا من التساؤل، ورد بأنه لا يوجد حكومة «مثالية»، مضيفا أن «روسيا بإمكانها تخطي الأزمة الاقتصادية فالحكومة قادرة على التعامل بكفاءة، ونحتاج أن نعطي بعض الحرية لبيئة الأعمال، فليس هناك طرق أخرى لدفع النمو الاقتصادي».
على صعيد آخر، استخدم ماريو دراغي، رئيس البنك المركزي الأوروبي، المنتدى أمس كمنصة لإقناع المستثمرين أن بإمكانه «إشعال الاستهلاك»، قائلا في جلسة خاصة عن مستقبل منطقة اليورو إن البنك المركزي يملك الكثير من الأدوات التي تمكنه من رفع معدل التضخم، ولديه العزم والإدارة للقيام بالدور المنوط به، مضيفا: «لدينا الكثير من الأدوات؛ خصوصا أن مجلس المحافظين لديه العزم والإدارة والقدرة على التحرك واستخدام هذه الأدوات».
فبعد يوم واحد من خطاب إبقاء معدلات الفائدة، ومراجعة سياسات التيسير الكمي في الاجتماع المقبل لمجلس حكام المصارف المركزية الأوروبية في مارس (آذار) المقبل وأن البنك المركزي يجدد التزامه باتخاذ كافة الإجراءات لمكافحة التضخم المنخفض، قال دراغي إن الانتعاش في الولايات المتحدة أكثر تطورا مما يحدث الآن في منطقة اليورو واليابان، فمن الطبيعي أن تختلف السياسات النقدية وأن تكون على مسار «متباين» لبعض الوقت، وهو ما سينعكس بدوره على اختلاف أسعار الفائدة.
وتعرض اليورو لأكبر انخفاض أسبوعي له هذا العام، ليصبح التحدي أمام دراغي أكثر صرامة، خاصة مع التباطؤ الاقتصادي في الصين؛ ليستمر الضغط على حركة التجارة العالمية وتعطيل الأسواق.
ويرى دراغي أن محركات الانتعاش في منطقة اليورو تتلخص في السياسات النقدية والمالية، ورغم أن انخفاض أسعار الطاقة تدعم الدخل المتاح، إلا أن صانعي السياسات ما زالوا قلقين بشأن احتمال بقاء معدلات التضخم منخفضة، ويرى دراغي أن هناك مقدمات للتفاؤل بشأن توقعات ارتفاع أسعار المستهلكين.



ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)
مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)
TT

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)
مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي لمنظمة «مراسلون بلا حدود» صدر اليوم (الخميس)، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وبحسب هذه المنظمة غير الحكومية المعنية بحرية الصحافة، كان الجيش الإسرائيلي مسؤولاً عن مقتل 18 صحافياً هذا العام، 16 في غزة واثنان في لبنان.

وقالت «مراسلون بلا حدود»، في تقريرها السنوي الذي يغطي بيانات حتى الأول من ديسمبر (كانون الأول)، إن «فلسطين هي البلد الأكثر خطورة على الصحافيين، حيث سجّلت حصيلة قتلى أعلى من أي دولة أخرى خلال السنوات الخمس الماضية».

وأقامت المنظمة 4 شكاوى أمام المحكمة الجنائية الدولية تتعلق بـ«جرائم حرب ارتكبها الجيش الإسرائيلي ضد صحافيين».

وأضافت «مراسلون بلا حدود» أن «أكثر من 145» صحافياً قُتلوا على أيدي القوات الإسرائيلية في غزة منذ بدء الحرب في القطاع في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 عقب هجوم «حماس» على إسرائيل، منهم 35 كانوا يعملون وقت مقتلهم.

ووصفت المنظمة عدد عمليات القتل بأنها «حمام دم لم يسبق له مثيل».

وفي تقرير منفصل نُشر الثلاثاء، أفاد الاتحاد الدولي للصحافيين بأن 104 صحافيين قتلوا في أنحاء العالم عام 2024، أكثر من نصفهم في غزة.

وتختلف الحصيلتان اللتان وفّرتهما المنظمتان بسبب اختلاف النهجين المستخدمين في تعداد الضحايا.

فالعدد الذي قدّمته «مراسلون بلا حدود» لا يشمل إلا الصحافيين الذين «ثبت أن مقتلهم مرتبط بشكل مباشر بنشاطهم المهني».

نفي إسرائيلي

وتنفي إسرائيل تعمّد إيذاء الصحافيين، لكنها تقر في الوقت نفسه بأن بعضهم قُتل بغارات جوية شُنّت على أهداف عسكرية.

وقال الناطق باسم الحكومة الإسرائيلية ديفيد منسر، في مؤتمر صحافي، الأربعاء: «نحن نرفض هذه الأرقام. لا نعتقد أنها صحيحة».

وأضاف: «نحن نعلم أن معظم الصحافيين في غزة يعملون على الأرجح تحت رعاية (حماس)، وأنه حتى يتم القضاء على الحركة، لن يُسمح لهم بنقل المعلومات بحرية».

من جهتها، قالت آن بوكاندي، مديرة تحرير «مراسلون بلا حدود» لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الصحافة مهددة بالانقراض في قطاع غزة».

وأشارت إلى «تعتيم ذي أبعاد متعددة». فبالإضافة إلى «الانتهاكات المرتكبة بشكل مباشر ضد الصحافيين»، ما زال «الوصول إلى غزة ممنوعاً منذ أكثر من عام»، كما أن «مناطق بكاملها أصبح الوصول إليها غير متاح» وبالتالي «لا يعرف ما يحدث هناك».

من جهته، ندّد أنتوني بيلانجر، الأمين العام للاتحاد الدولي للصحافيين، بـ«المذبحة التي تحدث في فلسطين أمام أعين العالم». وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن «العديد من الصحافيين يُستهدفون» عمداً.

وبعد غزة، كانت باكستان أكثر البلدان فتكاً بالصحافيين في عام 2024، حيث سُجل مقتل 7 صحافيين، تليها بنغلاديش والمكسيك بـ5 لكل منهما.

وفي عام 2023، بلغ عدد الصحافيين الذين قُتلوا في كل أنحاء العالم 45 صحافياً في الفترة نفسها من يناير (كانون الثاني) إلى ديسمبر.

وحتى الأول من ديسمبر، كان هناك 550 صحافياً مسجوناً في كل أنحاء العالم مقارنة بـ513 في العام الماضي، وفقاً لأرقام «مراسلون بلا حدود».

أمّا الدول الثلاث التي لديها أكبر عدد من الصحافيين المحتجزين فهي الصين (124 من بينهم 11 في هونغ كونغ) وبورما (61) وإسرائيل (41).

بالإضافة إلى ذلك، يوجد حالياً 55 صحافياً محتجزاً بوصفهم رهائن، اثنان منهم اختُطفا في عام 2024، نحو نصفهم (25) لدى تنظيم «داعش».

كذلك، تم الإبلاغ عن 95 صحافياً مفقوداً، من بينهم 4 تم الإبلاغ عنهم في عام 2024.