قائد الشرطة الإندونيسية: نستعد لهجمات أعنف من التي شهدتها جاكرتا

حذر من مقاتلين متمرسين ينتمون لـ«داعش» قد يعودون للبلاد

قائد الشرطة الإندونيسية: نستعد لهجمات أعنف من التي شهدتها جاكرتا
TT

قائد الشرطة الإندونيسية: نستعد لهجمات أعنف من التي شهدتها جاكرتا

قائد الشرطة الإندونيسية: نستعد لهجمات أعنف من التي شهدتها جاكرتا

قال قائد الشرطة الاندونيسية، اليوم (الاثنين)، ان بلاده تستعد لعودة مقاتلين متمرسين من أعضاء تنظيم "داعش" المتطرف من الشرق الاوسط لديهم القدرة على تنفيذ هجمات أعنف بكثير من هجوم شهدته جاكرتا الاسبوع الماضي.
وقال الجنرال بدر الدين هايتي في مقابلة مع وكالة انباء "رويترز" ان هجوم يوم الخميس في قلب جاكرتا كان "خطة بديلة" نفذها على عجل متطرفون بعد أن أحبطت غارات الشرطة التحضيرات لهجمات أخرى على مسيحيين أثناء الاحتفالات برأس السنة. مضيفا ان ثمانية أشخاص منهم أربعة من المتطرفين قتلوا في الهجوم الذي وقع في شارع ثامرين الرئيسي في العاصمة جاكرتا بمسدسات وقنابل بدائية الصنع.
وقال هايتي ان الهجوم - وهو الاول من نوعه في جنوب شرقي آسيا الذي ينسب لتنظيم "دعش" ومقره سوريا - كان يمكن أن يكون أكثر دموية لكن المتطرفين يفتقرون للتدريب والأسلحة القوية. وتابع "أعتقد ان هذه كانت خطة بديلة. هدفهم الرئيسي كان عيد الميلاد ورأس السنة. اختاروا شارع ثامرين لأنهم كانوا يأملون في إحداث أثر كبير رغم قلة عددهم لأنه مركز مزدحم".
وأضاف هايتي ان "الجناة كانت أمامهم الفرصة لقتل المزيد من الضحايا (خلال الهجوم) لكن بسبب محدودية قدراتهم تمكنا من ايقافهم".
وشدد هايتي على ان هناك مخاوف من هجمات أكثر دموية قد تقع مع عودة مقاتلين متمرسين على جبهات القتال مع تنظيم داعش حاليا في سوريا والعراق.
وتقول السلطات ان نحو 500 اندونيسي سافروا الى الشرق الاوسط للانضمام للتنظيم المتطرف، ويعتقد أن نحو مائة منهم عادوا لكن خبراء يقولون نحو 15 منهم فقط لديهم خبرات قتالية.
وقال هايتي "من هم على الخطوط الأمامية أكثر تمرسا لأنهم يواجهون أعداءهم في ساحة القتال. اذا عادوا سيكون الوضع خطرا لأن باستطاعتهم تنفيذ أعمال عنف وارهاب". وأضاف "هناك احتمال (شن هجوم أكبر) اذا تمكنوا من تدريب أشخاص على اعداد المتفجرات". وتابع أن غالبية الضالعين في هجوم يوم الخميس بمن في ذلك اثنان من المتطرفين الاربعة الذين نفذوا الهجوم كانوا جزءا من محاولة لانشاء معسكر تدريب في الغابات باقليم أتشيه أحبطتها الشرطة عام 2010. وقال إن الشرطة ستضاعف جهودها في أعقاب أحدث هجوم لمراقبة التنظيمات المتطرفة في اندونيسيا. موضحا "نريد تحديد هذه التنظيمات بالكامل لأن بامكانها التعاون فيما بينها. هناك نحو تسع جماعات ارهابية في اندونيسيا. وأملنا هو ان تكشف هذه الواقعة تعاونها معا". ومضى يقول "رصدنا اتصالات بين أشخاص في سوريا وهنا ويمكننا أن نحدد من الذي يرد على هذه الاتصالات ويمكن ان يمثل تهديدا في المستقبل".
وكان آخر هجوم كبير شهدته اندونيسيا قبل هجوم يوم الخميس هو تفجير فنادق في جاكرتا عام 2009.
وقالت الشرطة في ديسمبر (كانون الاول) ان سلسلة من الغارات أحبطت خططا للمتشددين لشن سلسلة هجمات عنيفة في عيد الميلاد ورأس السنة وعلى الاقلية الشيعية في البلاد.



إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
TT

إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)

كان بودي، وهو بائع فاكهة إندونيسي، يبحث عن مستقبل أفضل عندما استجاب لعرض عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في كمبوديا، لكنّه وجد نفسه في النهاية أسير شبكة إجرامية تقوم بعمليات احتيال رابحة عبر الإنترنت.

يقول الشاب البالغ 26 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم ذكر كنيته: «عندما وصلت إلى كمبوديا، طُلب مني أن أقرأ سيناريو، لكن في الواقع كنت أعد لعمليات احتيال».

داخل مبنى محاط بأسلاك شائكة وتحت مراقبة حراس مسلّحين، كانت أيام بودي طويلة جداً، إذ كان يقضي 14 ساعة متواصلة خلف شاشة، تتخللها تهديدات وأرق ليلي.

