مبادرة «عون ـ جعجع» الرئاسية تنتظر مواقف الحلفاء

الأنظار تتجه إلى ما سيعلنه حزب الله.. و«المستقبل»: كلمة الفصل للمجلس النيابي

شباب صغار من مخيم عين الحلوة الفلسطيني في جنوب لبنان ويبدو علم داعش معلقا في الشارع  (رويترز)
شباب صغار من مخيم عين الحلوة الفلسطيني في جنوب لبنان ويبدو علم داعش معلقا في الشارع (رويترز)
TT

مبادرة «عون ـ جعجع» الرئاسية تنتظر مواقف الحلفاء

شباب صغار من مخيم عين الحلوة الفلسطيني في جنوب لبنان ويبدو علم داعش معلقا في الشارع  (رويترز)
شباب صغار من مخيم عين الحلوة الفلسطيني في جنوب لبنان ويبدو علم داعش معلقا في الشارع (رويترز)

بعدما رمى الزعيمان المسيحيان الكرة في ملعب حلفائهما في فريقي 8 و14 آذار، بترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع «خصمه السياسي» رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون للرئاسة، باتت مهمة الحزبين اليوم هي إنجاح هذه المبادرة مع ما تحمله من عوائق قد تحول دون وصول عون إلى قصر بعبدا، لا سيما في ظل إصرار حليفه ومنافسه رئيس تيار المردة، النائب سليمان فرنجية، على المضي قدما في معركته بدعم من رئيس تيار المستقبل سعد الحريري.
وقد شهد يوم أمس حراكا سياسيا في مختلف الاتجاهات، في وقت كان لافتا فيه التريّث في إطلاق المواقف من قبل أبرز الأطراف في الفريقين، لا سيما حزب الله و«المستقبل».
وفي وقت غادر فيه قياديون من تيار المستقبل لبنان للقاء الحريري للبحث في المستجدات، اكتفت كتلته النيابية يوم أمس بالإعلان بعد اجتماعها الأسبوعي «التزامها بتوجهات الحريري في موضوع الرئاسة انطلاقا من أن كلمة الفصل تبقى للمجلس النيابي»، وهو ما يشير إلى تلويح بتمسكها بفرنجية والدعوة إلى المواجهة في الانتخابات.
ولا تزال الأنظار تتجه إلى ما سيعلنه حزب الله، الذي تقع عليه المهمة الأساسية في الاستمرار بدعم حليفه للوصول إلى الرئاسة، وفق ما سبق له أن أعلن مرات عدة. وهو ما تشير إليه مصادر متابعة للحراك السياسي، موضحة في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كان الحزب يريد الذهاب بمرشّحه حتى النهاية فعليه أن يضغط على حلفائه، لا سيما رئيس مجلس النواب نبيه بري، لتوصيل عون إلى قصر بعبدا». وأضافت: «ليس أمام الحزب أي خيار ثان، وإلا خسر عون، وهو ما لن يكون في مصلحته».
مع العلم بأنّ حزب الله لم يبارك ترشيح فرنجية من قبل الحريري، والذي لاقى دعما من بري ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، وتمسّك بموقفه الداعم لعون، في وقت تبقى فيه المواجهة بين «الحليفين المنافسين» في مجلس النواب مستبعدة، انطلاقا من معايير عدّة، على رأسها رفض عون المشاركة في الانتخابات ما لم يكن ضامنا فوزه.
وفي هذا الإطار، اعتبر وزير المالية علي حسن خليل، المحسوب على بري، أن «هناك دينامية جديدة حصلت بالأمس والأهم الوصول إلى تفاهم وطني»، قائلا: «ندرس ما طرأ على الملف الرئاسي، ولا نستطيع التحدث عن تفاصيل كثيرة». وأضاف: «نأمل في جلسة الانتخاب المقبلة (في 8 فبراير/ شباط، المقبل) أن نرى رئيسا للجمهورية». في المقابل، أكّد مصدر في «القوات» أنّ ترشيح عون جدي وليس مسرحية، وهناك سعي حثيث لتوصيله للرئاسة، متوقعا أن تأخذ الأمور بعض الوقت. وأوضح المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «نبذل جهودا على خط التواصل مع حلفائنا لإقناعهم بالمبادرة، ويبدو أن هناك تريّثا للإعلان عن مواقفهم، انطلاقا من أنّ كل جهة لديها التزاماتها»، مضيفا: «إلى الآن يمكن وصف ردود الفعل بـ(غير السلبية ولا الإيجابية)».
وعن موقف «المستقبل» بالتحديد، قال المصدر: «ليسوا متمسكين بالشخص بقدر ما يعنيهم إنهاء الشغور الرئاسي، بينما سبق لفرنجية أن أعلن أنه إذا حصل توافق على عون فسيكون داعما له».
من جهته، أكّد رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات اللبنانية» ملحم الرياشي، الذي كان له الدور الأبرز في التوصل إلى اتفاق «عون – جعجع»، أن ترشيح عون ليس مناورة وليس موجها ضدّ أحد، داعيا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تلقّف الحدث ووضعه في الإطار المناسب. وعن المعلومات التي تردّدت حول تضمّن الاتفاق عودة الحريري إلى لبنان وتوليه رئاسة الحكومة، قال الرياشي: «رئاسة الحكومة ليست منّة للحريري من أحد، وهذا حق ومطلب أساسي، و(القوات) يعرف كيف يصون حلفاءه». وأشار الرياشي إلى أنّ «علاقة (القوات) مع حلفائه الإقليميين، كما المحليين، لم تتغّير»، مؤكدا في هذا الإطار على «حرص السعودية على الدور المسيحي الرائد في لبنان، وعلى ما يختاره المسيحيون، إلى جانب حرص (القوات) الكبير على صداقته مع المملكة».
وبعدما كان عون قد التقى البطريرك بشارة الراعي قبيل مشاركته في مؤتمر إعلان ترشيحه إلى جانب جعجع في معراب، أوّل من أمس، زار جعجع الراعي، أمس، لوضعه في أجواء المبادرة الأخيرة. وتمنى بعد اللقاء «على كل الكتل النيابية استعراض الموقف للوصول إلى انتخابات رئاسية وإلى وضع أفضل».
وعلى خط حراك التيار الوطني الحر، باتجاه فريق 8 آذار، شدد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، بعد لقائه مع وزير التربية والتعليم العالي إلياس بوصعب، رئيس مجلس النواب نبيه بري، على «الحفاظ على حلفائنا ووضع أسس تخرجنا من الماضي إلى أفق أوسع». وقال: «أمامنا حالة انفراج في الرئاسة، ولنستغل الفرصة، وسنحافظ على حلفائنا». وأضاف: «نبدأ مرحلة جديدة بالسعي الفعلي للتفاهم على هذه الأسس، ونأمل في تلقف هذه الخطوة كي لا ندخل في مطبات سياسية نحن في غنى عنها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.