مناصرو جعجع لا ينسون «الأوراق المسمومة» في صندوق الاقتراع

تفاهم «القوات اللبنانية» و«التيار الحر» يحظى بتأييد جمهوريهما

مناصرو جعجع لا ينسون «الأوراق المسمومة» في صندوق الاقتراع
TT

مناصرو جعجع لا ينسون «الأوراق المسمومة» في صندوق الاقتراع

مناصرو جعجع لا ينسون «الأوراق المسمومة» في صندوق الاقتراع

تباينت مواقف القاعدة الشعبية لدى جمهوري «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» من مبادرة سمير جعجع، التي تبنى فيها ترشيح العماد ميشال عون لانتخابات رئاسة الجمهورية، في لقاء حاشد أقيم في مقر حزب القوات في معراب (جبل لبنان). وتفاوتت المواقف بين مؤيد بالمطلق ومتحفّظ ومتريث، إلى حين ترجمة بنود الاتفاق بين الطرفين، وترقب مدى الالتزام بما تضمنته ورقة التفاهم بينهما على القضايا السيادية.
وقد استطلعت «الشرق الأوسط» آراء بعض المناصرين الذين يمثلون جزءا من القاعدة الشبابية لدى الفريقين، فرأى رئيس مصلحة الطلاب في «القوات اللبنانية» جاد دميان، أن «ما حصل في معراب أمس (أول من أمس) كان أحد مطالب الشباب القواتي منذ فترة من أجل التقارب بين القوى المسيحية، خصوصا في ما يتعلّق بالنقاط التي تمّ التفاهم عليها والتمسك بتطبيقها، لا سيما ما يتعلّق بسيادة الدولة على كامل أراضيها واحترام قرارات الشرعية الدولية وعلاقات لبنان الدولية خصوصا مع الدول العربية».
ولم ينكر دميان وجود تباين بسيط في الرؤى لدى القاعدة الشعبية، وقال: «نحن لسنا حزبا شموليا، لكن هناك ما بين 80 و90 في المائة من القاعدة الشعبية متفهمين لما حصل، وما تبقى يقف الآن بين مترقب ومتحفظ ومتريث». وأكد أن «المشهد الذي واكبه اللبنانيون في معراب لم يكن وليد ساعته، إنما هو مبني على أسس ثابتة، وهذه الأسس هي التي تخاطب عقل الإنسان، وليس عاطفته».
وأشار دميان إلى أن «بنود الوثيقة التي تم التفاهم عليها نابعة من روحية ما تؤمن به قوى 14 آذار، والقاعدة الشعبية خصوصا الشبابية مقتنعة بهذه الثوابت». وشدد على أن «دعم جعجع لترشيح عون للرئاسة لن يخرج القوات من صلب (14 آذار)، ولن يغير من مبادئها وأهدافها الاستراتيجية، وبالتأكيد لن يخرج التيار الوطني الحر من حلفائه»، مشيرا إلى أن «لقاءات الهيئات الشبابية والطلابية مستمرة، بدليل مشاركة (القوات) اليوم (أمس) في اجتماع قطاعات شباب (14 آذار) في مقر تيار المستقبل في بيروت».
بدوره، قال سيمون يونس، أحد مناصري «القوات اللبنانية»: «أنا لست ضد المصالحة الشخصية والحزبية التي يمكن وصفها فعلا بالتاريخية بين الرجلين، لكن السؤال الكبير: هل كانت المصالحة لتتم لو لم تكن هناك انتخابات رئاسية يسعى عون من خلالها للوصول إلى قصر بعبدا؟ ليت المصالحة كانت حقيقية وصادقة بدلا من أن تحدث بعد 30 جلسة رئاسية قاطع فيها فريق 8 آذار ثم حصد ثباته على المقاطعة بترشيح اثنين من قياداته».
وأضاف يونس: «نحن لسنا مع فتح ملفات الحرب أبدا، بل الموضوع هو ما بعد الحرب، إذ إن الهجومات القاسية التي شنت على جعجع تحديدا من قبل التيار لا تزال ماثلة، كما لا تزال الأوراق المسمومة التي وضعت في صندوق الاقتراع في الجلسة الأولى لانتخاب الرئيس (التي حملت اتهامات لجعجع وحملته المسؤولية عن جرائم حصلت إبان الحرب الأهلية) حاضرة في الأذهان، كما لم ننس اتهامات (القوات) الهائلة لعون ونوابه ووزرائه بالفساد مثلا، فأين ذهب كل ذلك؟ هل تم الصفح عن كل تلك المخالفات؟».
ورأى يونس أن «البنود التي أعلن الاتفاق عليها هي بنود عامة لا تتطرق لأي قضية واقعية مثل سلاح حزب الله وتدخله في سوريا والكثير من المسائل الخلافية». وقال: «كان بإمكان الدكتور جعجع أن يكسب بشكل أكبر لو أكد تمسكه بترشيحه أو على الأقل دعم مرشح من (14 آذار) أكثر اعتدالا، بدلا من ترشيح عون».
أما إلياس اسطفان، وهو أحد أنصار عون، فتوقع أن «ينعكس هذا التفاهم على الشارع المسيحي إيجابيا ويزيل التشنج». ورأى أن «حماية المسيحيين مستحيلة من غير وحدتهم، وقد جربوا التحالف في السابق مع غير طوائف ولكن لم يستطيعوا الحصول على أدنى حقوقهم في السلطة، فجاء هذا التحالف ليقول (نريد القرار واستعادة الحقوق)». وأضاف: «برأيي، حتى لو كانت النيات صادقة، فإن باقي مكونات الوطن وبالتحديد زعماء بعض الطوائف المسيطرين على السلطة كالحريري وجنبلاط وبري سيبذلون جهدهم لإجهاضه، وأكثرية من كانوا يسمون بالإقطاعية كفرنجية وأرسلان وأمثالهما لن يتركوه (التفاهم) يعيش». وأكد اسطفان أن «زعماء الطوائف هم أمام امتحان لمصداقيتهم، حيث قالوا ليتفق المسيحيون ونحن نبارك»، آملا ألا يبقى لبنان «حقل اختبارات للحروب».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.