وبعد ستة أسابيع، لم يحصل سوى على 390 دولاراً، بينما كان وُعد براتب يبلغ 800 دولار.

وفي السنوات الأخيرة، اجتذب آلاف الإندونيسيين بعروض عمل مغرية في بلدان مختلفة بجنوب شرقي آسيا، ليقعوا في نهاية المطاف في فخ شبكات متخصصة في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت.

أُنقذ عدد كبير منهم وأُعيدوا إلى وطنهم، لكنّ العشرات لا يزالون يعانون في مصانع الاحتيال السيبراني، ويُجبرون على البحث في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عن ضحايا.

تروي ناندا، وهي عاملة في كشك للأطعمة، كيف سافر زوجها إلى تايلاند في منتصف عام 2022 بعد إفلاس صاحب عمله، وانتهز فرصة كسب 20 مليون روبية (1255 دولاراً) شهرياً في وظيفة بمجال تكنولوجيا المعلومات نصحه بها أحد الأصدقاء.

لكن عندما وصل إلى بانكوك، اصطحبه ماليزي عبر الحدود إلى بورما المجاورة، مع خمسة آخرين، باتجاه بلدة هبا لو، حيث أُجبر على العمل أكثر من 15 ساعة يومياً، تحت التهديد بالضرب إذا نام على لوحة المفاتيح.

وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً: «لقد تعرض للصعق بالكهرباء والضرب، لكنه لم يخبرني بالتفاصيل، حتى لا أفكر بالأمر كثيراً».

ثم تم «بيع» زوجها ونقله إلى موقع آخر، لكنه تمكن من نقل بعض المعلومات بشأن ظروفه إلى زوجته، خلال الدقائق المعدودة التي يُسمح له فيها باستخدام جواله، فيما يصادره منه مشغلوه طوال الوقت المتبقي.

غالباً ما تكون عمليات التواصل النادرة، وأحياناً بكلمات مشفرة، الأدلة الوحيدة التي تساعد مجموعات الناشطين والسلطات على تحديد المواقع قبل إطلاق عمليات الإنقاذ.

«أمر غير إنساني على الإطلاق»

بين عام 2020 وسبتمبر (أيلول) 2024 أعادت جاكرتا أكثر من 4700 إندونيسي أُجبروا على إجراء عمليات احتيال عبر الإنترنت من ثماني دول، بينها كمبوديا وبورما ولاوس وفيتنام، بحسب بيانات وزارة الخارجية.

لكن أكثر من 90 إندونيسياً ما زالوا أسرى لدى هذه الشبكات في منطقة مياوادي في بورما، على ما يقول مدير حماية المواطنين في وزارة الخارجية جودها نوغراها، مشيراً إلى أنّ هذا العدد قد يكون أعلى.

وتؤكد إندونيسية لا يزال زوجها عالقاً في بورما أنها توسلت إلى السلطات للمساعدة، لكنّ النتيجة لم تكن فعّالة.

وتقول المرأة البالغة 40 عاماً، التي طلبت إبقاء هويتها طي الكتمان: «إنه أمر غير إنساني على الإطلاق... العمل لمدة 16 إلى 20 ساعة يومياً من دون أجر... والخضوع بشكل متواصل للترهيب والعقوبات».

ويقول جودا: «ثمة ظروف عدة... من شأنها التأثير على سرعة معالجة الملفات»، مشيراً خصوصاً إلى شبكات مياوادي في بورما، حيث يدور نزاع في المنطقة يزيد من صعوبة عمليات الإنقاذ والإعادة إلى الوطن.

ولم تتمكن الوكالة من التواصل مع المجلس العسكري البورمي أو المتحدث باسم جيش كارين الوطني، وهي ميليشيا تسيطر على المنطقة المحيطة بهبا لو، بالقرب من مياوادي.

وتشير كمبوديا من جانبها إلى أنها ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المحتالين، لكنها تحض أيضاً إندونيسيا والدول الأخرى على إطلاق حملات توعية بشأن هذه المخاطر.

وتقول تشو بون إنغ، نائبة رئيس اللجنة الوطنية الكمبودية للتنمية، في حديث إلى الوكالة: «لا تنتظروا حتى وقوع مشكلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك. هذا ليس بحلّ على الإطلاق».

وتضيف: «لن نسمح بانتشار مواقع الجرائم الإلكترونية هذه»، عادّة أن التعاون الدولي ضروري لوقف هذه المجموعات، لأنّ «المجرمين ليسوا جاهلين: ينتقلون من مكان إلى آخر بعد ارتكاب أنشطتهم الإجرامية».

«جحيم»

تقول هانيندا كريستي، العضو في منظمة «بيراندا ميغران» غير الحكومية التي تتلقى باستمرار اتصالات استغاثة من إندونيسيين عالقين في فخ هذه الشبكات: «الأمر أشبه بعبودية حديثة».

وتمكّن بودي من الفرار بعد نقله إلى موقع آخر في بلدة بويبيت الحدودية الكمبودية.

لكنه لا يزال يذكر عمليات الاحتيال التي أُجبر على ارتكابه. ويقول: «سيظل الشعور بالذنب يطاردني طوال حياتي».