تونس: اقتراح بإعفاء نجل الرئيس لتجاوز أزمة الحزب الحاكم

الاتحاد التونسي للشغل ينأى بنفسه عن معركة القيادات السياسية في حزب النداء

تونس: اقتراح بإعفاء نجل الرئيس لتجاوز أزمة الحزب الحاكم
TT

تونس: اقتراح بإعفاء نجل الرئيس لتجاوز أزمة الحزب الحاكم

تونس: اقتراح بإعفاء نجل الرئيس لتجاوز أزمة الحزب الحاكم

طرحت القيادات السياسية لحزب النداء، خلال لقائها أمس مع الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، اقتراحين خلال هذا الاجتماع الاستثنائي الرامي إلى إخراج الحزب من عنق الزجاجة.
ويقضي الاقتراح الأول بالمضي قدما في ما أقره «مؤتمر سوسة»، والتسريع بتنظيم مؤتمر انتخابي خلال أربعة أشهر، بدل شهر يوليو (تموز) الذي تم تداوله في المقترح الأصلي، ولكن مع اشتراط تولي ثلاثي مكون من سلمى اللومي (وزيرة السياحة)، وبوجمعة الرميلي (المدير التنفيذي السابق لحزب النداء)، ورضا بلحاج (المستشار السياسي للباجي) تسيير شؤون حزب النداء إلى حين تنظيم المؤتمر، وانتخاب قيادة سياسية تحظى بشرعية الصندوق.
وسيكون هذا المقترح على حساب حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس التونسي، الذي تولى بعد انعقاد مؤتمر سوسة زمام الأمور بعد استقالة محسن مرزوق، منافسه المباشر، من الأمانة العامة، وأصبح مديرا تنفيذيا لحزب النداء والممثل القانوني له. ويعني هذا المقترح، الذي لقي استحسانا من قبل الحاضرين في الاجتماع، إنهاء مسؤوليات حافظ قائد السبسي من الحزب، وإبعاده عن منطقة التجاذبات السياسية، ودحض تهمة توريث الحزب من الأب المؤسس إلى الابن الوريث.
ونفى الباجي الاتهامات الموجهة إليه بتوريث ابنه حافظ على رأس حزب النداء، وقال بمناسبة احتفال تونس بالذكرى الخامسة للثورة إنه «لا توريث لي، وكل تونسي يعد واحدا من أبنائي، ولا توريث لبورقيبة أو للباجي أو لغيرهما»، في محاولة لدحض الاتهامات التي خلفت نحو 30 استقالة داخل الحزب الحاكم، إثر اختيار نجل الرئيس مديرا تنفيذيا للحزب وممثلا قانونيا له.
وأضاف الباجي أنه استقال من حزب النداء منذ توليه الرئاسة، إلا أن الاستقالة لا تمنعه من القيام بدور وطني في حال وجود مشاكل تهدد استقرار الحياة السياسية والتوازنات التي حكمتها بعد انتخابات 2014، غير أن تعيين ابن الباجي على رأس الإدارة التنفيذية، وتحمل المسؤولية القانونية للحزب، تؤكد سيطرته على جميع مفاتيح العمل السياسي داخل النداء، وهو ما لا يتماشى مع أحدث تصريحات الرئيس التونسي.
وفي ظل تنامي الاستقالات في صفوف القيادات السياسية للحزب الحاكم في تونس، تدخل الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي من جديد لرأب الصدع، ومحاولة إنقاذ ما تبقى من حزب النداء، بعد تأكد استقالة 17 نائبا، وتشكيلهم لكتلة برلمانية مستقلة عن الحزب الأم.
واجتمع الباجي مع عدد من قيادات حزب نداء تونس، أو ما تبقى من قيادة الحزب الحاكم في قصر قرطاج، واستقر الرأي على تأجيل اجتماع الهيئة التنفيذية المنبثقة عن المؤتمر التأسيسي، الذي عقد بمدينة سوسة يومي 9 و10 من الشهر الحالي، إلى حين إقرار توافق لإخراج الحزب من الأزمة العاصفة التي لحقت به.
وبرفض عدة مقترحات للصلح بين قيادات حركة نداء تونس، ومن بينها مبادرات من الرئيس السبسي، تكون صفحة من تاريخ الحزب الحاكم قد طويت، وأصبح من الضروري تبعا لذلك البحث عن طريقة لطي الصفحة نهائيا، والكشف عن معادلات سياسية جديدة تعترف بالاختلاف الكبير الذي كان يشق حزب النداء منذ تشكيله قبل نحو ثلاث سنوات، وبرجوع حركة النهضة إلى الواجهة السياسية.
ووفق مصادر مطلعة من حزب النداء تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، فإن الاقتراح الثاني صدر عن ناجي جلول، القيادي في حزب النداء ووزير التربية الحالي، غير أنه لم يحظ بكثير من الاهتمام، ويتضمن تشكيل مكتب سياسي مكون من 21 عضوا منتخبا، يكون ممثلا لكل الأطراف والتوجهات السياسية. ويتشكل هذا المكتب من عشرة أعضاء يمثلون نواب البرلمان عن حزب النداء، وعضوين يمثلان الوزراء في الحكومة، وعضوين يمثلان الهيئة التأسيسية للحزب، وثلاثة أعضاء يمثلون المنسقين في الجهات، على أن يتولى الباجي قائد السبسي، الرئيس الشرفي للحزب، أو بقية الأطراف السياسية اختيار أربعة أعضاء يعدلون الكفة، ويقيمون التوازن بين مختلف مكونات الهيئة. فيما يتولى المكتب السياسي الممثل لكل الأطياف السياسية الإعداد للمؤتمر الانتخابي المزمع عقده في نفس التاريخ المعلن عنه، أي شهر يوليو المقبل.
وفي السياق ذاته، نأى الاتحاد التونسي للشغل (كبرى النقابات العمالية في تونس) بنفسه عن معركة القيادات السياسية في حزب النداء، ونفى نفيا قاطعا ما تم تداوله بخصوص لقاء جمع حسين العباسي الأمين العام للاتحاد، بحافظ قائد السبسي نجل رئيس الجمهورية. كما نفى الاتحاد أيضا ما تم الترويج له حول لقاء محسن مرزوق بأعضاء الاتحاد الجهوي للشغل بمدينة صفاقس، وفند هذه الأخبار، وقال إن الغاية من نشرها «إثارة الفتنة والتحريض ضد نقابة العمال».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.