لطالما كان الإرث والتقاليد شيئين شديدي الأهمية بالنسبة إلى نادي أتليتكو بلباو. في عالم كرة القدم الحالي الذي تتحكم فيه العولمة على نحو متزايد، والأرقام المستفزة للأموال وتكاليف صفقات اللاعبين، تتعلق قصة أتليتكو بالابتكار مع اعتماد شبه كلي على أكاديمية الناشئين الخاصة بالنادي، «كانتيرا»، واللاعبين الذين يجلبونهم من خلال منظومتهم الخاصة.
لدى أتليتكو سياسة تسمح فقط للاعبين من أبناء إقليم الباسك بالانضمام للفريق. وهذا يعني أن كل اللاعبين الذين يرتدون قميص الفريق الشهير ذا اللونين الأحمر والأبيض، ينحدرون من مجتمعات إقليم الباسك ونفارا في إسبانيا وشمال الباسك في فرنسا. لا وجود لهذه السياسة القائمة على الاعتماد على أبناء الباسك فقط، في لوائح النادي، ومن ثم فهي ليست قاعدة رسمية. وفي حال رغب أحد المرشحين لرئاسة النادي إلغاء العمل بهذه السياسة لمحاولة المنافسة مع ريال مدريد وبرشلونة، فسيكون بمقدوره هذا. ولكن، بوصفه واحدا من ثلاثة أندية فقط لم تهبط قط من دوري الدرجة الأولى الإسباني «لاليغا» (الناديان الآخران هما ريال مدريد وبرشلونة)، فإن نموذج أتليتكو يبدو ناجحا.
وعلى مدار تاريخ أتليتكو الذي يبعث على الفخر والممتد على مدى 118 عاما، لم يتعهد أي من المرشحين لرئاسة النادي بالقطيعة مع هذه السياسة، كما أنه ليس هناك أي صوت معارض قوي من جانب سكان الإقليم. وهم متحدون إلى حد بعيد في الحفاظ على هذا التقليد والحفاظ على هوية الباسك. كانت لدى جار أتليتكو، فريق ريال سوسيداد، المنتمي للباسك أيضا، سياسة مشابهة حتى عام 1989، عندما تخلوا عنها وتعاقدوا مع المدافع الآيرلندي الدولي جون ألدريدج من ليفربول لمحاولة زيادة قدرة الفريق على المنافسة.
تحدد مقولة «استعن بالحجر والمشجعين ولا تلجأ للاستيراد»، سياسة أتليتكو، وهي تعني «لا حاجة للتعاقدات الأجنبية في وجود المواهب الوطنية والدعم المحلي». سيقول المتهكمون على هذه السياسة إن أتليتكو مقيد بهويته، لكن عملية الاختيار الخاصة لديهم تعني أن بمقدورهم تركيز وقتهم وأموالهم على اكتشاف المواهب المحلية وتنشئة اللاعبين ضمن صفوف الفريق، وفي ذلك نموذج مغاير لتنظيم وإدارة شبكة عالمية.
ويبدأ كل شيء من خلال نادي «سي دي باسكونيا» وهو الحلقة المغذية لأتليتكو، وهو ناد يلعب في دوري الدرجة الرابعة الإسباني، والخطوة الثانية على هذا السلم هي فريق أتليتكو «ب»، الذي يلعب في الدرجة الثالثة «سيكوندا»، وهي نظام من أربع مسابقات يضم 80 فريقا تلعب في مستوى يلي الدرجتين الأولى والثانية. وبالنسبة لفريق أتليتكو الحالي، هناك 5 لاعبين فقط لم يلعبوا ضمن صفوف الفريق «ب» قبل انضمامهم للفريق الأول. أما أحدث خريجي هذا النظام الذي تألق على ملعب سان ماميس، فهو إناكي ويليامز، الذي التحق بالفريق الأول الموسم الماضي.
وعندما سجل ويليامز، المولود بإقليم الباسك لأب غاني وأم ليبيرية (ولهذا استحق اللعب للنادي) في مباراة فريقه ضد تورينو في 2014، أصبح أول هداف أسود في تاريخ النادي. وكان ويليامز من اللاعبين الذين ساهموا في فوز أتليتكو على برشلونة في بداية هذا الموسم، والفوز بكأس السوبر الإسبانية، وهو أول الألقاب الكبرى التي يحصدها الفريق منذ 1984. وبهذا الانتصار، أثبت النادي صحة فلسفته. لقد كان هذا اللقب هو الأول لأتليتكو بلباو منذ 31 عاما، وبالطبع كان له معنى كبير لأنه ضد برشلونة وبنتيجة كبيرة (5 - 1 بمجموع المباراتين في ذهاب وإياب كأس السوبر الإسبانية). ويعد نجاح هذا النادي لافتا إلى حد كبير بالنظر إلى أن النادي يقوم على تطوير وتنشئة لاعبين من أبنائه.
وليس هناك سوى القليل جدا من الأندية الأخرى في العالم التي تنتهج سياسة مشابهة. فعلى سبيل المثال لا يسمح نادي شيفاز دو غوادالاخارا، سوى للاعبين المكسيكيين بارتداء قميصه. وأكاديمية هذا النادي هي التي أفرزت كارلوس فيا وخافيير هيرنانديز. ومع هذا، فالنادي المكسيكي يشبه أتليتكو من زاوية أنه واحد من أكثر الأندية نجاحا في البلاد.
إن هذا النهج الذي يعطي الأولوية للموهبة المحلية، نهج قديم قدم اللعبة نفسها. وعليك فقط النظر إلى نشأة إنترناسيونالي الإيطالي، الذي تأسس لضم لاعبين أجانب على خلاف أبناء العم، الميلان. ونادرا ما يكون لمثل هذه السياسات وجود حاليا، لكن مشجعي كرة القدم التقليديين سيسعدون لمعرفة أنه، رغم تغير الزمن، يمكن لهذه الفكرة أن تحقق الاستمرارية، بل وحتى النجاح.
الأجانب ممنوعون في أتليتكو بلباو
النادي الإسباني العريق يعتمد فقط على مواهبه المحلية من إقليم الباسك
الأجانب ممنوعون في أتليتكو بلباو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة